الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:02 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:58 PM
المغرب 5:28 PM
العشاء 6:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المجلس الفلسطيني لسلامة الأغذية: نحو مأسسة  الرقابة على الأغذية

الكاتب: حسين حجاز، بسام ابوغليون

يمثل تنظيم الرقابة على الأغذية أحد الأدوات الرسمية لحماية صحة المواطنين وضمان جودة المنتجات والسلع وفقاً للمعايير الوطنية والدولية. حالياً، تتوزع مسؤولية الرقابة بين عدة أطراف، يشار إليها مجتمعة بـ "الأطراف ذات العلاقة في سلامة الأغذية"،  وتشمل المؤسسات الحكومية: وزارة الصناعة، وزارة الاقتصاد، وزارة الصحة، وزارة الزراعة، وزارة الحكم المحلي، وزارة التربية والتعليم (المقاصف المدرسية)، ومؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية.  كما تساهم جهات غير حكومية، مثل اتحاد الصناعات الغذائية والزراعية، وجمعيات حماية المستهلك  في  هذه الجهود. ورغم أهمية هذا التعدد لضمان رقابة شاملة، إلا أن التحديات التي تواجه هذه الأطراف عديدة، أبرزها:

  1. صعوبة تطبيق القوانين الحالية وغياب قانون موحد لسلامة الأغذية في فلسطين: إن غياب جهة مركزية متخصصة تُشرف على  تبني إصدار قانون مختص بسلامة الأغذية  يغطي جميع الجوانب  بشكل متسق وفعًال  يعيق تحقيق نظام رقابة غذائي متكامل.  يتفاقم هذا التشتت  نتيجة أن سلامة الأغذية قضية غير قطاعية تتداخل فيها مسؤوليات عدة جهات  حكومية  بأطرها الإدارية  والتنظيمية، واعتمادها على قوانين متفرقة، مثل: قانون الصحة العامة، قانون الزراعة، قانون المواصفات والمقاييس الفلسطينية، قانون حماية المستهلك، قانون الهيئات المحلية، قانون الحرف والصناعات، قرار بقانون بشأن الصناعة . لذلك يعد وجود قانون موحد وشامل لسلامة الأغذية أمراً ضروريا لتوحيد  التشريعات الحالية ، مما يسهم في رفع كفاءة النظام الرقابي وتوافقه مع المعايير الدولية.
  2. تداخل الصلاحيات والمسؤوليات: أدى تعدد القوانين الى تداخل  الصلاحيات والمسؤوليات، وتعقيد في الاجراءات، وغياب آلية واضحة للتنسيق بين الجهات الرقابية على سلامة الأغذية. هذا الوضع يُصعّب اتخاذ القرارات المتعلقة بسلامة الأغذية  خاصة في اوقات الأزمات والطوارئ، ويؤدي الى زيارات تفتيشية متكررة من قبل  الجهات المختلفة إلى المصانع ومحلات البيع بالتجزئة. مما يربك عمليات الإنتاج والتسويق، ويزيد التكاليف التشغيلية، ويرهق قطاع الصناعات الغذائية الذي يسعى بكل جهد للامتثال لمتطلبات متعددة. بالإضافة إلى ذلك، تركز هذه القوانين غالبا على المنتجات المحلية مع إغفال كبير للمنتجات المستوردة.
  3. تحليل المخاطر لتجنب الأوبئة الغذائية والكوارث الصحية غير فعال: من الممكن ان تكون جهود تجنب الأوبئة الغذائية والكوارث الصحية غير كافية. يتطلب النجاح في هذا المجال وجود جهة مركزية متخصصة  تضمن تطبيق تحليل المخاطر وفقا لهئية الدستور الغذائي (CODEX): تقييم المخاطر، إدارتها، والإبلاغ عنها، من خلال منهجية واضحة لجمع المعلومات وتحليلها، إضافة للتنسيق الفعال بين الجهات المحلية والدولية لتعزيز الاستجابة السريعة واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.
  4. عدم استيفاء الشروط الفنية للاندماج في النظام الغذائي العالمي: يعاني نظام الرقابة على الأغذية في فلسطين من عدم توافق القوانين واللوائح الفلسطينية مع المعايير الدولية، مما يحد من قدرته على الاندماج في المؤسسات العالمية ذات العلاقة. إن فلسطين ليست عضواً كاملاً في منظمات دولية رئيسية مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، منظمة التجارة العالمية (WTO)، منظمة الصحة العالمية (WHO)، والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية (OIE)، ومبادرة هيئة الدستور الغذائي (CODEX). هذا الوضع يحرم فلسطين من المساهمة في هذه المؤسسات، ومن الحصول على كامل الدعم الفني وبناء القدرات اللازمة لتطوير قطاعاتها الغذائية والزراعية. إضافة إلى ذلك،  عدم تطابق التشريعات الفلسطينية والإسرائيلية يشكل عائقًا رئيسيًا أمام المصانع  الغذائية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بتدفق البضائع وتقليل الفاقد من مرتجعات السوق.

