العرب سيدفعون لترامب ثمن حرب لم تحدث

الكاتب: حافظ البرغوثي
منذ الصيف الماضي وقادة حماس في الخارج يفاوضون بطريق غير مباشر مع اميركا وتل ابيب بهدف البقاء في غزة ولو كشرطة فقط لأنهم يعتقدون ان الإبقاء على الإنقسام الفلسطيني مصلحة اسرائيلية وتمت إطالة أمد الصفقات للأسرى وسلسلتها كمسلسل تركي لهذا الهدف واستطاب نتنياهو منحه وقتا اضافيا للإبادة الشاملة والقضاء على اكبر عدد ممكن من السكان ومحو المدن واجبارهم على الهجرة فيما لو تم له ذلك او وجد منفذا في المحيط العربي .فالفترة الماضية التي شهدت تسمين حماس بالدولار القطري بطلب اميركي اسرائيلي انتهت وأشهر نتنياهو مشروعه للشرق الاوسط الجديد الذي نسجه على مدى سنوات الى حيز التنفيذ .
الآن هو مع ترامب لا يبحثان التهجير فقط ولا إبادة المشروع النووي الايراني بل معادلة تقاسم النفوذ الجديدة في الكعكة العربية المتاحة حاليا اكثر من أي وقت مضى لكل الذئاب المحيطة بالارض العربية. لا تصدقوا ان ترامب سيقصف ايران فالحشد الاميركي والتجييش في المنطقة هدفه التخويف فقط لأن ايران سارعت الى لجم أذرعها العربية .
فهناك مفاوضات جارية بين طهران وواشنطن لإيجاد حل وسط سرعان ما سنراه مجسدا على الأرض أي التوافق على حل للمشروع النووي الايراني.
وايران من ناحيتها تهدد بقوتها الصاروخية التي ثبت انها غير فعالة بسبب الدرع الصاروخية الاميركية في المنطقة التفجيرية واكثر ما تستطيعه ايران ان تهدد الدول العربية المجاورة ولن تحتاج الى اسلحة غير تقليدية بل صواريخ ومدافع فقط . بعد انجلاء غبار التهديدات والتجييش الاميركي ستكون الصورة كالتالي. وجود اميركي مكثف في العراق وتركيا وقطر والمياه العربية كلها بحيث تكون المنطقة في متناول القدم الاميركية وليس اليد فقط ، وهنا يستطيع ترامب تهجير غزة وربما الضفة الى حيث يشاء . فالإستراتيجية الاميركية منذ الخمسينات حتى الآن ترتكز على الحفاظ المربع الشيطاني المحيط بالعالم العربي أي ايران وتركيا واسرائيل واثيوبيا ، وكرر رؤساء اميركا ذلك وحافظوا على ذلك إبان الحرب العراقية الايرانية وامدوا مع اسرائيل طهران بالسلاح .
ومنذ الثمانينات والتهديدات الاميركية ضد ايران متواصلة لكنهم لم يمسوها بسوء باستثناء اغتيال سليماني الذي سارع ترامب الى احتوائه برد مضاد متفق عليه بقصف صاروخي صوتي لقاعدة اميركية لا غير.
سنشهد لاحقا سيطرة فعلية اسرائيلية اميركية في المنطقة وسيبقي الاميركيون على النفوذ الايراني في العراق لأن إفلات العراق من الهيمنة الايرانية سيجدد النفس القومي فيه .وستتاقسم اسرائيل وتركيا النفوذ في سوريا وستظل اميركا متواجدة في العراق وشمال سوريا بينما سيجد لبنان نفسه في الحضن الاميركي طلبا للسلامة مع هيمنة عسكرية في جنوبه. وفي النهاية سيطالب ترامب دول االخليج في ظل تواجده العسكري الكثيف بدفع فاتورة حرب لم تحدث .
بقي ان اقول ان العبد الفقير كتب مرارا في صحيفة الخليج قبل سنوات ان اليهودي من المستحيل ان يقاتل من اجل غير اليهود فلا تركنوا الى دعم اسرائيلي في مواجهة ايران ، وان المبدأ الايراني هو ان لا تمس ايران ومن يقتل خارجها من حلفائها العرب ليس مهما . واذكر هنا ايضا ان النائب المصري محمد عبد اللاه وهو قيادي في الحزب الوطني زمن الرئيس مبارك زار ايران ذات سنة واجتمع مع رئيس مجلس الشورى الايراني وفوجيء به يقول لماذا لا تتحد ايران ومصر فهما الحضارتان الوحيدتان في المنطقة وبينهما مجر بدو رحل!الخلاصة العرب سيدفعون ثمن الحرب إن حدثت او لم تحدث .