الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:03 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:58 PM
المغرب 5:27 PM
العشاء 6:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ترمب وريفييرا الشرق في غزة

الكاتب: نبيل عمرو

انشغل العالم بقنبلة دونالد ترامب وعنوانها “تحويل غزة المدمّرة إلى ريفييرا الشرق”، أو لاس فيغاس، مع أنّ ما حدث في غزة أفدح كثيراً ممّا حدث في فلوريدا، مع فارقٍ جوهريّ هو أنّ دمار غزة كان بفعل القنابل الأميركية ودمار فلوريدا كان بفعل غضب الطبيعة.

فاجأت قنبلة ترامب العالم كلّه، ويُفترض أن تفاجئ صاحبها بردّ الفعل الدولي عليها مع تبلور إجماع مطلق على رفضها حتى من قبل من يعتبرهم ترامب تابعين مطيعين لا يملكون من أمرهم سوى المشي وراءه في سياساته وقراراته وحتى نزواته.

العالم الذي اتّحد على رفض مشروع ترامب بشأن غزّة، جرّب هذا الرجل في حالاته المتعدّدة… جرّبه حين فاجأ الجميع بفوزه في الانتخابات الأولى ليمضي أربع سنوات في البيت الأبيض وُصِفت بالعجاف، خصوصاً من قبل حلفاء أميركا التقليديين.

أمّا بالنسبة لأهل الشرق الأوسط، فقد صدّر لهم أسوأ مشروعٍ لحلّ القضية الفلسطينية سمّاه صفقة القرن، وجرّبه أيضاً حين تحوّل إلى رئيس ظلٍّ خلال ولاية جو بايدن الباهتة. وحين عاد إلى البيت الأبيض بفوزٍ ساحق، أشعل أضواء تحذير في جميع عواصم العالم من رجل يعتبر المخاطرات الدرامية في العلاقات الدولية تفكيراً وإبداعاً من خارج الصندوق!

ابتلع العالم حكاياته الخارجة من صندوقه الخاصّ، بشأن بنما الصغيرة وغرينلاند، وكندا الواسعة وأوروبا – الناتو، التي يعتبرها المشروع الاستثماري الخاسر وفق مبدأ الربح والخسارة الذي يحكم المقاولين وطريقتهم في إبرام الصفقات حتّى حين يصبحون رؤساء دول.

غير أنّ العالم الذي ابتلع كلّ هذا اعتماداً على أنّ المعنيّين سيتدبّرون أمرهم معه، بإعطائه بعضاً ممّا يريد، لم يستطِع ابتلاع مشروعه بشأن غزة. إذ لم يعتبره خروجاً عن الصندوق المألوف كما وصفه بنيامين نتنياهو، وإنّما خروج عن المنطق، لفرط مخالفته للقواعد الأخلاقية والأعراف والقوانين التي تحكم العلاقات الدولية.

الأمر الأهمّ من ذلك هو قيامه بانقلاب جذريّ على التوافق الدولي بشأن غزّة والقضيّة الفلسطينية، بما يعنيه مشروعه التهجيري من إلغاء عمليّ للمصطلح الدولي المجمَع عليه “حلّ الدولتين” وتسليمه مفاتيح المنطقة لإسرائيل، بدءاً بمصير غزة وليس انتهاءً بترتيبات أوسع تشمل الشرق الأوسط كلّه.

الرفض المطلق لمشروع ترامب التهجيري ليس لكونه يخالف الأعراف والقواعد والقوانين الدولية فقط، فهذه مسألة لا وزن كبيراً لها في عالم اليوم، بل ليقين العالم بأنّ مشروع ترامب ينتج من الأزمات أكثر بكثير من إنتاجه حلّاً، خاصّةً أنّ الدول المقترَحة للمشاركة في تنفيذ هذا المشروع، وأقربها الدول العربية، لا ترى فيه خطراً محدقاً بالفلسطينيين وحدهم بل خطر عليها أيضاً. وإذا كانت مصر والأردن هما الأقربان، فالعالم العربي لا يتّحد مع الدولتين المعنيّتين في المخاوف وحسب، بل وفي العمل المشترك لإنهاء هذا المشروع والحيلولة دون التوغّل الأميركي في تنفيذه.

اختار العرب الاشتباك السياسي الإيجابي مع الرئيس الأميركي، وفي هذا السياق يلتقي الملك الأردني عبدالله الثاني بعد أيام مع ترامب، وكذلك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. وقد حدّد الزعيمان قبل لقاءيهما في البيت الأبيض موقفاً مشتركاً ومدعوماً من الدول العربية، موقفاً قاطعاً بالرفض، وهذه المرّة مع بديلٍ أكثر صدقيّة وواقعية من مشروع ترامب تجلّى في إعلان مصر مشروعها لإعادة الإعمار من دون تهجير ولو غزّيّاً واحداً، والتحضير لعقد مؤتمر دولي لهذه الغاية.

في سياق الاشتباك السياسي الإيجابي، ستستقبل المملكة العربية السعودية الرئيس ترامب، وستكون المملكة أوّل محطّة في زياراته الخارجية. وإذا كان العنوان المفضّل لترامب هو التطبيع السعودي الإسرائيلي، فإنّ المملكة أكّدت المؤكّد: لا تطبيع من دون قيام الدولة الفلسطينية مع رفضٍ لمشروع التهجير من غزة، وهو ما يغلق الدائرة العربية تماماً أمام مشروع التهجير وما يترتّب عليه.

بمنطق رئيس الدولة العظمى أو منطق المقاول، لا مناصّ من التراجع عن حكاية الريفييرا، غير أنّ ظاهرة ترامب وطريقته في العمل لا تشجّعان على اليقين بإقدامه على خطواتٍ عاقلة، لكنّ الاشتباك السياسي معه هو أسلم الخيارات، وهذا ما يحدث بالفعل. ولنرَ ماذا سينتج؟

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...