منظومة حماية المستهلك الفلسطيني
الكاتب: صلاح هنية
أقل من شهر يفصلنا عن حلول شهر رمضان، في ضوء ظروف اقتصادية ومالية وسياسية ليست طبيعية ولا تحقق الحد الأدنى من القدرة الشرائية، وعادة ما يخطر في الذهن الشعبي التركيز على حقوق المستهلك بشكل أساسي من حيث السعر والجودة وسلامة الأغذية في شهر رمضان، بينما تتسع رزنامة أشهر العام للتركيز على هذا الملف، أسوةً ببقية العالم طالما أننا نسعى ونجتهد لنكون جزءاً من المنظومة الدولية والمنظومة العربية لحماية حقوق المستهلك.
فاتحة الكلام:
ضرورة التمييز والفصل بالصلاحيات بين جمعية حماية المستهلك الفلسطيني المؤسسة التطوعية غير الحكومية، والتي لا يتقاضى طاقمها رواتب ولا تتلقى دعماً، والتوعوية والقادرة على الضغط والتأثير والتقدم بشكاوى نيابة عن المستهلك، وحشد الرأي العام حول تلك القضايا، وبين وزارات وهيئات غير وزارية تُعنى بحقوق المستهلك وتلك جزء من الحكومة، ويتقاضى موظفوها رواتب ولها ميزانيتها، وهي صاحبة سلطة قانونية لاتخاذ المقتضى القانوني ضد ما يمس بالمستهلك.
وغالباً ما يتم اختلاق الخلط بين العمل الأهلي لحماية المستهلك وبين العمل الحكومي؟ ونصبح أمام حالة «عنزة ولو طارت» بحيث يصرون على التعامل مع الجمعيات على انها حكومة!!! وغالباً فإن الأمر ليس بريئاً بالمطلق.
الاحتياجات المشروعة للمستهلكين:
الحماية للمستهلكين من المنتجات والخدمات والعمليات التي تلحق ضرراً بصحتهم، التثقيف، تسوية المنازعات، الاستدامة، التمثيل، للمستهلكين الحق أن يكونوا ممثلين في عمليات صنع السياسات التي تتناول مصالحهم، الحقوق في التجارة الإلكترونية، الخصوصية، حماية مصالحهم الاقتصادية، الوصول إلى المعلومات الدقيقة والكافية بحيث يتمكنون من الاختيار بأمان، الشمولية لكافة المستهلكين لضمان الحق بالوصول الى السوق والخدمات دون حرمان، الحصول على السلع والخدمات الاساسية والضرورية.
التنمية المستدامة 2030:
قد يكون التعاطي مع تلك المسألة نوعاً من الترف في ضوء العدوان الاحتلالي على شعبنا وحرماننا من أبسط حقوقنا والحديث عن التهجير، إلا أن سياسات حماية المستهلك تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من حيث دعم تحقيق تلك الأهداف، بحيث تضمن التجارة العادلة والتسويق الأخلاقي والحماية من المنتجات الضارة، بحيث نضمن الصحة والسلامة والرفاه والاستهلاك المسؤول.
ونحقق تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الابتكار، ونذهب صوب تعميم المساواة والشمولية التي تصون حقوق جميع المستهلكين ومصالحهم ومصالح الفئات الأكثر عرضةً للمخاطر، والحد من عدم المساواة، ونضمن عدم ترك أحد وراءنا.
تمكين المستهلك:
حتى نتمكن من تمكين المستهلك وإنصافه يجب تسهيل وصوله الى آلية إنصاف تتيح لهم التعويض عندما يطال ضرر ما سلامته الجسدية أو مصالحه الاقتصادية، أو يتعرض لإعلانات كاذبة أو معلومات مضللة، او التوقيع على بنود تعاقدية مسيئة، وهنا تبرز أهمية وجود آلية قوية لحل المنازعات على تسوية الخلافات بين المستهلكين والمؤسسات التجارية في أسرع وقت.
لم يعد مقبولاً استمرار التبرير للمستهلك أنه ظلم، ولم يستعد حقه على قاعدة هذا الممكن، ويغلف ذلك بمضامين عقود الإذعان، أو غياب المعلومة الدقيقية والمفيدة، التي يجابه بها المستهلك عندما يقع في شرَكها، ولا يجد إلا تبريراً ولا يجد حلاً.
أين نقف اليوم؟
لا زلنا نراوح مكاننا في فلسطين، فالخريطة ليست واضحة المعالم رغم وجود كل التشكيلات لدينا، الا أن الكل داخل في بعضه، والكل يدّعي انه قادر لوحده على حل كل القضايا، وفي كل عام ندخل شهر رمضان المبارك بذات البداية وذات النهاية ولا نبدع بالمطلق، وتغيب فعالية حل النزاعات بصورة محوكمة وفعالة، وغالباً تكون اجتهاداً شخصياً من المؤسسة التجارية ومن المستهلك الذي يذهب لقبول أول عرض حتى لو لم يلبِّ الحد الأدنى من حقوقه.
لا زال تمثيل المستهلكين في القضايا التي تمس مصالحهم ضعيفاً بشكل واضح، وهو ليس ضعيفاً فقط من ناحية الحكومة والقطاع الخاص، بل هناك ضعف في فرض ممثلي المستهلك لدورهم، رغم أن المحاولة لا تتوقف وتتابع، إلا أن النتيجة ليست كما يجب في مبادئ الأمم المتحدة لحماية المستهلك، ولا للمعايير العربية المشتقة من تلك المبادئ العالمية.
جمعية حماية المستهلك الفلسطيني:
حاضرة وتتابع، ولكننا أمام جمعية تطوعية قائمة على التطوع لا يوجد لديها موظفون بل لديها متطوعون، تجترح الحلول وتطرح مبادرات وتتابع، ولكنها بحاجة إلى تقوية بنيتها المؤسسية، وبحاجة إلى إسناد حكومي كما هو في بقية العالم، وبحاجة إلى تفاهمات مع الاتحادات الصناعية والغرف التجارية.