إسرائيل ونهب أموال الفلسطينيين: ابتزاز بلا مقابل سياسي
![](https://www.raya.ps/cached_uploads/resize/835/558/2025/01/21/بسام-زكارنة-1737453479.jpg)
الكاتب: بسام زكارنة
تواصل إسرائيل سياسة الابتزاز المالي الممنهج ضد الفلسطينيين، مستخدمة أموال المقاصة كأداة ضغط لفرض شروطها، سواء عبر وقف رواتب الأسرى وعائلات الشهداء، تغيير المناهج، أو إنهاء المقاومة بكل أشكالها ، كل ذلك دون تقديم أي تنازل سياسي أو حتى ربط هذه الإجراءات بأي التزام بحل الدولتين أو وقف الاستيطان، مما يكشف أن الهدف الحقيقي ليس السلام، بل فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني وتحويل السلطة إلى وكيل أمني للاحتلال.
القرصنة المالية… سلاح إسرائيلي إضافي لخنق الفلسطينيين
لم تكتفِ إسرائيل بتدمير غزة وقتل أكثر من 60 الف فلسطيني منهم 17 ألف طفل وامرأة، واستهداف المستشفيات والمدارس والمرافق المدنية دون أي مبرر، بل تواصل سياستها المدروسة لإضعاف الفلسطينيين اقتصادياً من خلال احتجاز وخصم أموال الضرائب الفلسطينية، التي تشكل المصدر الرئيسي لتمويل الموازنة العامة ، حيث تقتطع منها مبالغ ضخمة تحت ذرائع واهية، أبرزها:
1. وقف رواتب الأسرى وعائلات الشهداء
تدّعي إسرائيل أن دعم الأسرى “تشجيع للإرهاب”، متجاهلة أن هؤلاء الأسرى هم مقاتلون من أجل الحرية، وأن وجود السلطة الفلسطينية نفسه كان نتيجة لتضحياتهم ، بل إن معظم قيادات السلطة كانوا أسرى سابقين، فكيف يُطلب منها التخلي عن مناضليها؟ هل يُعقل ترك عائلات الأسرى والشهداء بلا معيل، بينما رواتب المستوطنين والجنود الذين يقتلون الفلسطينيين مدعومة بالكامل من ميزانية إسرائيل؟
2. فرض تغييرات على المناهج الدراسية
تريد إسرائيل طمس التاريخ الفلسطيني من الكتب المدرسية، وإزالة أي إشارة إلى الاحتلال والحقوق الوطنية الفلسطينية، وفرض روايتها المشوهة على الأجيال الجديدة ، الهدف ليس التعليم، بل غسل أدمغة الفلسطينيين وإجبارهم على تقبل الاحتلال.
3. إنهاء المقاومة بكل أشكالها
سواء كانت مسلحة أو شعبية سلمية، تسعى إسرائيل إلى إخماد أي صوت فلسطيني يطالب بالحقوق، لفرض واقع يجعل الاحتلال دائمًا وغير قابل للتحدي ، حتى المقاومة الدبلوماسية في المحافل الدولية تواجه بعقوبات وتهديدات مالية.
لا مقابل سياسي… فقط المزيد من الشروط
الأخطر من ذلك، أن إسرائيل لا تربط هذه الإجراءات بأي التزام بحل الدولتين أو أي تقدم سياسي. فهي:
• لا تعرض وقف الاستيطان أو حتى تجميده مقابل وقف رواتب الأسرى و لا تعلن حتى انها ستعيد ما تم احتجازه من اموال و انها ستسمح للاتحاد الأوربي و امريكا باستئناف دعم السلطة .
• لا تقدم أي ضمانات لإقامة دولة فلسطينية مقابل تنفيذ مطالبها.
• لا توافق على إنهاء الاحتلال حتى لو قبلت السلطة بكل شروطها.
بمعنى آخر، إسرائيل تعطي نفسها الحق في فرض مطالبها، لكنها لا تقدم أي التزام في المقابل، مما يجعل هذه السياسة مجرد أداة لخنق الفلسطينيين سياسياً واقتصادياً ، وليس خطوة نحو أي “سلام” مزعوم.
الحصار المالي: أداة لإنهاء السلطة أو تحويلها إلى وكيل للاحتلال
إسرائيل لا تستهدف فقط تقليص الأموال، بل تسعى إلى إضعاف السلطة الفلسطينية إلى حد الانهيار، أو إجبارها على العمل وفق أجندتها بالكامل ، هذه السياسة لها أبعاد خطيرة:
1. إضعاف الاقتصاد الفلسطيني عبر تجفيف مصادر التمويل وخلق أزمات مالية متتالية.
2. دفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية بجعل الحياة داخل فلسطين غير ممكنة اقتصادياً .
3. تحويل السلطة إلى جهاز إداري بلا صلاحيات حقيقية، يعمل فقط كمنفذ للأوامر الإسرائيلية دون أي أفق سياسي.
الرسالة واضحة: إما أن تعمل السلطة وفق شروط إسرائيل، أو يتم خنقها مالياً حتى تنهار.
مطلوب تحرك فوري لمواجهة الابتزاز الإسرائيلي
لمواجهة هذه السياسة، لا بد من:
1. رفض الشروط الإسرائيلية الأحادية، وعدم القبول بأي قرارات لا ترتبط بحل سياسي شامل.
2. تدويل القضية مالياً وقانونياً عبر اللجوء إلى المحاكم الدولية والمؤسسات المالية العالمية.
3. الضغط على المجتمع الدولي لكسر الصمت عن هذه الجرائم الاقتصادية.
4. تعزيز الاقتصاد الفلسطيني داخلياً لتقليل الاعتماد على الاحتلال.
إسرائيل تريد كل شيء دون أن تقدم شيئاً
إسرائيل لا تسعى إلى السلام، بل تريد الاحتلال دون مقاومة، والسلطة دون سلطة، والفلسطينيين دون حقوق ، إنها تفرض شروطاً بلا مقابل، وتنهب أموال الفلسطينيين، ثم تطلب منهم تنفيذ أوامرها، دون أي التزام بحل مالي او سياسي.
لكن كما فشلت كل محاولات تركيع الفلسطينيين، فإن الشعب الفلسطيني سيظل متمسكاً بحقوقه وأسراه، وبحقه في المقاومة التي أقرتها كل القوانين الدولية ، و لن يقبل الفلسطينيون تنفيذ شروط إسرائيل مقابل المال، خاصة وأن حتى الأموال التي تأتي من أوروبا أو أمريكا أو أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل، لا يتم الإفراج عنها إلا وفقاً لإرادتها ولن تريد مهما فعلنا.
في النهاية، من الواضح أن الحصار المالي ليس مجرد أداة ضغط، بل هو محاولة لفرض واقع سياسي جديد، يقوم على إنهاء أي مشروع وطني فلسطيني، وإجبار الفلسطينيين على القبول بالاحتلال كأمر واقع ، لكن كما سقطت كل مشاريع التصفية السابقة، سيسقط هذا المخطط أيضاً ، بصمود الفلسطينيين وتمسكهم بحقوقهم التاريخية.