الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:02 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:58 PM
المغرب 5:28 PM
العشاء 6:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

غزة بين تعطيل اتفاق الأسرى وتصعيد العدوان، مرحلة جديدة من المواجهة

الكاتب: مروان طوباسي

يبدو أن تعطيل اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس ليس مجرد عثرة تفاوضية، بل خطوة مدروسة ضمن مخطط أوسع يقوده نتنياهو بدعم مباشر من إدارة ترمب الذي يرغب بإعادة شبح الحروب المتنوعة مع العالم والتهديد بإنزال الجحيم في غزة في يوم السبت القادم. فالهدف لا يقتصر على منع استعادة الأسرى الفلسطينيين أو استعادة الجنود الإسرائيليين وفق الاتفاق الذي تعلن حركة حماس التزامها به، بل يمتد إلى فرض واقع جديد في غزة، يُعيد إلى الواجهة مشروع التهجير القسري، كجزء من رؤية ترمب التي لم يخفيها خلال الأيام الماضية متحدثا عنها بكل وقاحة غير مسبوقة. هذا التعطيل يعكس إصراراً على إبقاء غزة ساحة مفتوحة للعدوان، واستغلال الحرب كأداة لإعادة تشكيل المنطقة وفق أجندة إسرائيلية-أمريكية بما يخدم مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان واضحاً منذ البداية أن تنفيذه سيكون على حساب شعبنا الفلسطيني وحقوقه التاريخية الوطنية.

إسرائيل لم تضيع الفرصة لاستثمار تعطيل الاتفاق في تصعيد عدوانها على غزة، معتمدة على دعم ترمب اللامحدود الذي يعيد عقارب الساعة إلى الوراء بعقلية فاشية، حيث لا قيود سياسية أو عسكرية تكبح العمليات الإسرائيلية. التصعيد العسكري لا يهدف فقط إلى ضرب المقاومة، بل إلى خلق بيئة طاردة تدفع شعبنا الفلسطيني قسراً نحو سيناء والأردن، ما ينعش مشاريع جرائم التهجير القسري التي بدأت تأخذ شكلاً أكثر وضوحاً في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين.

إعلان ترمب الأخير حول ضرورة إيجاد "حل" لسكان غزة يضع المنطقة أمام سيناريو خطير. إن الوقائع على الأرض اليوم تشير إلى أن الأدوات المستخدمة ستكون أبعد من مجرد الإغراءات الاقتصادية التي يغلف بها ترمب أهدافه العنصرية، بل ستعتمد على التهديد العسكري والتضييق المعيشي كوسائل إجبارية لتهجير السكان.

باعتقادي، هذا السيناريو يضع مصر في قلب المعادلة، حيث تجد القاهرة نفسها مضطرة للتعامل مع تهديد استراتيجي يمس سيادتها وأمنها القومي.

تُدرك القاهرة أن أي موجات نزوح جماعية من غزة إلى سيناء قد تضعها أمام وضع غير مسبوق، وهو ما يفسر التقارير حول استعدادات عسكرية مصرية على الحدود. لكن هل يمكن أن يتطور هذا إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل؟ تاريخ العلاقة بين الطرفين يشير إلى أن مصر تميل إلى استخدام الأدوات الديبلوماسية والضغوط السياسية، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء وبدأت بتنفيذ تهجير قسري علني. في هذه الحالة، قد نشهد إجراءات عسكرية مصرية تهدف إلى منع أي تغيير ديمغرافي قسري في سيناء.

على الجانب الآخر، يضع تعطيل الاتفاق قطر وتركيا في موقف حساس، حيث تحاول كل من الدوحة وأنقرة الحفاظ على دورهما كوسطاء دون الاصطدام مع واشنطن أو تل أبيب. لكن استمرار العدوان سيجعل من الصعب على قطر مواصلة دورها السابق، بينما قد تجد تركيا نفسها أمام تحدٍ جديد في موازنة خطابها السياسي وعلاقاتها مع الولايات المتحدة وحتى مع إسرائيل.

