الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:02 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:58 PM
المغرب 5:28 PM
العشاء 6:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

بصراحة عن سيناريوهات اليوم التالي

الكاتب: هاني المصري

بعد التصريحات المثيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب التي على الرغم من تناقضها وتغييرها حاولت جعل المستحيل وما يعتبر جريمة حرب - وهو تهجير الفلسطينيين - أمرًا قابلًا للنقاش، ورفعت مستوى الخطر إلى وضع غير مسبوق؛ لا بد من مناقشة سيناريوهات اليوم التالي، فلم يعد الأمر بعد هذه التصريحات مثلما كان قبلها.

فإذا كان الهدف تهجير الفلسطينيين، والقضاء على حركة حماس، والسيطرة الأميركية على قطاع غزة، وحسم أمر السيادة على الضفة الغربية بعد أربعة أسابيع كما صرح ترامب؛ فهذا يجعل اليوم التالي محسومًا، وهذا يستدعي الحشد لمقاومته وإسقاطه .

قبل هذه التصريحات، كان موقف نتنياهو تأجيل البت بمسألة اليوم التالي إلى ما بعد حسم الحرب نظرًا إلى الخلافات الإسرائيلية وما بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة بايدن، ولكن على قاعدة رفض بقاء سلطة حماس، ورفض عودة سلطة الرئيس محمود عباس، ولكن بعد فوز ترامب أصبحت المسألة محلولة.

ولكن الحقائق على أرض الواقع أقوى وأبلغ من الأوهام المتخيلة في الواقع الوهمي، وهي تظهر من خلال تمسك ملايين الفلسطينيين بوجودهم على أرض وطنهم أو بحقهم بالعودة إليه من منافي اللجوء والتشرد.

ومن الحقائق الصارخة أن القوات الإسرائيلية المحتلة انسحبت يوم الأحد الماضي من محور الشهداء الذي يسمى نتساريم، والذي شدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه لا يمكن أن يتخلى عنه.

ومن الحقائق أن العالم كله تقريبًا رفض تصريحات ترامب، ودعا إلى التصدي لها، لأن فلسطين للفلسطينيين، ومصر للمصريين، والأردن للأردنيين، والسعودية للسعوديين، وإذا كان هناك مكان يجب أن يذهب إليه الفلسطينيون فهو إلى بيوتهم وديارهم التي هجروا منها، والغريب العجيب أن ترامب الذي يريد إعادة المهاجرين إلى الولايات المتحدة لبلادهم يريد ترحيل أصحاب البلاد الأصليين إلى بلاد أخرى، فوعده الجديد مثل وعد بلفور الذي أعطى فيه من لا يملك لمن لا يستحق.

السيناريوهات المطروحة والمتوقعة

هناك تطورات ومتغيرات أدت إلى إلغاء أو تقليل احتمال حدوث سيناريوهات كانت مطروحة مثل احتلال قطاع غزة واستيطانه، وحلت محلها سيناريوهات أخرى مثل التهجير، وفيما يلي السيناريوهات المتوقعة:

السيناريو الأول: انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بعد تطبيق المرحلة الأولى

يعزز من هذا السيناريو الخروق الفاضحة للاتفاق، فمن يريد تهجير الفلسطينيين والقضاء على المقاومة - كما يعلن نتنياهو ليل نهار بدعم كامل من ترامب - لا يريد الوصول إلى انسحاب القوات الإسرائيلية ووقف مستدام للحرب وإعادة الإعمار، لذلك تم تأجيل بدء التفاوض على المرحلة الثانية، وأعطى نتنياهو تعليمات للوفد الإسرائيلي المفاوض بالبحث عن تمديد المرحلة الأولى أو الاتفاق على مرحلة انتقالية يتم فيها مواصلة عمليات التبادل، وعدم التفاوض على المرحلة الثانية، وسط معلومات تداولتها وسائل إعلام ومصادر سياسية إسرائيلية أن ترامب أعطى ضوءًا أخضر لنتنياهو باستئناف القتال في حالتين: الأولى إذا لم تنفذ حماس التزاماتها في المرحلة الأولى وهذه مستبعدة جدًا، والأخرى ألا تصل المفاوضات إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية وهذه واردة جدًا في ظل تغيير ما اتفق عليه وإضافة شروط جديدة.

فمن يريد استكمال تحقيق أهداف الحرب وتهجير الفلسطينيين وفرض السيادة على الضفة أو أجزاء منها، سيحرص على منع أي فرصة للتوصل إلى اتفاق، وإذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية، فمن المستحيل الوصول إلى المرحلة الثالثة، فمن يريد تهجير الفلسطينيين لا يمكن أن يُسهّل أو يوافق على إعادة إعمار قطاع غزة.

