الربح من تحت الأنقاض.. من التعاطف إلى استغلال المعاناة

الكاتب: مريم شومان
في خضم الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، ومع تزايد حجم الدمار والمعاناة؛ تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات لجمع التبرعات ونشر الاستغاثات، وخلال حرب الإبادة على غزة لم تعد المأساة مجرد قضية إنسانية تستدعي الدعم والتضامن، بل تحولت لدى البعض إلى فرصة لتحقيق مكاسب شخصية.
ظهرت فئات تستغل مشاهد الدمار والضحايا لإثارة عواطف المتابعين من أجل جمع الأموال سواء عبر التسول الإلكتروني أو استغلال التبرعات، أو حتى استثمار المعاناة لتحقيق نفوذ سياسي أو شهرة إعلامية، في الوقت الذي لا يوجد فيه أي ضمان حقيقي لوصول هذه الأموال إلى مستحقيها.
بعض هذه الأموال تذهب لجيوب أشخاص يجنون مئات آلاف الدولارات باسم المساعدات والمبادرين، بينما يعاني أهل غزة الجوع والبرد والفقر، إلى جانب استغلال التبرعات، ظهرت فئة أخرى تستثمر المأساة من أجل تحقيق النفوذ الإعلامي والشهرة، بحيث تستغل بعض الشخصيات المؤثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور الحرب والدمار للحصول على المشاهدات والتفاعل، فيما تتنافس بعض وسائل الإعلام لتغطية نكبة غزة ليس بهدف نقل الحقيقة، بل لتحقيق مكاسب سياسية أو إعلامية أو خدمة لأجندة معينة.
وبهذا يتم تحويل القضية الفلسطينية إلى مادة للاستهلاك الرقمي، حيث يتسابق البعض على نشر المحتوى العاطفي دون التحقق من صحته، ما يساهم في انتشار المعلومات المضللة، والأسوأ أن بعض الجهات تستخدم معاناة غزة لجذب الرعاة الإعلانيين وزيادة الأرباح الشخصية في تجاهل تام لمعاناة الغزيين الحقيقية.
إن الاستغلال العشوائي لمعاناة غزة لا يقتصر على التسول الالكتروني أو استثمار التفاعل الرقمي؛ بل يمتد ليعرقل جهود إعادة الإعمار وتوزيع المساعدات بعدالة، ومع تزايد حملات جمع الأموال غير الموثوقة، يفقد الكثير من المتبرعين الثقة في حملات المساعدة مما يؤثر سلبا على الجهات الإنسانية الجادة التي تحتاج إلى الدعم المستمر.
كما أن وجود وسطاء غير رسميين في عمليات توزيع المساعدات يؤدي إلى سوء توزيعها، حيث تصل إلى فئات معينة وتُحجب عن أخرى ما يعمّق المعاناة بدلا من حلها، هذا العبث في توزيع المساعدات يخلق فجوات كبيرة ويجعل المحتاجين الفعليين آخر من يستفيد من التبرعات التي يتم جمعها باسمهم.
تحتاج غزة إلى دعم حقيقي قائم على المسؤولية والعدالة وليس إلى متاجرين بمأساتها، كما يجب أن تكون المساعدات والتبرعات وسيلة لتخفيف آلامهم لا مصدرا للربح السريع، إذ حين يتحول الألم إلى تجارة يفقد التضامن معناه ويصبح الغزيون مجرد وسيلة في لعبة المصالح.