الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:01 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 3:00 PM
المغرب 5:30 PM
العشاء 6:46 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الترامبية تهز العالم وتلهم نتنياهو: استنفار عربي ولبناني

الكاتب: منير الربيع

ما يُحاول أن يمارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لبنان و"ترفضه" الولايات المتحدة الأميركية والدول الأخرى، هو نفسه ما يُمارسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع فلسطين، الدول العربية والعالم. تُصرّ إسرائيل على ممارسة كل أشكال وأنواع الصلافة والتعدّي في جنوب لبنان، مع الإصرار على تجاوز كل الاتفاقات وإبقاء قواتها في نقاط متعددة، للإمساك بالواقع الأمني والعسكري. ذلك ما تدّعي الولايات المتحدة الأميركية معارضتها له. إذ أن التسريبات تشير إلى رفض الولايات المتحدة تمديد بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب إلى 28 شباط. لكن ترامب في المقابل لا يزال يصرّ على مشروع التهجير في غزّة ولاحقاً في الضفة الغربية. وقد كرّر مواقفه خلال لقائه العاهل الأردني عبد الله الثاني. وذلك ما يلغي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن، والتي سيستعيض عنها بالقمة العربية، وتحضير خطّة عربية مضادة للمشروع الإسرائيلي الأميركي. 
 

الاستباحة الإسرائيلية

مواقف ترامب، وشراسته في تبنّي الخيارات الإسرائيلية هي التي تتيح لتل أبيب أن تصرّ على مواصلة كل التجاوزات لاتفاق وفق إطلاق النار في لبنان. وذلك لا ينفصل عن الخروج الكامل عن كل السياقات الديبلوماسية التي أقدمت عليها نائبة الموفد الأميركي مورغان أورتاغوس خلال زيارتها لبنان، والتصريح الذي أطلقته من قصر بعبدا، وتعبيرها عن الامتنان لإسرائيل وإلحاقها الهزيمة بحزب الله. كل ذلك يمنح غطاء يستفيد منه نتنياهو لاستكمال مشروعه، ووضع لبنان أمام خيارات "الالتزام" بالإملاءات الإسرائيلية، أو مواصلة الاستباحة والاعتداء ومنع الدخول في ورشة إعادة الإعمار، التي على ما يبدو أنها مرتبطة بفروض سياسية على الدولة اللبنانية القيام بها. 

عملياً، يدخل لبنان في مرحلة جديدة يُبنى عليها الكثير من الأمل مع انطلاقة العهد الجديد، وتشكيل الحكومة، والاهتمام في وضع برنامج إصلاحي، مهمته إعادة لم الشمل الداخلي وتعزيز مؤسسات الدولة وانخراط القوى المختلفة بها، وذلك يحظى منذ اللحظة الأولى بدعم عربي ودولي. ولكن ما قد يبدد كل هذه الآمال، هو الإصرار الإسرائيلي على مواصلة الاعتداءات وفرض الشروط والإملاءات، بالإضافة إلى السياق الإسرائيلي الأميركي حول فلسطين وقضيتها ومشروع التهجير. فذلك سيرخي بتداعياته على الوضع في المنطقة ككل. ومشروع تهجير الفلسطينيين والقضاء على القضية الفلسطينية هو مشروع لتفجير المنطقة ككل. كما أن إصرار الإسرائيليين على البقاء في لبنان وعدم التحرك الفاعل من قبل لجنة مراقبة اتفاق وقف النار، ومن قبل الجهات الدولية والعربية، سيسهم في إعادة تجديد عمل المقاومة، وتحرك حزب الله عسكرياً، خصوصاً إذ ما ربط بقاء الإسرائيليين واعتداءاتهم بالضغوط السياسية المستمرة لتأخير مسار إعادة الإعمار. حينها لن تتمكن الدولة من بناء مشروعها في إعادة تعزيز وضع المؤسسات، ومعالجة ملف السلاح، وتطبيق القرار 1701. 
 

