هناك رب واحد

الكاتب: عمر حلمي الغول
تتدحرج كرة الثلج في رفض خطة الرئيس دونالد ترمب في اصقاع الدنيا وخاصة في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، لأنها تهديد حقيقي للسلم والامن الإقليميين والعالميين، وكونها فكرة شيطانية لا تستقيم مع أي منطق أو قانون وضعي، وتتناقض مع القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ومع مبادئ المعاهدات الدولية وخاصة معاهدات جنيف الأربع. ومن المؤكد ان تعاظم الرفض للخطة الترمبية الكارثية يسهم في التعجيل في وأدها ودفنها، أسوة بما حصل مع صفقة القرن التي تبناها في دورة ادارته الأولى.
ويوم الخميس 13 شباط / فبراير الحالي وقع أكثر من 350 حاخاما، الى جانب عدد من المبدعين والنخب من اتباع الديانة اليهودية في الولايات المتحدة على اعلان نشر في صحيفة "نيويورك تايمز، أدانوا فيه خطة ترمب الداعية الى أوسع عملية تطهير عرقي ضد أبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة والضفة الفلسطينية بما فيها القدس العاصمة. لا سيما وانه وافق بشكل واضح في مؤتمراته الصحفية على ضمها لإسرائيل.
ومن بين الحاخامات الموقعين على الإعلان: شارون بروس، ورولي ماتالون، وأليسا وايز، بالإضافة الى مبدعين ونشطاء يهود من بينهم: توني كوشنير، وإيلانا جليزر، ونعومي كلاين، وخواكين فينيكس، وجميعهم قالوا بالبنط العريض "لا للتطهير العرقي" للفلسطينيين من ارض وطنهم ودولتهم، الذين نجوا من الهجوم الإسرائيلي المميت على القطاع الضيق "بدون بديل" سوى طردهم من منازلهم.
وقال كودي ادجرلي، مدير حملة "باسمنا" وأحد منظمي الإعلان، انه في "وقت حرج حيث تتغير الخطوط الحمراء السياسية التي كان يُعتقد في السابق أنها غير قابلة للتحرك بسرعة مع ترسيخ تحالف ترمب ونتنياهو مرة أخرى." وأضاف "رسالتنا الى الفلسطينيين، هي انكم لستم وحدكم، وأن اهتمامنا لم يتزعزع، ونحن ملتزمون بالقتال بكل نفس لدينا لوقف التطهير العرقي في غزة." ووصف الحاخام تويا سبتزر اقتراح ترمب – الذي استحضر الإرث المؤلم للنكبة عام 1948، والتي تم خلالها تهجير مئات الالاف من الفلسطينيين قسرا من منازلهم على يد الجماعات شبه العسكرية الصهيونية – بأنه "خطة خبيثة". وفي البيان الصحفي المصاحب للإعلان، قال سيبتزر، الحاخام الرئيسي لطائفة دورشي تسيديك في نيوتن بولاية ماساتشوستس "من الأهمية بمكان أن نضم نحن في المجتمع اليهودي الأميركي أصواتنا الى أصوات كل أولئك الذين يرفضون قبول هذه الخطة الخبيثة، لقد أدى حلم هتلر بجعل المانيا "خالية من اليهود" الى مذبحة اليهود." وتابع "اننا نعلم جيدا مثل أي شخص آخر مدى العنف الذي قد تؤدي اليه مثل هذه الأوهام."
وقال بيتر بينارت، المحرر العام لمجلة "تيارات يهودية"، الذي وقع الإعلان أيضا، "من المرعب للغاية ان نرى الدرجة التي يكون فيها الأشخاص الذين يتمتعون بشرعية واحترام كبيرين في مجتمعنا على استعداد لدعم شيء يعتبر أحد أعظم الجرائم في القرن الحادي والعشرين." وقال الحاخام يوسف بيرمان من مشروع الكنيس الجديد في واشنطن، ان ترمب "يبدو أنه يعتقد أنه الله الذي يملك السلطة للحكم والامتلاك والسيطرة على بلدنا والعالم." وأضاف بيرمان "ان التعاليم اليهودية واضحة، ترمب ليس الها ولا يمكنه ان يسلب كرامة الفلسطينيين المتأصلة أو يسرق أرضهم من أجل صفقة عقارية. أن رغبة ترمب في تطهير غزة عرقيا من الفلسطينيين أمر بغيض أخلاقيا، يرفض القادة اليهود محاولات ترمب لجني الأرباح من النزوح والمعاناة، ويجب عليهم التحرك لوقف هذه الجريمة الشنيعة."
ولعل بيرمان لخص الموقف بشكل جلي وعميق، ترمب ليس الها، وهناك رب واحد لبني الانسان في العالم، ولا يجوز ان يسمح قادة العالم وشعوب الأمم ونخبها السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية والفنانين بتمرير المشروع العقاري الرخيص والخبيث على أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وهذا يستوجب من قادة الرأي واتباع الديانات السماوية الثلاث وكل أصحاب الرأي والفكر الوضعي بمختلف فلسفاتهم ومشاربهم التصدي لهذه الإبادة الاوسع في التطهير العرقي ضد الفلسطينيين من ارض وطنهم، والعمل لدفع عملية السلام لتكريس خيار حل الدولتين على خطوط الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي طردوا وهجروا منها عام النكبة الكبرى 1948 وفي اعقاب هزيمة حزيران / يونيو 1967، بعد تثبيت وقف الحرب بشكل دائم، وإعادة الاعمار وإدخال المساعدات الإنسانية كافة الغذائية والدوائية والمستلزمات الطبية والايوائية لإزالة دوامة الإبادة والعنف والإرهاب وجرائم الحرب الصهيونية.