الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:46 AM
الظهر 11:52 AM
العصر 3:07 PM
المغرب 5:42 PM
العشاء 6:57 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

اذكروا محاسن ترمب

الكاتب: نبيل عمرو

منذ حملته الأولى التي أتت به رئيساً وإلى أيامنا هذه، حيث النجاح ثم السقوط ثم النجاح، والسيد دونالد ترمب هو أكثر الأسماء تداولاً في وسائل الإعلام، وقلّما حدث في أمريكا بالذات أن يسقط مرشح رئاسي في الانتخابات ليمضي أربع سنوات كما لو أنه رئيس ظل، وليخوض حملةً انتخابية من الأيام الأولى لسقوطه، حتى عودته ثانيةً إلى البيت الأبيض، كل هذا حدث مع دونالد ترمب.

العالم كله يحبس أنفاسه بفعل مفاجآته غير المحسوبة وغير المتوقعة، وحين فاز للمرة الثانية وتلاشت تطميناته للعالم التي نثرها خلال حملته عاد التخوف منه بصورة أشد ومنذ الأيام الأولى بدا كما لو أن العالم يتعامل مع رجل آخر مختلف كثيراً عن ذلك الذي قدّم نفسه في حملته الانتخابية.

قبل دخوله البيت الأبيض كان يمارس دور الرئيس المؤثر في القرارات والسياسات، نُسب إليه التوصل لوقف إطلاق النار في لبنان وإلزام كل الأطراف بالموافقة والتقيد بقرار مجلس الأمن 1701، كما نُسب إليه التوصل إلى اتفاق غزة والتقيد بتنفيذه، مع أن واضع الصيغة والسيناريو هو خصمه بايدن وطاقمه الذي دار في حلقة مفرغة على مدى خمسة عشر شهراً دون نتيجة.

 هذا ما فعله عندنا وما ولّد انطباعاً بأن الرجل يملك عصاً سحرية، يضعها على أصعب القضايا فتُحل، وبالنسبة لنا أهل الشرق الأوسط فقد أخذنا وعوده بشأن إنهاء الحروب واستبدالها بحلول، على أنها وعود مقتدر، بوسعه النجاح في كل ما فشل فيه غيره.

وقف الحرب على لبنان، وصفقة وقف النار والتبادل في غزة، سُجّلت له كإنجازات مميزة، وهذا ما لا يصح إنكاره أو التنكر له، وإلى هذا الحد فإن هذا يُسجّل في ملف محاسنه.

غير أن محاسن أخرى لم يكن ليقصدها حدثت بالفعل، وهنا أسوق عدة أمثلة عليها.

 

أوروبا

أيقظ ترمب الحليف الأوروبي على حقائق كان مضطراً للتحايل عليها بفعل عدم قدرته على تلبية احتياجاتها.

أوروبا الحصن الأمامي للعالم الغربي، من خلال الناتو يراود قواه السياسية الحاكمة والمتطلعة للحكم شعورٌ مشترك بأن الحليف والسند الأكبر لا يتورع عن خيانتها مقابل المال، وليس فقط فيما يخص رفع نسبة إسهامها في الإنفاق على الناتو ومتطلباته الضخمة وإنما "بالمهاودة" المبالغ فيها بشأن الحرب الأوكرانية الروسية، التي وصلت حد اعتبار كل ما قدّم للبلد الأوروبي مجرد دين أمريكي يتعين سداده، ليس فقط من ثرواته وإنما من خلال تنازله عن أراضٍ تتطلبها مساوماته مع بوتين تحت عنوان إنهاء الحرب.

أوروبا ومن محاسن تلاعب ترمب بأمنها الاستراتيجي أنها وجدت نفسها مضطرةً للتعامل بجدية مع خفض مستوى الاعتماد على المظلة الأمريكية وذلك بتأمين مظلة حماية لها من ذاتها وعلاقاتها، لم يحدث أمرٌ كهذا من قبل ولو أن التلويح به من كلا الجانبين الأمريكي والأوروبي كان يتم بين وقت وآخر.

 

المملكة العربية السعودية

كانت المملكة وربما ما تزال وجهته الأولى في زياراته الخارجية التي ينوي القيام بها، وبالنسبة لترمب، فإذا كان يتطلع إلى إنجاز استثمارات سعودية بمئات المليارات، إلا أنه يتطلع إلى تتويج مسيرة التطبيع التي أسسها بإقدام السعودية عليها، غير أن ما لم ينتبه إليه بهذا الشأن أنه ومن خلال إنكاره على السعودية التزامها بالدولة الفلسطينية كشرط للتطبيع، وفّر لسياستها ومواقفها استفتاءً عالمياً أكّد صدقيتها في هذا الأمر، ولو جرى استطلاع رأي محايد حول من الأكثر صدقية، الموقف الأمريكي الذي تحدث به ترمب، أم الموقف السعودي لفاز الثاني بنسبة تفوق التسعين بالمائة.

ترمب لم يقصد ذلك، ولكن هذا ما حدث.

 

مشروع التهجير والاحتشاد الإقليمي والدولي غير المسبوق

مع تسجيلنا لمحاسن وقف إطلاق النار على غزة، إلا أن ترمب بدد هذا الإنجاز بالمشروع اللاأخلاقي الذي عرضه بشأن اليوم التالي، ما أظهر أن مأثرته بوقف النار كانت مجرد مقدمة لمشروعٍ عقاري سياحي، يقيمه على جثث ضحايا غزة، وأنقاض بيوتهم، بعد تهجيرهم إلى أي مكان يقبل بهم من دول الجوار أو أي دول أخرى.

من محاسن ترمب أنه مزّق الغلاف الأخلاقي للسياسة الأمريكية، وأيقظ العرب جميعاً على خطرٍ محدقٍ بهم، يستوجب تعميق وحدتهم في الموقف منه، والعمل على إحباطه في مهده، وهذا ما حدث.

أخيراً وباختصار شديد، فإن محاسن ترمب تكون غالباً هي المبتدأ والسم القاتل الذي يليها هو الخبر، وهذا أخطر ما في الأمر.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...