نقاط عسكرية

في هذا السياق، تأجل اجتماع لجنة مراقبة الاتفاق، علماً أن اللجنة حتى الآن لم تقم بمهامها كما يجب، بل تكتفي بتسجيل الخروقات، مع انتظار إجراء زيارة ثانية ستقوم بها نائبة الموفد الأميركي مورغان اورتاغوس إلى لبنان قبل 18 شباط، الموعد المفترض لانسحاب الإسرائيليين، وسط تضارب في المعلومات بين من يشير إلى أن زيارتها ستكون مرتبطة بتسريع الإجراءات والآليات المرتبطة بالانسحاب الإسرائيلي في الموعد المحدد، وبين معلومات أخرى تفيد بأنها ستطلب المزيد من الوقت لبقاء الإسرائيليين في نقاط محددة. وهذه النقاط مشرفة على كل الحركة في الجنوب، بذريعة أن حزب الله لا يزال موجوداً في مواقع عديدة في جنوب نهر الليطاني، وأنه يجب عليه الانسحاب وتطبيق الاتفاق، لأن عدم التزامه هو الذي يؤخر انسحاب الإسرائيليين.
يقدم لبنان مقترحاً مضاداً، يقضي بانتشار الجيش اللبناني وإقامة مواقع لقوات اليونيفيل في هذه النقاط، مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي منها. بينما تبرز اقتراحات أخرى من قبل الفرنسيين حول نشر عناصر من الكتيبة الفرنسية. كما وهناك فكرة تشير إلى نشر مراقبين أميركيين على هذه التلال المشرفة. 
 

ترامب ورجاله

يبدو نتنياهو في ممارسته مع لبنان وكأنه يقرأ في ممارسات دونالد ترامب مع القوى الدولية، لا سيما أن مشروع ترامب حول غزة استدعى ردوداً سريعة منددة، من قبل دول كثيرة في عداد الحلفاء لأميركا، وليس فقط من قبل الدول العربية، التي تنظر إلى هذا المشروع بأنه تهديد لأمنها القومي. حتى أن مواقف ترامب ومشاريعه، تمثل تحدياً كبيراً للمؤسسة السياسية الأميركية. والتي تنظر إليه بأن حربه في الداخل الأميركي هي حرب على الاستابلشمنت،  مع التبدّل الواضح في موقع أميركا وطريقة تصرفها، والتي تغلب عليها نزعة نحو غلبة رجال الأعمال الانتهازيين البعيدين عن أي قيم سياسية، وأن المال والصفقات تعطيهم أي قدرة على تجاوز أي ثوابت، فتكون الصفقات على شكل وقح أو وحشي، تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى وصف ما يجري في غزة باعتباره صفقة عقارية.

يقدّم ترامب فكرته باعتبارها وصفة جاهزة "للسلام والازدهار الاقتصادي"، من دون أي ارتباط جدي أو حقيقي بالسلام، بالمعنى الأخلاقي أو الحقوقي أو القيمي، لا سيما أن أي سلام يقوم على شروط تتصل بحق تقرير المصير، وحقوق الانسان، وحقوق الدول وحسن الجوار، بالنسبة لترامب السلام هو عنصر مسهّل للبزنس والصفقات والفرص الاستثمارية. وبنظره لا ضير بالتضحية بحقوق شعوب ودول وأوطان، مقابل ما يسميه بعض الرفاهية. لذا، فإن ترامب يمثل تحدياً كبيراً للدولة الأميركية، التي لا يمكنها تحمّل هذا الكم من التحول البعيد عن رواسخ ومرتكزات، لا سيما من خلال افتعاله لأزمات لا تتصل بالشرق الأوسط فقط، بل تتصل بالعلاقة مع كندا، أميركا اللاتينية، وأوروبا، لا سيما مع ما أعلنه حول ضم غرينلاند أو قناة بنما.
كل هذا المسار أو المراس، يضع ترامب ونتنياهو في مكان تشكيل الخطر على أميركا وإسرائيل، وهو ما لا يمكن للمؤسسة السياسية أن تحتمله، وسط من يذكر الرجلين بمصير جون كينيدي، واسحاق رابين، مع اختلاف الظروف والأسباب والاتجاهات. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...