العقوبات الأمريكية على الجنائية الدولية و"قانون الغاب"
![](https://www.raya.ps/cached_uploads/resize/835/558/2021/10/16/f0530533-381c-42bf-bd06-86676e355646-1634368319.jpg)
الكاتب: سري القدوة
أصدرت 79 دولة من الدول الأطراف الموقعة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، من بينها دولة فلسطين، بيانا مشتركا أكدت فيه دعمها المستمر والثابت لاستقلال المحكمة ونزاهتها وحيادها، وشدد البيان على أن المحكمة تعمل كركيزة أساسية في نظام العدالة الدولية من خلال ضمان المساءلة عن أخطر الجرائم الدولية وتحقيق العدالة للضحايا.
المحكمة الجنائية الدولية تواجه تحديات غير مسبوقة وخاصة من قبل الإدارة الأمريكية برئاسة ترمب وانه من الممكن الاستمرار في فرض عقوبات أخرى حيث يتم فرض تدابير عقابية ضد المحكمة ومسؤوليها وموظفيها، وكذلك ضد المتعاونين معها، كرد فعل على قيام المحكمة بتنفيذ ولايتها وفقا لنظام روما الأساسي .
فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يهدد استقلاليتها ويقوض نظام العدالة الدولية ويشكل تهديدا للنظام القضائي الأوسع، بعد أن عاقب الرئيس الأميركي دونالد ترمب المحكمة بسبب تحقيقاتها في ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني من قبل حكومة الاحتلال .
الجنائية الدولية تحظى بدعم دول العالم وتعد من أهم المؤسسات الدولية التي تعمل على تطبيق نظام العدالة الجنائية الدولية ولها الدور الأساسي في تحقيق العدالة والمساءلة عن أخطر الجرائم المرتكبة في عدة أماكن في العالم، من بينها الأرض الفلسطينية المحتلة .
خطوات ومحاولات الإدارة الأمريكية تهدف إلى تقويض استقلال ونزاهة وحيادية المحكمة الدولية ويجب ضمان استمرارية عمل المحكمة حتى تتمكن من مواصلة أداء مهامها بفعالية واستقلالية والعمل بشكل جماعي إلى تعزيز العدالة الدولية، والتأكيد على الدور الذي لا غنى عنه للمحكمة في إنهاء الإفلات من العقاب، وتعزيز سيادة القانون، وترسيخ الاحترام الدائم للقانون الدولي وحقوق الإنسان .
هذا التصرف يبعث برسالة مفادها أن إسرائيل فوق القانون والمبادئ العالمية للعدالة الدولية، ويوحي بأن الرئيس ترمب يؤيد ويدعم جرائم حكومة التطرف الإسرائيلية ويتبنى الإفلات من العقاب وقراره يعد خطوة وحشية تسعى إلى تقويض وتدمير ما أنشأه المجتمع الدولي بجهد دؤوب على مدى عقود، كون ان القواعد العالمية تنطبق على الجميع وتهدف إلى تحقيق العدالة للجميع، وتشكل العقوبات خيانة أخرى للعدالة وأن الولايات المتحدة مستعدة لمعاقبة المحكمة التي تكفل عدم تمكن الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية الأكبر عن ارتكاب الفظائع، من الإفلات من قبضة العدالة .
سيادة القانون تظل ركيزة أساسية لتحقيق السلام والأمن الجماعي وإن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية من شأنه تقويض جهود المساءلة العالمية، ويبقى للمحكمة الجنائية الدولية أهمية كبيرة في دعم العدالة الجنائية الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب .
لا تجوز حماية أو مساعدة أي شخص مسؤول عن ارتكاب جرائم بموجب القانون الدولي في محاولته للتملص من المساءلة الشخصية، فما بالك إذا كان ذلك بمساعدة من حكومة الولايات المتحدة استنادا إلى التحالفات السياسية للرئيس ترمب، ويجب العمل بشكل جدي من قبل الأمم المتحدة من اجل مراقبة آثار الأمر التنفيذي وأهمية اتخاذ خطوات أخرى في اتجاه تحقيق وتكريس العدالة الدولية .
العالم يقف ضد قرار الرئيس ترمب ويدعم المحكمة الجنائية الدولية والمبادئ المنصوص عليها في نظام روما، وان الأمر التنفيذي (الأميركي) من شأنه أن يشكل تحديا خطيرا لعمل المحكمة الجنائية الدولية، ويهدد بالتأثير في التحقيقات والإجراءات الجارية، كون أن القرار الأميركي يمكن أن يؤثر على سنوات من الجهود لضمان المساءلة في أنحاء العالم .