الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:02 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:58 PM
المغرب 5:28 PM
العشاء 6:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

من الذي سيبيع غزة لترمب؟!!

الكاتب: نبهان خريشة

ترمب أصبح في عجلة من أمره في موضوع إقامة "ريفيرا غزة"، وذلك بعد أقل من يومين على تصريحه بعكس ذلك.. ولكن الجديد بتصريحه هذا، أنه هو الذي ينوي "شراء" قطاع غزة دون أن يصرح من البائع!!  وهذا التصريح يأتي من شخصية نرجسية مفرطة كما وصفه البروفيسور الأمريكي في علم النفس (دان ماك) في كتابه "حالة دونالد ترمب الغريبة: دراسة نفسية"، إذ قال "إنه لا يمكن التنبؤ بما سيقوم به ترمب، وأنه لا يعترف أبدا بالهزيمة أو الفشل، كما حدث ذلك عند إفلاسه بالتسعينيات، أو بارتكابه الأخطاء في أعماله التجارية والاستثمارية، بالإضافة لذلك اعتقاده بأنه هو المنتصر دائماً، ولا يكترث بأي حقائق تفيد بعكس ذلك".  

وكان ترمب قال للصحفيين على متن طائرته الرئاسية حرفياً " إنه ملتزم بشراء غزة وامتلاكها"، وأضاف بأنه قد يمنح أجزاء من القطاع لدول أخرى في الشرق الأوسط لإعادة بنائها دون أن يسميها، مشيراً إلى أنه "سيحول غزة إلى موقع للتنمية المستقبلية لأنها موقع عقاري مميز لا يمكن أن نتركه.. سنقوم بإعادة بناء غزة عبر دول ثرية أخرى في الشرق الأوسط".. وطالما أن لأي صفقة تجارية طرفان: بائع ومشتري.. فمن البائع؟

ورغم أن ترمب لم يكشف عن هوية البائع، إلا أنه من سيكون سوى حليفته إسرائيل؟! لأنه لا يعقل أن يبيع الفلسطينيون جزءً من بلادهم التي يسعون لتحريرها من الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة، كما أن مشاهد عودة الغزيين النازحين من الجنوب إلى الشمال تؤكد مدى تمسكهم بمناطقهم المدمرة. وما يدلل على نية ترمب بالشراء من إسرائيل، أنه قبل تأسيس الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر بسنوات، نشطت عائلة روتشيلد اليهودية فاحشة الثراء وذات النفوذ القوي في أوروبا بشراء أراضي في فلسطين العثمانية آنذاك، وتسترت على أهدافها الحقيقية لشراء الأراضي لإقامة وطن لليهود في فلسطين، كما أن مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتسل، كان قد عرض على السلطان العثماني عبد الحميد شراء أراضي في فلسطين لتوطين اليهود، مقابل أموال تمكن الدولة العثمانية من الخروج من أزمتها المالية بسداد ديونها للدول الاستعمارية الأوروبية.

وللولايات المتحدة تاريخ طويل في السطو على أقاليم من جاراتها وشراء أخرى، حيث كانت قد شنت حرباً على المكسيك بين عامي 1846 و 1848، وانتزعت منها أقاليم كاليفورنيا ونيفادا ويوتا، ومعظم إقليمي أريزونا ونيومكسيكو، بالإضافة لأجزاء من كولورادو وويومينج، كما أنها اشترت في عام 1803 ولاية لويزيانا من فرنسا النابليونية بـ 15 مليون دولار، واشترت آلاسكا من روسيا في عام 1867 بسبعة ملايين ومائتي ألف دولار!!! ولكن ترمب لم يشر بتصريحه بإن حكومة الولايات المتحدة هي من سيشتري قطاع غزة، أو أنها سترسل قوات لاحتلاله، بل قال "سأشتري" و "سأمتلك"!!

