الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:55 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 3:04 PM
المغرب 5:35 PM
العشاء 6:51 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الاختبار الأصعب للفلسطينيين والعرب

الكاتب: طلال عوكل

إذا كانت المنطقة العربية وهي قلب الشرق الأوسط، قد شهدت تاريخياً صراعات إقليمية ودولية، تستهدف السيطرة عليها لأسباب إستراتيجية لا تخفى على أحد، فإنها في هذه الأوقات، تتعرّض لواحدة من أخطر المراحل في الصراع الكوني على أسباب ومواقع ومصادر القوة.
المخططات التي تستهدف المنطقة العربية لم تعد أسراراً ولا تنطوي على غموض، بل إن القوى التي تستهدفها، ما عادت تخجل من طرح أهدافها علناً، بما يعفي المحلّلين والسياسيين من الغوص في البحث عن تلك الأهداف ووسائل تحقيقها.
ليست القضية الفلسطينية هي كل ما تسعى القوى الاستعمارية لتصفيتها، فبالرغم من أهميتها كمفتاح للحرب والسلام في المنطقة، إلّا أنّ أهداف تلك القوى تتجاوز ذلك، لتهديد الجغرافيا السياسية، والأنظمة القطرية بعد أن نجحت حتى الآن في إضعاف مقوّمات المشروع القومي العربي.
هكذا يكون النظام العربي الرسمي أمام تحدّيات هائلة فهو أمام خيارين، فإمّا استمرار التشرذم والانقسام، وأحياناً التآمر على بعضهم البعض، وبالتالي الضعف، واختيار طريق التهاون والتخاذل والتساوق، أو استعادة وحدة الموقف والعمل، من موقع التصدّي الفعّال بما يملك، وما يملك كثير، على قاعدة أن كسر حلقة من حلقات السلسلة العربية، يشكل مقدمة لكسر بقية الحلقات.
الفاعلون الذين يستهدفون العرب، ثروات وجغرافيا ومصالح كثر من أميركا ودولة الاحتلال، إلى إيران وتركيا، إلى الصين وروسيا، وأيضاً أوروبا الغربية بالرغم من أنها تمارس عملية الالتحاق بالسياسة الأميركية حتى الآن.
العرب، مجتمعين حتى الآن، هم الغائب الأساسي، الذين تتوزّع أدوارهم، على مختلف القوى المتصارعة على المنطقة.
هل نذكّر بأدوار بعض الأنظمة العربية، إزاء ما حلّ بالعراق، وسورية، وليبيا، والصومال، وما يحلّ بالسودان، وهل ثمة من هو بحاجة للتذكير بالمخاطر التي تتعرّض لها كل دولة على حدة، خصوصاً الدول المركزية العربية؟
ثمة قمة عربية قادمة، في 27 من هذا الشهر، المؤشّرات الأوّلية تفترض أنها ستكون مختلفة عن سابقاتها، إذ يبدو أنّ العرب متفقون على مواجهة التهديدات الأميركية، بشأن تهجير سكان قطاع غزّة، وما يتعلّق بـ»اليوم التالي».
لكن المسألة تتجاوز موضوع التهجير و»اليوم التالي»، ذلك أنّ الإجابة العربية المحتملة عن هذه القضايا، تفتح على قضايا أخرى ذات أهمية بالغة إزاء ما سيتبع ذلك من تداعيات لها علاقة بصفقات يحضّر لها الحلف الأميركي الإسرائيلي، نحو هدف تغيير وجه الشرق الأوسط.
المواقف المعلنة حتى الآن إزاء موضوع التهجير و»التملُّك» الأميركي للقطاع، تبدو قوية وموحّدة، لجهة رفض تلك المخطّطات وفق الصيغة والطريقة التي يطرحها دونالد ترامب، وشقيقه التوأم بنيامين نتنياهو.
ترامب البارع في إنجاز الصفقات، رفع السقف عالياً، رغم إدراكه وإدراك الكثيرين، أن ما يطرحه صعب إن لم يكن مستحيلاً، لكنه أراد أن يحقق صفقة تسوية، كحلٍ وسط، يلبّي ما أراده، وسيبدو حينها أنّه قدم تنازلاً إكراماً لحلفائه العرب.