واستئناف الحرب ليس بالضرورة أن يأخذ شكل حرب الإبادة، بل يمكن أن يأخذ شكل الحصار، والعمليات العسكرية المركزة والدقيقة، والتحكم في تدفق المساعدات الإنسانية، ومنع تحريك جدي لإعادة الإعمار، في محاولة لتحقيق الأهداف التي لم تتحقق بالحرب العسكرية عبر السياسة والاقتصاد.

وفي هذا السيناريو، يبقى الأمر الواقع في قطاع غزة على ما هو عليه، وهذا يدفع إلى هجرة قسرية تدريجية، ويتم استخدام استمرار سيطرة حماس على قطاع غزة ذريعة لاستمرار الحرب ومنع الإغاثة وإعادة الإعمار.

السيناريو الثاني: تطبيق إعلان بكين

يقوم هذا السيناريو على تنفيذ اتفاق بكين، خصوصًا لجهة تشكيل حكومة وفاق وطني بمرجعية وطنية، ولكن هذا السيناريو مستبعد جدًا، لأن حرب الإبادة لم تؤد إلى إنهاء الانقسام، وبالتالي في السياق نفسه لن تتحقق الوحدة في الوقت الذي أصبح التهجير خيارًا مطروحًا، ويجب التعامل معه بكل جدية ما دام مطروحًا من قبل رئيس الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم.

وما يمنع تطبيق هذا السيناريو أن القيادة الفلسطينية الرسمية لا تؤمن بالشراكة، ولا تريد أن تدفع ثمنها بعد طوفان الأقصى، بعد أن أصبح رأس حماس مطلوبًا، وفي ظل استمرار وزيادة احتمال استئناف القتال، ومع طرح تهجير سكان غزة وعدم وضوح إمكانية تعميره في ظل عدم وجود تعهدات والتزامات بذلك.

ويمكن أن يتعزز هذا السيناريو إذا ترافق مع برنامج سياسي جوهره إنهاء الاحتلال والاستقلال، والتسلح بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والاتفاق على هدنة طويلة الأمد تستمر لسنوات، والاستعداد لاندماج الأسلحة العسكرية لفصائل المقاومة في جيش وطني يخضع للقيادة الوطنية الشرعية في حال إنهاء الاحتلال وتجسيد قيام الدولة الفلسطينية، وسبق أن أعلن الشهيد يحيى السنوار وغيره من قيادات حماس استعداد حماس لدمج جناحها العسكري في جيش وطني في حال تجسيد الدولة الفلسطينية.

السيناريو الثالث: التوافق على تولي حكومة محمد مصطفى إدارة القطاع

يقوم هذا السيناريو على أن تتولى الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد مصطفى إدارة قطاع غزة ما بعد الحرب، كما هي أو بعد تعديلها، أو تشكيل حكومة جديدة تترجم تصريحات قادة حماس بأنها لا تريد المشاركة في الحكومة لإنقاذ غزة، وتصل بها إلى حد مطالبة الرئيس عباس بإعادة سيطرته على القطاع لسحب الذرائع من أيدي دولة الاحتلال والولايات المتحدة وأطراف إقليمية ودولية عديدة.

وأنا سمعت مباشرة من قائد بارز من قادة المقاومة أنه اقترح على حماس أن توافق على تسليم قطاع غزة للسلطة لتثبت أنها لا تريد السلطة وحريصة على إنقاذ القطاع، وإذا وافقت السلطة فهو أمر جيد، وإذا لم توافق كما هو متوقع فستتحمل المسؤولية أمام الشعب والتاريخ.

وهذا السيناريو كان مستبعدًا في ظل رفض الحكومة الإسرائيلية بقاء سلطة حماس وعودة السلطة، وبات مستبعدًا أكثر في ظل طرح التهجير، وكون السلطة ضعيفة وتائهة وفي حالة انتظار.

صحيح أن حماس ممكن وربما يجب ألا تحكم في الظروف الراهنة، ولكن لا يمكن أن يحكم غيرها من دون التوافق معها، فهي موجودة بقوة ولا يمكن تجاهلها من أحد.

في هذا السياق، أعتقد كذلك أنه لو بادرت حماس للطلب من السلطة أن تأتي لحكم غزة أو استجابت لمبادرة بهذا الخصوص لما استجابت السلطة على الأغلب لذلك، وهي سترفض من خلال وضع شروط جديدة قديمة، مثل سلطة واحدة وسلاح واحد وقرار واحد؛ أي ستطالب بنزع سلاح المقاومة تحت الأرض وفوق الأرض كما طالب الرئيس مرارًا، ولكن لا ضرر من المحاولة حتى يتم وضع السلطة أمام مسؤولياتها وسحب الذرائع من أيدي دولة الاحتلال وغيرها .

