الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:07 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:54 PM
المغرب 5:22 PM
العشاء 6:39 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

مخططات التهجير من جونسون إلى ترمب، الاستعمار الاستيطاني يُعيد إنتاج نفسه

الكاتب: مروان طوباسي

في حديثه الأخير، صرّح دونالد ترمب بأنه "غير متأكد من أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سيصمد بعد إنتهاء مراحل ودفعات تبادل الأسرى"، وهو تصريح يحمل دلالات خطيرة حول نوايا إسرائيل استكمال عدوانها على غزة، بدعم أمريكي واضح ومتجدد خاصة بعد التهديدات الأمريكية المتكررة للأردن ومصر بضرورة استقبال المهجرين والتأكيد "أنهم سيستقبلونهم".

هذه التصريحات تأتي في ظل اقتراب زيارة بنيامين نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية إلى واشنطن يوم الثلاثاء، حيث يتوقع أن يتم الاتفاق على استراتيجيات جديدة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتكريس الاحتلال والاستيطان وتنفيذ رؤية إسرائيل الكبرى من خلال الضم حتى وعلى حساب أراضي دول عربية مجاورة أيضاً واثارة تهديدات بحروب مختلفة الأشكال.

في الوقت نفسه ، أبدت واشنطن رفضها لإشراك حلفاء حزب الله في الحكومة اللبنانية الجديدة كما والموافقة على تمديد تواجد الاحتلال الإسرائيلي للجنوب وتهديد لبنان اقتصاديا، كما وإتاحة المجال أمام تمدد استيطاني في جنوب سوريا واستمرار تهديد إيران، مما يشير إلى أن السياسة الأمريكية في المنطقة لا تزال تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي وفق رؤية إسرائيلية-أمريكية مشتركة، عبر فرض مزيد من الضغوط على القوى المعارضة لمنهج سياساتها، سواء في فلسطين أو لبنان بعد أن نجحت في تنفيذ الغزوة على سوريا وتطويعها من خلال نظام الأمر الواقع الإسلاموي القائم بفعل تغييب وانتهاك الديمقراطية والمساواة هناك بقرارات تصدر عن ما يسمى بالإدارة العسكرية والسماح لإسرائيل بانتهاك سيادة أراضيها.

ما يحدث اليوم في غزة ليس معزولاً عن السياق التاريخي وعن أحداث المنطقة الأوسع، بل هو امتداد لمحاولات سابقة لتصفية الوجود الفلسطيني. من مشروع جونسون في الخمسينيات، إلى محاولات التهجير إلى سيناء، إلى الضغوط المستمرة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية. واليوم، يسعى ترمب إلى إعادة إحياء هذا النهج، ولكن بأساليب أكثر عنفا ووقاحة باستخدام سياسة العصا والجزرة بحق الأردن ومصر اقتصاديا، مستفيداً من صمت بعض الأنظمة العربية الأخرى وجهات دولية، والاختلالات السياسية في واقعنا الفلسطيني التي تحتاج إلى معالجات سريعة من خلال التوافق الواسع سنداً لاستقلالية قرارنا الوطني والديمقراطية الانتخابية.

إن نجاح الرؤية الأمريكية الإسرائيلية في غزة يعني استكمال الانتقال بها إلى محافظاتنا الشمالية من دولة فلسطين المحتلة، وهو ما ابتدأ بمخيمات الشمال من مناطق جنين وطولكرم وقلقيلية ونابلس وطوباس خلال الفترة الماضية تمهيداً لامتداد ذلك، حيث أصبح عامل الزمن يتسارع بخطورة.

مشروع جونسون، أول محاولة أمريكية لطمس حق العودة

بعد جريمة نكبة 1948، أصبحت قضية اللاجئين الفلسطينيين قضية مركزية في محددات قضيتنا الوطنية. وفي محاولة لتصفية هذه القضية، طرحت الولايات المتحدة مشروع إريك جونسون في الخمسينيات، الذي هدف إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، وخاصة الأردن وسوريا والعراق ومصر. وتقديم مشاريع اقتصادية تهدف لإجبار شعبنا الفلسطيني التخلي عن حق العودة، إضافة إلى تحويل اللاجئين إلى مواطنين في الدول المضيفة، وإنهاء وضعهم القانوني السياسي كلاجئين مهجرين قسراً، وهو ما يتم اليوم من خلال قرارات ترمب ونتنياهو بشأن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" وتدمير المخيمات وحروبها المفتعلة سابقاً في لبنان.

لكن الفلسطينيين رفضوا هذا المخطط، مدركين أنه كان محاولة لإغلاق ملف اللاجئين لصالح إسرائيل. ومع ذلك، لم تتوقف محاولات تهجير شعبنا الفلسطيني منذ ذلك الزمن، بل استمرت بأشكال مختلفة.

مشاريع التهجير المتكررة، الاستعمار لا يغيّر استراتيجيته

رغم فشل مشروع جونسون، استمرت محاولات اقتلاع الفلسطينيين من خلال:

 * هزيمة الأنظمة العربية عام 1967 على إثر الحرب، بحيث تم تهجير أكثر من 300 ألف فلسطيني من الضفة الغربية إلى الأردن.

* محاولات التهجير إلى سيناء، خطط إسرائيلية وأمريكية في السبعينيات والثمانينيات لنقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، بحجة تحسين ظروفهم المعيشية، كان آخرها زمن حكم مُرسي في مصر قبل عزله.