تماماً كما لو كنت ستذهب لشراء سيارة مستعملة من صاحبها فهو سيرفع السعر، إلى ما يزيد على  السعر الذي حدّده بنفسه للسيارة لأنه يدرك أن ثمة مساومة، وأنّ عليه أن يهبط بالسعر، إلى أن يحصل على السعر الذي تستحقه سيارته وبرضاه.
لا نعرف بالضبط ماهية المبادرات، والمشاريع العربية البديلة لأوامر ترامب بالنسبة للتهجير و»اليوم التالي»، وإذا ما كانت ستؤدي إلى حماية الفلسطينيين، وإعادة إعمار القطاع المدمّر والأهمّ ضمان وجود مسار سياسي لتحقيق «حل الدولتين».
حتى الآن المؤشّرات لا تدعو للاطمئنان، فالقمّة العربية الإسلامية التي انعقدت في تشرين الثاني 2023، اتخذت قرارات مهمة، لكنها انكشفت عن جهد يسعى لتوزيع دماء الفلسطينيين على 57 قبيلة. تاريخياً العرب كانوا المسؤولين عن ضياع فلسطين ونكبة العام 1948.
وكما ترك العرب الفلسطينيين يواجهون مصيرهم، خلال الغزو الإسرائيلي للبنان 1982، فقد تركوهم وحدهم في مواجهة تحالف دولي بقيادة أميركا خلال الحرب الإبادية الأخيرة على القطاع.
والعرب اليوم، أيضاً، يتركون الفلسطينيين يخوضون تحدّيات السياسة الاحتلالية الإسرائيلية، التي تسعى لتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتصعيد الإجراءات الرامية لفرض السيادة عليها، بعد أن تخاذل العرب، حينما أعلنت دولة الاحتلال ضم القدس المحتلّة والجولان السوري المحتلّ.
في المقابل يقدم لنا التاريخ، نماذج ناجحة حين تصدّت المقاومة اللبنانية وحدها، للغزو الإسرائيلي للبنان العام 2006، وحين تصدّت المقاومة الفلسطينية وحدها، معركة «طوفان الأقصى» 2023.
هكذا فإن قضية التصدّي لمخطّطات التهجير، سواء في غزّة، أو في الضفّة، حيث تشير «الأونروا» إلى أن الحملات الإسرائيلية أدّت حتى الآن إلى تهجير 40 ألف فلسطيني في الضفّة، التصدي لهذا الملفّ بكلّيته يستدعي البناء على موقف فلسطيني في الأساس.
لا ينبغي لأيّ مبادرة، أو قرار عربي أو مشروع، أن يكون محكوماً للانقسام الفلسطيني المستمرّ حتى الآن، وأن العرب مضطرون لحماية القضية، بسبب غياب أصحابها أو عدم أهليتهم لذلك.
الدعوات لتحقيق توافق فلسطيني على إعادة الاعتبار للدور الفلسطيني قبل القمّة العربية القادمة، تبدو غير ممكنة، حتى وإن كانت ممكنة فثمة من سيعمل على تعطيلها بهذه الطريقة أو تلك كما حصل خلال السنوات المنصرمة.
إزاء ذلك فإنّ المنطق الوطني السليم، ينبغي أن يقوم على قطع الطريق أمام أيّ محاولة لتهميش أولوية الدور الفلسطيني، وذلك من خلال التوافق الجماعي، على أولوية السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، لكي تتسلّم الملفّ وتقود عملية إعمار القطاع.
الاعتراف بهذه الحقيقة والتوافق عليها، لا ينتقص ولا يقلّل من دور المقاومة والفصائل الفلسطينية، التنحّي جانباً والتخلّي عن الحكم إلى أن تتغيّر الأحوال، وتتوفّر الفرصة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، بما في ذلك المنظمة.
إذا كان ذلك مجرّد اجتهاد قد يصيب أو يخطئ، فإنّ التاريخ لن يرحم أصحاب القضية، الذين عليهم أن يعتبروا من دروسه، فإذا كانوا مؤمنين بقضيتهم فإنّ المؤمن لا يُلدَغ من جُحرٍ مرّتين.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...