تمكنت العديد من الدول العربية  من بناء نظم  ناجعة للرقابة على الأغذية من خلال إنشاء هيئات موحدة أو مأسسة التنسيق بين الجهات المختصة، مثل: هيئة سلامة الغذاء المصرية، وهيئة الغذاء والدواء الأردنية، وهيئة الغذاء والدواء السعودية. في السياق الفلسطيني:  نصت الاستراتيجية الوطنية لسلامة الأغذية (2017-2022)،  التي أقرها واعتمدها مجلس الوزراء الفلسطيني بتاريخ 26-9-2017 تحت رقم (171)، على أهمية تشكيل "المجلس الفلسطيني لسلامة الأغذية". سيتولى هذا المجلس صلاحيات عليا للسيطرة على سلامة الأغذية والتنسيق  بين مختلف السلطات وإنفاذ اللوائح ذات العلاقة، وبناء الثقة بالمنتجات الفلسطينية محليا ودولياً. ومن أهم أهداف المجلس المقترح:

  •  تطوير الاستراتيجية الوطنية لسلامة الأغذية والتركيز على الأمن الغذائي والتنافسية والالتزام بالمعايير الدولية.
  •  الإشراف على تشريع وإنفاذ قانون الغذاء الفلسطيني وتنسيق أعمال الرقابة بين الجهات المختصة.
  •  تأسيس لجنة علمية استشارية لسلامة الأغذية بالتعاون مع الجامعات.
  •  رقمنة عمليات الرقابة على الأغذية لتعزيز الشفافية والكفاءة.

كأداة لامتلاك المكان المهدد بالسلب وتحويل البناء الحضاري إلى ممانعة وطنية، تبرز الحاجة الى مأسسة العمل الرقابي على الأغذية وإعداد قانون موحد لسلامة الأغذية كمسألة ملحّة. ولتنفيذ هذه الرؤية، أطالب مجلس الوزراء الفلسطيني بتطبيق بنود الاستراتيجية الوطنية لسلامة الاغذية (2017-2022) وتفعيل خطة العمل بتشكيلالمجلس الفلسطيني لسلامة الأغذية”،  كخطوة جوهرية نحو حوكمة وتكامل الجهود الرقابية على الأغذية وفرض قوانينها، واستيفاء شروط  الاندماج الإقليمي والدولي، كضرورة استراتيجية لدعم النضال الوطني من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ملاحظة: يمثل إنشاء المجلس الفلسطيني لسلامة الأغذية خطوة تمهيدية نحو تأسيس المجلس الفلسطيني لسلامة الغذاء والدواء مستقبلاً، بهدف تحقيق التكامل في التنظيم، وتوحيد المرجعيات الرقابية والتشريعية لضمان سلامة الغذاء، وجودة الدواء وفعاليته ومأمونيته. ومع ذلك، قد يواجه هذا النهج تحديات عند الدمج مستقبلاً، ما لم يُبنَ المجلس على أسس مرنة تضمن وضوح الاختصاصات وتجنب الازدواجية.

"بمشيئة الملاح تجري الريح… والتيار يغلبه السفين" محمود درويش

حسين حجاز، بسام ابوغليون

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...