بالنسبة للأردن، فإن أي محاولة لفرض تهجير جديد للفلسطينيين تمثل تهديداً مباشراً لاستقراره الداخلي، وهو ما قد يدفع عمان إلى تصعيد موقفها ديبلوماسياً وربما أمنياً على الحدود.

أما السعودية التي تسعى إلى دور قيادي بالمنطقة خاصة مع اقتراب انعقاد القمة العربية واجتماع لجنة العمل الدولية من أجل إنهاء الاحتلال التي تترأسها، إلا أن موقفها يبقى مرتبطاً بحسابات إقليمية أوسع، حيث تسعى الرياض للحفاظ على توازن حساس بين تقاربها مع واشنطن وإسرائيل، وبين تجنب أي تداعيات قد تؤثر على موقعها في العالم العربي والإسلامي خاصةً مع مواقفها السياسية المعلنة تجاه حقوق شعبنا وقيام الدولة.

تعطيل اتفاق تبادل الأسرى قد يكون بداية لمرحلة جديدة من المواجهة، ليس فقط في غزة، ولكن في الضفة الغربية أيضاً، حيث تتصاعد منذ أسابيع وأكثر عمليات الاقتحام والتنكيل والتهجير القسري في مخيماتنا الفلسطينية للاجئين التي تسعى دولة الاحتلال للتخلص منها في إطار سياسة محاولات طمس قضية اللاجئين كجوهر القضية الفلسطينية، خاصة في شمال الضفة الغربية والتي أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأهالي حتى اليوم دون التمكن من حمايتهم، والتي ستمتد إلى وسط وجنوب الضفة بالأيام القادمة كما أعلن الاحتلال وهي أصبحت تتمدد منذ أمس، إضافة إلى ممارسة أشكال جديدة من الضغط على السلطة الوطنية. لذا فإن كل تلك المستجدات من تصعيد سياسات الاحتلال تتطلب مواجهتها بمواقف رسمية وشعبية متكاملة الأدوار في إطار مقاومة سياسات الاحتلال والسياسة الأمريكية الشريكة لها، وحشد كل الجهود الممكنة لمواجهتها وإسقاطها.

ومع الدعم الأمريكي المفتوح لنتنياهو، فإن أي رهان على تدخل دولي جاد يبدو غير واقعي اليوم، مما يجعل شعبنا الفلسطيني أمام خيار وحيد وهو الصمود والإرادة السياسية في مواجهة ذلك والمقاومة السياسية والشعبية المتعددة الأشكال وفق القانون الدولي في مواجهة مشروع الاقتلاع الجاري.

اليوم، غزة ليست مجرد ساحة مواجهة عسكرية، بل أصبحت مركز الصراع على مستقبل القضية الفلسطينية إلى جانب الضفة الغربية التي تتعرض لمشروع الضم الاستيطاني. المخطط الأمريكي-الإسرائيلي يراهن على أن الحرب ستدفع شعبنا الفلسطيني إلى الاستسلام أو الهجرة. لكن التجربة التاريخية أثبتت أن مثل هذه الحسابات غالبا ما تكون خاطئة بل مؤكدا خاطئة أمام تجارب إفشال شعبنا سابقاً لمخططات التهجير وإصرار شعبنا بالوصول إلى حقوقه غير القابلة للتصرف.

فهل يدرك صناع القرار المستعمرين في تل أبيب وواشنطن، أن غزة التي نجت من حروب متتالية، لن تسمح بأن تكون النموذج الأول لمخطط التهجير القسري؟ وأن في باقي فلسطين دفن شعبنا مشاريع عدة للتصفية بالعقود السابقة، أم أن المنطقة تتجه نحو انفجار إقليمي أكبر مما هو متوقع بما يتفق مع عقلية نتنياهو وترمب وإدارته بالبيت الابيض؟

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...