* تداعيات اتفاق أوسلو وما بعدها، فرغم عدم وجود مشاريع تهجير مباشرة، إلا أن سياسات الحصار والاستيطان الإسرائيلي في الضفة وخاصة بالقدس واعتداءات وحرائق قطعان المستوطنين شبه اليومية، وتجويع غزة والعدوان المتكرر عليها منذ أكثر من عقد، دون التمكن من منعها، خلقت بيئة طاردة تدفع العديد من شعبنا الفلسطيني إلى الهجرة القسرية.

ترمب واستكمال المشروع، التهجير تحت شعار "السلام الاقتصادي"

مع وصوله إلى السلطة للمرة الثانية، قدّم ترمب تصوراً متطرفاً فاشياً غير أخلاقي للقضايا المثارة حول العالم، ومن ضمنها القضية الفلسطينية، كان جوهره تصفية حقوق الفلسطينيين بشكل نهائي، ومن أبرز سياساته:

1. شطب قضية اللاجئين، عبر وقف تمويل الأونروا والسعي لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، لإسقاط حق العودة عن الأجيال القادمة.

2. دعم الاستيطان والضم، تشجيع إسرائيل على توسيع الاستيطان وضم المناطق في الضفة الغربية بعد إقراره بضم القدس، مما يضع الفلسطينيين أمام خيارين، إما العيش في كانتونات معزولة، أو الهجرة القسرية.

3. "الترانسفير الطوعي"، الترويج لفكرة هجرة الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى بعد عدوان الإبادة الذي من الممكن استكماله، بحجة البحث عن "حياة أفضل" او "لحين إعادة الإعمار"، وهو نموذج خبيث مكرر من مشروع جونسون الذي اسقطته الحركة الوطنية في غزة آنذاك.

في ولايته الثانية، يعود ترمب بقوة لتنفيذ هذه السياسات تحت شعار العظمة الأمريكية، متحالفا مع نتنياهو، الذي يسعى إلى تصعيد العدوان على غزة والضفة للبقاء في الحكم، وتحقيق مزيد من التوسع والضم الاستيطاني، وخلق واقع ديمغرافي جديد في فلسطين التاريخية يخدم الرؤية الصهيونية، أو من خلال حكومة إسرائيلية جديدة تسعى إلى تنفيذ ذلك بشكل آخر.

كيف نُسقط المشروع الأمريكي-الإسرائيلي الجديد؟

ما يحدث اليوم هو إعادة إنتاج للنكبة بأساليب مختلفة، وهذا يتطلب استجابة فلسطينية قوية، تقوم على الأسس التالية:

1. إعادة تفعيل دور اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، ورفض أي محاولات لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني أو تصفية الأونروا.

2. الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار م.ت.ف.، وإنهاء الانقسام السياسي، لأن استمرار ذلك يُسهل تمرير المخططات الأمريكية والإسرائيلية وقتل مشروع الدولة ذات السيادة والمتواصلة، وهذا يتطلب وبشكل عاجل تنفيذ اتفاق بكين لتمكين حكومة وطنية من بسط سيادتها القانونية في غزة كما بالضفة وتولي إعادة الإعمار. كما وإعادة تشكيل/ انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني للمنظمة ودعوته وفق النظام للانعقاد في هذا المنعطف السياسي بالسرعة الممكنة.

3. تعزيز المقاومة الشعبية والدبلوماسية والقانونية والسياسية بشكل عام، فكما أُجبرت إسرائيل سابقا على التراجع عن بعض مشاريعها بفعل أشكال المقاومة المتعددة للاحتلال، فإن استمرار النضال الوطني الديمقراطي الموحد بقيادة منظمة التحرير بترسيخ مكانتها كجبهة وطنية واسعة وتطوير أدائها وهياكلها كممثل وحيد سيُفشل مشروع التهجير الجديد.

4. حشد موقف عربي ودولي رافض للترانسفير والتهجير، وإعادة القضية الفلسطينية إلى موقعها الطبيعي كقضية تحرر وطني، وليست مجرد قضية أزمة إنسانية اقتصادية لسكان أو لمفهوم خلاف على أراض متنازع عليها كما تروج إسرائيل في إطار رؤيتها الصهيونية حول الحقوق التوراتية أو محاربة شعب إرهابي.

5. تصعيد الضغط على إسرائيل قانونياً وديبلوماسياً بالمحافل الدولية والإقليمية من خلال تكريس تدويل قضيتنا الوطنية، وفضح جرائمها أمام العالم واستمرار عزلها أمام تصاعد حركات التضامن الدولي مع شعبنا، وعدم السماح بتطبيع مشاريعها الاستعمارية تحت أي ذريعة، والانتباه الشديد من الوقوع في شرك الوعود الأمريكية المعتادة.

وقد يكون إعلان تسع من دول الجنوب العالمي تأسيس "مجموعة لاهاي" للعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين ودعم حق شعبنا الفلسطيني في تقرير المصير، وتنسيق الجهود للتصدي لانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، نموذجا يتوجب العمل على توسعته أو انشاء مجموعات مماثلة بالتعاون مع الدول الصديقة.

إن التاريخ يُثبت أن شعبنا الفلسطيني لم يُهزَم يوما بالإبادة أو الاقتلاع أو التهجير، ولن يكون مصير مشروع ترمب مختلفاً عن مشاريع جونسون وبن غوريون ومن تبعهم من حكام إسرائيل والولايات المتحدة

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...