ترمب بإمكانه الاستثمار في مشاريع عقارية في أي منطقة في العالم، بواسطة شركته التي تتخذ من برج ترمب وسط حي مانهاتن في نيويورك مقراً لها، ومن مشاريع شركته خارج الولايات المتحدة مثلاً، تحالفه مع شركة "دار جلوبال" السعودية لبناء "فِلَلٍ" باطلالات على خليج عُمان في العاصمة مسقط وبتكلفة تصل لنحو 200 مليون دولار. كما أن لترمب مشاريع عقارية وعلامة تجارية في روسيا، رغم نفيه لوجودها بعد أن أثيرت قضية ما عرفت بـ "ملف روسيا- ترامب"، عندما كان يشغل رئيسا الولايات المتحدة في العام الأول من ولايته الأولى ولكن أليس شراء قطاع غزة  كمن يشتري "السمك في البحر"؟ وبناء على هذا على ماذا يعتمد في اتمام صفقة الشراء مع إسرائيل؟ 

إن ترمب كان قد أعلن في آخر تصريح له حول مشروع "ريفيرا غزة"، أنه هو شخصياً من سيشتري ومن سيطور هذه "الريفيرا" في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن احتمال إرساله لقوات أمريكية لاحتلال قطاع غزة لخدمة مشاريعه التجارية الخاصة مستبعد، ولهذا فإن السيناريو المحتمل لتنفيذ صفقة البيع والشراء ستتم بـ "المقايضة" مع صديقه نتنياهو، الذي سيسعى للاستحواذ على قطاع غزة بطرد الفلسطينيين منه، باستئناف إسرائيل للحرب وفتحها لممرات على حدود القطاع مع القوة العسكرية المفرطة لمرور الغزيين الهاربين من جحيم إسرائيل، ويسبق ذلك تشديد القيود على إدخال المساعدات المنقذة للحياة للقضاء على أي أمل للغزيين لإعادة إعمار مدنهم وبلداتهم ومخيماتهم، لهم، مما سيجبرهم على الهجرة إلى دول يأمل ترمب أن يتفق معها على توطينهم.

ومقابل خدمات إسرائيل هذه لترمب، فإنه من جهته سيوفر الدعم العسكري والمالي والسياسي لإسرائيل، بالإضافة إلى اعتراف إدارته بسيادتها على الضفة الغربية أو أجزاء منها، وإطلاق يدها قتلا وتدميرا في الضفة الغربية، بهدف دفع المواطنين للهجرة منها أيضا. وإذا نجح مثل هذا السيناريو، فإن ترمب لن يعدم الوسائل لعقد صفقات تجارية بين شركاته وشركات إسرائيلية، لتنفيذ مشروع "ريفيرا غزة"، لإقامة المنتجعات وكازينوهات القمار وبيوت الدعارة، بالإضافة لاستخراج النفط والغاز من أرض وبحر غزة. 

ولأن ترمب يعلم بأن مخططه لتهجير الغزيين لإقامة "ريفيرته" لن يتم دون استعداد دول الجوار لفلسطين لتوطينهم، يهدد بقطع المساعدات الأمريكية عن مصر والأردن إذا لم يقبلا بمخططه، بعد أن كانت إدارته قد وعدت في أواخر ولايته الأولى بتقديم "حزم تحفيزية" للدول العربية المجاورة لفلسطين، وفي مقدمتها مصر لتوطين الغزيين في سيناء في إطار خطته المعروفة إعلاميا بـ "صفقة القرن". وخطة توطين الفلسطينيين في سيناء ليست جديدة، ففي العام 1958 طرحت إسرائيل مشروعا لتبادل أراضي قطاع غزة بأراضي في سيناء، وفي التسعينيات اقترح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق "يورا إيلاند"، تبادل أراضٍ بين مصر وإسرائيل بهدف توطين الفلسطينيين في مدينة العريش، إلا أن الرئيس المصري السابق حسني مبارك رفض ذلك رفضاً قاطعاً، كما يرفضه الرئيس السيسي. 

إن المؤسسة العسكرية المصرية بصفتها الدولة العميقة ترفض توطين فلسطينيي غزة في سيناء، لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي المصري، وهو ذات السبب الذي دفع الأردن لرفضها أيضا. ونقلت تقارير صحفية عن أعضاء بارزين في الحزب الحاكم في البرلمان المصري أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال لهم "إن السيد ترمب شكله مش فاهم حاجه!"، في إشارة منه إلى أنه يجهل مواقف الدولة العميقة في مصر (أي الجيش)!!

 وعاجلا أم آجلا فإن ترامب سيفهم أيضا أن الفلسطينيين ليسوا هنودا حمر!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...