الحلم الافتراضي العقار بالعقار والبادئ أظلم

الكاتب: محمد عودة

من التقسيمات المعروفة في فلسطين والمنطقة المربعانية وسبب تسميتها أنها تدوم أربعين يوما تبدأ في 21 ديسمبر وتنتهي في 31 يناير، تعتبر من الأيام الأشد برودة في الشتاء، يأتي بعد المربعانية السعود الأربعة (سعد الذابح /وسعد بلع وسعد السعود/ وسعد الخبايا) والمعروفة أيضا بالخمسينية لأن مدتها خمسون يوما توزع على السعود الاربع بالتساوي، 12.5 يوم لكل سعد.

الليلة قبل الاخيرة من سعد الذابح (ليلة أمس) كانت شديدة البرودة، وبحكم أنني رب الاسرة وبعد التأكد من أن كل افراد اسرتي حصلوا على ما يكفي من الغطاء جمعت ما تبقى من اغطية وللحقيقة لم تكن كثيرة لاقي نفسي برد تلك الليلة القارس، الا أنها لم تكن كافية فاستعنت بسجادة رثة ملقاة على الأرض عملت مفعولا مزدوجا، منعت الأعطية من الانزلاق ومنحتني نوعا من الدفيء ساعد في أن أغفو.

لا أدرى كم من الوقت استغرق نومي الا أنني صحوت وقد شبعت من النوم وليس هذا فحسب بل صحوت مسرورا لدرجة لم أَذق لها طعم منذ السابع من تشرين الاول للعام 2023، ولكى لا يستغرب القاري فان مرد هذا السرور أنني وبحكم ثقل السجادة الرثة قد حلمت أنني حققت احلامي في تلقين ترامب درسا لن ينساه من جهة ومن جهة اخرى حققت حلما راودني لأكثر من ستة عقود وهو تجسيد الوحدة العربية.

ولكى لا اطيل عليكم سأسرد ما بقي في ذاكرتي من ذلك الحلم الجميل، الحلم "خير اللهم اجعله خير" ، تلخص في أن الشعب الفلسطيني توحد حول مشروع واحد يتمثل في العودة الى مركزية قضايا العرب والحفاظ على كل الارض الفلسطينية حتى وان كان في ذلك حماية لنتائج سايكس بيكو وسان ريمو، ومن أجل انجاز المهمة شكلوا مجموعة من الشركات العقارية كل واحدة من هذه الشركات تحمل اسم أحد مخيمات اللجوء ثم عمدوا الى تشكيل فدرالية لهذه الشركات اسموها غزة العزة لنشر الكرامة، ومن بين اهداف هذه الفدرالية شراء ما امكن من الولايات في الولايات المتحدة الامريكية وتحويلها الى منتجعات نصنع على مداخلها تمثالا للكرامة مصنوع من ركام بيوت غزة. اما الهدف الثاني فقد تمحور حول توفير الاموال اللازمة؛ إذ وضعوا منشورا على كل وسائل التواصل يطلبون متبرعين وشركاء.

ايام قليلة وتوالت طلبات الالتحاق بالفدرالية من العديد من الشركات الرائدة في المجال ومن كل الدول العربية وسنورد هنا بعضها على سبيل المثال (إعمار، داماك، الدار، بروة، إزدان، جبل عمر، المتحدة، طلعت مصطفى، دار الاركان، دجى مجموعة الضحى، الديار، نخيل وارينكو وغيرها الكثير).

لقد اسهمت الفدرالية المسماة غزة العزة لنشر الكرامة من حيث لا تدري في توحيد الامة العربية وبذلك نكون قد وضعنا لبنة الزاوية في صرح الوحدة العربية المبتغاة ويعتبر ذلك تحقيقا للحلم الذي راودني كما اسلفت لأكثر من ستة عقود.

امتد الحلم الى ابعد من ذلك حيث أبحرت في تداول التفاصيل، راس المال والخطط المرحلية والاستراتيجية، اما بخصوص المال فتقوم الشركات المذكورة في الفقرة السابقة بتوفير الدولارات، اليورو هات، الجنيهات السترلينية، اليوان، الين، الريال، الدينار، الدرهم والروبية، والعملات الرقمية، وفي مقابل كل مليون تجمعه هذه الشركات تقوم الشركات التي تحمل اسماء المخيمات بتوفير ذرة تراب جُبلت بدم غزّي حر.

لقد حاولت ان الخص لكم ما حلمت (خير اللهم اجعله خير) فبين الفينة والاخرى كانت تراودني اسئلة كثيرة فعلى سبيل المثال لماذا يريد ترامب تهجير سكان غزة من منتجع سيبنيه والاجابة كانت ان انسانية وكرامة الغزيين لا تسمح لهم بالتواجد في منتجع يعج بالمثليين والعراة، فهو يريد منتجعا بلا قيم ولا مبادئ ولا اخلاق.

وقبل ان افيق بلحظات كنت اتجول بين مكونات كوكب الانسان الذي اعادة بناءه الشركات المذكورة وقد لاحظت ان القيم والمبادي والاخلاق فوق كل ذلك الانسانية قد عمت الكوكب وان ترامب وخزعبلاته ونتنياهو ونبوءاته قد اختفوا من المشهد.

من داخل الحلم ومن خارجه رسالتنا إلى الثنائي نتنياهو وترامب لو وضعتم الشمس في يمين الشعب الفلسطيني والقمر في يساره لما تنازل عن غزة مقابل ولايتكم الخمسين.

"خير اللهم اجعله خير" فقد كان حلما جميلا.