الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:11 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:01 PM
العشاء 8:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

نتنياهو... من تغيير الشرق الأوسط إلى تغيير إسرائيل

الكاتب: نبيل عمرو

بعد زلزال السابع من أكتوبر 2023، دخلت إسرائيل حرباً لم تتوقع طول أمدها وفداحة خسائرها، كما لم تقدر بدقة امتداداتها لتتطور إلى ما هو قريبٌ من حربٍ إقليمية، وصفها بنيامين نتنياهو بحرب الجبهات السبع، والحرب الوجودية بالنسبة لإسرائيل.

ووضع لها هدفاً أكبر بكثير من إمكانياته حتى لو شاركته أمريكا فيها، هو تغيير الشرق الأوسط، بحيث يتحول إلى منطقة نفوذ إسرائيلية تكون فيه الدولة العبرية صاحبة اليد العليا في أمنها واقتصادها وخياراتها السياسية، بتعميم مسار أبراهام التطبيعي.

غير أن أمرين حدثا والحرب ما تزال مشتعلة، الأول رأى فيه نتنياهو تطوراً استراتيجياً لصالحه، وهو وصول ترمب إلى البيت الأبيض بفوزٍ منقطع النظير، يغري بإعادة إحياء صفقة القرن بعنوان مختلف ولكن بمضمون أكثر إجحافاً بحقوق الفلسطينيين.

والثاني في غير صالحه وهو اتساع الانهيارات والاشتعالات الداخلية في إسرائيل ليس فقط بفعل ما انتجته الحرب الطويلة من خسارات لم تتعود عليها طيلة عمرها وكثرة حروبها، وإنما من خلال التغيير الشامل الذي يقوده الائتلاف اليميني الحاكم.

ولأول مرة في تاريخ إسرائيل يترافق التغيير وفق أجندة اليمين مع الحرب التي إن هدأت في مكان تشتعل في مكان آخر، وإن تم احتواءها بهدنة وعملية تبادل وفق سيناريو وضعته إدارة بايدن فإن عودتها للاشتعال يبدو حتمياً مع إدارة أخرى، وهذا ما وصلت إليه الأمور الآن.

الشرق الأوسط منذ وجد على خريطة الكون لم يتغير ولن يتغير، لا بفعل صراعاته الداخلية المنتشرة فيه كانتشار الشرايين في الجسد، ولا بقوة التدخلات الخارجية واستقطاباتها واستثماراتها الخاسرة فيه على الدوام، فكل الحروب التي اشتعلت على أرضه لم تنتهي إلى نتائج حاسمة بقدر ما كانت مقدمات لحروبٍ جديدة، حتى المعاهدات التي تم ابرامها تحت عنوان السلام، وإنهاء الحروب، خصوصاً بين دولتي التماس المباشر مع إسرائيل مصر والأردن وإن كانت أنهت حروب الجيوش النظامية إلا أنها لم تنهي حروباً أخطر وأعمق وأفدح خسائر، أنتجها الشرق الأوسط وليس آخرها حرب الجبهات السبع التي إن تكسّرت بعض حلقاتها وحتى لو تكسرت كلها فسوف يبقى الشرق الأوسط على حاله، تجتاحه الفوضى والقضايا الداخلية والبينية التي لا حل لها، ومن ضمنها القضية الأهم والأقدم والأعمق، قضية فلسطين.

لا شك في أن هنالك تغيرات حدثت أكثر من مرة وبعد أكثر من حرب، على أحجام القوى وبلوغ تسويات هشةٍ على بعض جبهاتها، إلا أن حكاية تغيير هذا اللغز الكوني المسمى بالشرق الأوسط، ليكون مستوطنة إسرائيلية وحتى أمريكية أم الولاية الثانية والخمسين بعد كندا، يبدو وهماً، وإن تحققت بعض مظاهره فالحقيقة الأقوى تقول، إن كل ما يتصل بالشرق الأوسط مؤقت ومتحرك ومفاجئ.

ألم تفكر أمريكا جدياً بالانسحاب منه؟

ألم ينسحب قبلها أو يطرد الاتحاد السوفياتي منه؟

ألم تتكيف الصين مع الفوضى والصراعات المتفجرة فيه لتدخل إليه من باب البضائع الرخيصة والتجارة المربحة؟

حرب تغيير الشرق الأوسط وفق طروحات نتنياهو تحوّلت في الواقع إلى حرب تغيير إسرائيل ذاتها، وكل شيء فيها صار موضوع صراعٍ واقتتال يلامس الحافة على مستوى التهديد الوجودي وهذا ما يقال في إسرائيل ذاتها.

الحرب على غزة وامتداداتها القديمة والمحتملة، ليست محل إجماع في إسرائيل مثلما كانت عليه الحروب السابقة، والتغييرات القضائية التي يعمل عليها الائتلاف الحكومي بقيادة الثلاثي نتنياهو بن غفير سموتريتش قسّمت المجتمع الإسرائيلي إلى قسمين، بينمها صراعٌ يتعمّق كل يوم وينتقل من واجهات القوى السياسية ومؤسسات الدولة إلى الشارع العام.

والصراع بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية والعسكرية، وصل حدّ إقالة كل ضابط مسؤول من رتبة جنرال إلى وزير، لمجرد اختلافه معه، وآخره إقالة رئيس الشاباك ليس لتقصيره الظاهر في زلزال السابع من أكتوبر، وإنما لما لديه من معلومات موثقة على فساد نتنياهو ومكتبه، ويهدد بنشرها وآخرها "قطر جيت" وقضايا أخرى.

هذا الذي يجري في إسرائيل داخلياً لا يملك نتنياهو من سلاح لإبعاد عصفه المتنامي عن رقبته سوى الحرب التي يسعى لتجديدها على كل جبهاتها من غزة إلى لبنان إلى سوريا إلى اليمن ثم إيران.

حتى صارت الحرب الدائمة وبفضل ظاهرة نتنياهو هي السبب الوحيد للبقاء في السلطة، ولكل من يحكم إسرائيل أسبابه وتسميته الخاصة به للحروب التي يخوضها، وإذا ما كان من نجاحٍ أكيد لنتنياهو فهو وضع إسرائيل في قالب حربي لا مخرج منه ولا خلاصات حاسمة له.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...