الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:02 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:59 PM
المغرب 5:29 PM
العشاء 6:45 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

مع جنوب افريقيا

الكاتب: عمر حلمي الغول

في خطوة غير مستغربة، ولا مفاجئة لأي متابع لمواقف الرئيس ترمب من مجمل القضايا في العالم ذات الصلة بحسابات وسياسات الساكن الجديد للبيت الأبيض تجاه المصالح الأميركية والإسرائيلية من وجهة نظره هو، حيث فتح بركان من اللهب ضد المكسيك وكندا والصين والدنمارك والاتحاد الأوروبي واكرانيا وروسيا وجنوب افريقيا وإيران والعرب عموما والشعب الفلسطيني خصوصا، وحدث ولا حرج ضد الداخل الأميركي في ملفات الهجرة وFPI والجيش وغيرها.
والخطوة المطروحة للمعالجة هنا، هي توقيعه أمرا تنفيذيا يوم الجمعة 7 شباط / فبراير الحالي ضد دولة جنوب افريقيا بمنع المساعدات عنها، بذريعة "التصدي لقضايا حقوق الانسان"، حيث كتب على منصات التواصل الاجتماعي "إن جنوب افريقيا تصادر الأراضي، وتعامل فئات معينة من الناس بشكل سيئ للغاية، إنه وضع سيئ لا ترغب وسائل الاعلام اليسارية المتطرفة في ذكره حتى." وأضاف "سنتخذ إجراءً، وبسبب هذا أيضا، سأقطع كل المساعدات عن جنوب افريقيا حتى إشعار آخر." ومنذ ان عاد الرئيس ال47 للحكم من جديد في 20 كانون ثاني / يناير الماضي، توعد بمساعدة إسرائيل في المحافل الدولية كافة، وفرض عقوبات على الجنائية الدولية، وعلى كل من يقف ضد الجرائم الإسرائيلية.
وهذا الاجراء الذرائعي الواهي جاء تكريسا للسياسات التي انتهجها أعضاء الكونغرس ضد جنوب افريقيا منذ ان رفعت دعواها القضائية ضد دولة الإبادة الإسرائيلية في نهاية كانون اول / ديسمبر 2023 امام محكمة العدل الدولية، للضغط عليها لسحب دعواها، لكنها رفضت، وواصلت تبنيها لها، وأرفقتها بسلسلة من القرائن والمعطيات، التي تدلل على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية ضد الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة.
وكان حزب "اومكونتو دي سيزوي" وجه اتهامات بالخيانة العظمى لمنظمة "أفري فوروم" اول أمس الاثنين شباط / فبراير الحالي10 التي تمثل الأقلية البيضاء في البلاد، لتساوقها مع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب على كيب تاون. وأودع عريضة لدى الشرطة تطالب بفتح محاضر تحقيق ضد منظمة "أفري فوروم"، التي يقودها الأفريكانيون المدافعون عن حقوق الأقلية البيضاء، ويتهمها بالخيانة، والعمل على تكريس العنصرية، من خلال معارضتهم القوية ضد قانون استعادة الأرض، الذي أقرته حكومة جنوب افريقيا، وكان سببا في عقوبات أميركية ضد الحكومة والدولة والشعب.
وقال القيادي في الحزب، جون هلوف إن "أفري فوروم" ارتكبت الخيانة، لأنها تآمرت ضد الحكومة، مبينا أن القرار الذي أصدره الرئيس الأميركي ضد جنوب افريقيا كان بسبب التصريحات والادعاءات الكاذبة التي روجت لها المنظمة. وكانت مجموعة الافريكانيين قامت بحملة إعلامية واسعة ضد قانون مصادرة الأراضي المملوكة للبيض، الذي أقرته الحكومة في جنوب افريقيا، وسجلت المنظمة حضورا إعلاميا لمناهضة هذا القانون في وسائل الاعلام الأميركية، بدعوى انه يستهدف الأقليات المنحدرة من مجتمعات البيض. مع العلم أنه بحلول عام 2025، يقدر أن حوالي 44 ألف مزارع أبيض يملكون 61% من الأراضي الزراعية، البالغة مساحتها 100 مليون هكتار في جنوب افريقيا، وحرمان الأغلبية من سكان البلاد الأصليين السود من أراضيهم، وهو غبن تاريخي آن له ان يسوى، بما يحقق شيئا من العدالة النسبية.  
مؤكد ان الرئيس الأميركي المسكون بالعنصرية البيضاء، ضرب عصفورين بحجر، فهو انحاز لخياره العنصري بدعمه الواضح للعنصريين البيض في جنوب افريقيا، وفي ذات السياق، انسجم مع مواقفه المعادية لحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، ووجه ضربة لحكومة جنوب افريقيا المؤيدة والداعمة له، وسدد فاتورة إضافية لدولة الإبادة الإسرائيلية من خلال فرض عقوبات على الدولة الرائدة في الدفاع عن العدالة الإنسانية بمعايير القانون الدولي، لا سيما وان شعب جنوب افريقيا عانى من ويلات العنصرية البيضاء، ومازال يعاني حتى الان منها، الذي يتمثل بسيطرة البيض على معظم الأراضي الزراعية في البلاد، ولم يتم معالجتها خلال العقود الماضية، وآن الأوان لتسويتها بهدف حماية حقوق ومصالح سكان البلاد الأصليين، الذين يكابدون صعوبات كبيرة نتاج غياب العدالة في مسألة التوزيع المقبول والمنطقي لملكيات الأرض الزراعية، وهم الأغلبية العظمى من سكان جنوب افريقيا.
ان المنطق والعدالة بمعاييرها النسبية تتطلب دعم توجهات الحكومة في جنوب افريقيا، ومساندتها في المحافل الدولية، لأن ما اتخذته من قرارات بشأن أعادة توزيع الأراضي، هي قرارات مشروعة وواقعية وتستجيب لمصالح البلاد العليا. ومع ذلك أجزم، أن حكومة جنوب افريقيا لن تتراجع، ولن تسحب دعواها ضد حكومة الإبادة الإسرائيلية، ولن يرهبها قرار ترمب التنفيذي. لأنها كانت تتوقع ذلك، ولم يفاجئها إجرائه السياسي المعادي لسكان البلاد الأصليين، ولن يفت في عضدها

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...