السيناريو الرابع: تشكيل لجنة إدارية وفق التصور المصري أو الأميركي

 يتضمن هذا السيناريو تشكيل لجنة لإدارة القطاع تكون مرتبطة بالسلطة وتحتفظ بقدر من الاستقلال عنها، ولكنها تستمد شرعيتها منها ويكون في هذا السيناريو دور أكبر لمصر وللسلطة مقارنة بتصور إدارة بايدن، حيث تكون اللجنة مستقلة فعلًا عن السلطة المطالبة بتجديد نفسها كشرط لتولي قطاع غزة مستقبلًا، ومسلحة بقوات متعددة عربية ودولية، من ضمنها قوات أميركية.

بات هذا السيناريو أبعد عن التحقق عما كان في فترة بايدن، لا سيما بعد طرح التهجير، وهو يكرس الانقسام وفصل الضفة عن القطاع ويفتح باب الوصاية والبدائل.

السيناريو الخامس: التهجير

يستمد هذا السيناريو قوته من أن قطاع غزة أصبح منطقة غير قابلة للحياة، وإذا لم يتم الشروع في عملية إنقاذ وتعافٍ وإعادة إعمار من دون انتظار الموافقة الأميركية والإسرائيلية بمبادرة عربية إسلامية يدعمها أنصار القضية الفلسطينية في العالم كله، سيكون هناك تهجير واسع أو تدريجي باستخدام البحر والجو بمساعدة وتسهيلات من الحكومة الإسرائيلية.

أي إن التهجير القسري سيناريو مطروح رغم أنه غير مرجح، ولكن يمكن أن يأخذ شكل التهجير التدريجي من خلال تسهيل هجرة الفلسطينيين إلى بلدان أخرى غير الأردن ومصر.

ويتضمن هذا السيناريو احتمال عودة الاستيطان إلى غزة وفق ما تتبناه الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، أو بناء منطقة سياحية وفق طرح ترامب لشراء القطاع وإمكانية مشاركة أطراف أخرى معه.

السيناريو السادس: إجراء انتخابات فلسطينية

يقوم هذا السيناريو على عقد انتخابات يختار فيها الشعب الفلسطيني من يمثله ويعبر عن إرادته، والفائز في الانتخابات هو الذي يحكم. ومثل هذا السيناريو مفضل لكنه غير مرجح الحدوث في ظل الظروف التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية، على الأقل لفترة عامين إلى ثلاثة في حالة استقرار الأوضاع بشكل معين.

وهذا السيناريو مرفوض من إسرائيل والولايات المتحدة وأطراف محلية وإقليمية تخشى فوز مرشحي فصائل المقاومة والأحزاب المعادية للمخططات الاستعمارية والصهيونية.

السيناريو السابع: تشكيل جبهة وطنية للتغيير

يقوم هذا السيناريو على تشكيل جبهة وطنية ديمقراطية تضم كل العناصر والقوى التي تطالب بالإصلاح والتجديد والتغيير، من دون انتظار استجابة القيادة الرسمية مع فتح الباب لانضمامها.

وهذا السيناريو جيد، ولكنه تأخر كثيرًا وربما أكثر من اللازم، وكانت له فرصة أكبر خلال الأعوام السابقة، خصوصًا منذ قرار إلغاء الانتخابات عام 2021، ويقف أمامه مجموعات مصالح منتشرة في الفصائل ومتأثرة بالأوضاع والبرامج الإقليمية المتنافسة، وبنزعات الهيمنة والتفرد لدى الفصائل الكبيرة التي تسعى إلى فرض سيطرة وهيمنة فصيل بما يبعد أو يحجم دور الفصائل والمجموعات الأخرى.

إن نقطة البدء مراجعة التجارب السابقة مراجعة عميقة وجريئة على أساس محاكمة السياسات وأشكال النضال، والشروع في حوار وطني شامل ومستمر حتى يتم استخلاص الدروس والعبر لمنع إعادة إنتاج الأخطاء والخطايا، وبلورة تصور شامل استنادًا إليها، يكون أساسًا لوضع الأهداف والإستراتيجيات الكفيلة بتحقيقها.

على الرغم من استبعاد تحقيق الوحدة أو توافق فلسطيني على مواجهة الأخطار الراهنة، فإن هناك بصيص أمل (سيناريو البجعة السوداء المستبعد قليل الاحتمال ولكن إذا حدث فسيحدث تأثيرًا كبيرًا) أن تكون القمة العربية بمستوى التحديات، وتتخذ قرارات عملية بإعمار قطاع غزة وفرض الوحدة على الفصائل الفلسطينية، فالدول العربية ترى أن استقرارها وأمنها القومي وسيادتها مهددة بحكم السياسة الإسرائيلية المتطرفة التي يدعمها ويزايد عليها ترامب.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...