بديل مخطط التطهير العرقي
![](https://www.raya.ps/cached_uploads/resize/835/558/2022/11/14/screenshot-2-1668411540.png)
الكاتب: عمر حلمي الغول
من غرائب وجنون إدارة ترمب مخطط التطهير العرقي للشعب الفلسطيني من قطاع غزة، كخطوة متقدمة على طريق التطهير العرقي الشامل للكل الفلسطيني من الضفة الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، ولاحقا ستطال الخطة الجهنمية الكارثية أبناء الشعب من الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة لتحقيق النبوءة "التوراتية"، كما ذكر السفير الأميركي الجديد في إسرائيل هركابي، وهو يقصد النبوءة الصهيونية المستندة لشعارها التاريخي "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، التي فشلت على مدار عقود الصراع الطويلة، نتيجة صمود وثبات الشعب العربي الفلسطيني في ترابه الوطني، ودفاعه المتواصل والمستميت عن حقوقه السياسية والقانونية، بمساندة الاشقاء والأصدقاء الامميين، ودعم الهيئات الدولية من خلال قراراتها المتعاقبة، التي زادت عن الالف قرار من مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان ومنظمة اليونيسكو وغيرها من اللجان الأممية المنبثقة عنها.
ومع ذلك يُصر ترمب وأركان ادارته المارقة والخارجة على القانون الدولي على خطته النكبوية الجديدة، باعتبارها "أفكار من خارج الصندوق" الاممي، في تجاهل تام وعبثي لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 المتفق عليه دوليا، والذي عكسته مواقف الدول والهيئات الأممية الرافضة للخطة الجهنمية، التي لا تقبل القسمة على أي منطق سياسي أو قانوني، وتتناقض مع ابسط معايير القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وتتنكر لحقائق التاريخ والجغرافيا والموروث الحضاري للشعب الفلسطيني، صاحب الأرض والهوية الوطنية الفلسطينية الراسخة رسوخ الجبال والسهول والوديان الفلسطينية وتجذر انسانها العربي الفلسطيني فيها منذ الاف السنين.
ويدعي مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز في لقاء مع "إن بي سي" الأميركية أول أمس السبت 8 شباط / فبراير الحالي، على أن خطة رئيسه الأهوج ترمب، هي "الأفضل"، ويطالب المعارضين لها بتقديم "خطة أفضل" منها، متناسيا هو وسيده أن هناك خطة وحلا دوليا متفق عليه، ومدعوم من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومن دول القارات الخمس بما فيها الولايات المتحدة ذاتها، بإداراتها الجمهورية والديمقراطية السابقة على ادارته، وهي خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضي دولة فلسطين المحتلة بما فيها عاصمتها القدس الشرقية، والتي تؤمن السلام والتعايش والتنمية في الإقليم الشرق اوسطي والعالم، وتؤمن الحد الأدنى الممكن والمقبول من قبل القيادة والشعب الفلسطيني.
بيد ان والتز وترمب وأركان الإدارة المتماهية مع حكومة الإبادة الجماعية الإسرائيلية تجاهلوا كليا ردود الفعل الأميركية والأوروبية والعالمية ومواقف الدول العربية الشقيقة وصاحب القضية الأساسية، الشعب الفلسطيني الرافضين لخطتهم الوحشية والمهددة للسلم والأمن الإقليمي والدلي، وأصروا على لي عنق الحقائق، وأداروا ظهر المجن للسلام والعدالة الإنسانية، وافترضوا ان هوية وأرض الشعب الفلسطيني مطروحة في المزاد العقاري للبيع والشراء، وأغمضوا عيونهم عن تاريخ الصراع الطويل بين الفلسطينيين واعدائهم الإسرائيليين المدعومين من الولايات المتحدة الأميركية ومن يدور في فلكهم، بدل ان يفكروا للحظة بهدوء وموضوعية، ودون رعونة سياسة الاملاءات والفرضيات المتهافتة والساقطة سلفا، والتي لن يقبل بها الشعب والقيادة الفلسطينية ولا الاشقاء العرب ولا انصار السلام في العالم، ولا المجتمع الدولي بغالبيته الساحقة.
من يريد المستقبل الأفضل للشعب الفلسطيني، عليه ان يلتزم بقرارات الشرعية الدولية، لا أن ينقلب عليها، ولا ان يستبيحها، ويدوسها بسياسة التغول والبلطجة والتشبيح والتهديد والوعيد والبيع والشراء الماجنة والقذرة، التي يناصبها الشعب الفلسطيني العداء والرفض لها مهما كلفه ذلك من تضحيات تفوق تضحيات الإبادة الجماعية على مدار نحو 16 شهرا منذ 7 تشرين اول / أكتوبر 2023 وعلى مدار 471 يوما من الموت والابادة المعلن، ومازالت دماء أبناء الشعب في عموم الوطن الفلسطيني وقطاع غزة خصوصا ندية تخضب ارض الوطن الفلسطيني، الذي لا بديل له للشعب الفلسطيني، ولن يساوم على هويته وانتمائه الوطني الراسخ والمتجذر في فلسطين.
واهم ترمب ووالتز وهاكابي واقرانهم من الإدارة الصهيونية والمتصهينة، إذا ما اعتقدوا ان الشعب الفلسطيني يقبل التنازل، أو المساومة عن الحد الأدنى من حقوقهم الوطنية. والتاريخ الحاضر والمستقبلي لن يرحم ساكن البيت الأبيض بل سيضعه في المكان المناسب لأمثاله، ممن عاندوا وانقلبوا عليه في المحطات التاريخية السالفة، كما نيرون وهتلر وموسوليني، وسيحاكمهم التاريخ كمجرمي حرب أمام المحاكم الأممية وخاصة محكمة الجنائية الدولية، التي فرض عليها ترمب عقوبات كشفت عن خواء وافلاس فكري سياسي وقانوني، وسيبقى الشعب الفلسطيني سيدا على ارض وطنه وفي دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية شاء ترمب أم ابى.