الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:08 AM
الظهر 11:53 AM
العصر 2:52 PM
المغرب 5:20 PM
العشاء 6:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

سلام ترمب والفلسطينيون

الكاتب: نبيل عمرو

في الحملات الانتخابية، سواء كانت على مستوى إدارة جمعية خيرية أو نادٍ رياضيّ أو برلمان أو رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، تنهمر وعود المتنافسين كالمطر، ويخترع الخبراء لغة خاصّة لاستقطاب الأصوات حتى لو كان الموعودون بها مختلفين على كلّ شيء.

يسجّل للرئيس “الظاهرة” دونالد ترامب أنّه أجاد لعبة استقطاب الأصوات، وإرضاء جميع أطياف الناخبين، سياسية كانت أم عقائدية، ومن ضمن من استقطبتهم الوعود عرب أميركا الذين منحوه ما لم يكن يتوقّع من الأصوات بعدما حجبوها عنه بفعل سياساته في الولاية الأولى، ومنها صفقة القرن.

إضافة إلى اعتراضهم على سخائه المفرط في السحب من رصيد الفلسطينيين، وإيداعه في الرصيد الإسرائيلي، وكانت العناوين الأبرز لولايته الأولى منحه إسرائيل القدس والجولان والأغوار الفلسطينية، كما لو أنّه يمنح صديقاً له شقّةً في برجه الشهير في نيويورك.

لم يتوقّف الفلسطينيون عند ما أخذه منهم ومنحه لخصمهم، وحين غادر البيت الأبيض قدّروا أنّ صفقته ذهبت معه، وهو ما شجّع الرئيس محمود عباس على معاودة فتح خطّ معه وتهنئته بالعودة ثانية وإظهار استعداده للعمل معه من أجل تحقيق السلام في المنطقة.

التهنئة بالفوز وإبداء الاستعداد للتعاون والعمل المشترك أمرٌ بديهي ومألوف في مجال العلاقات العامّة ومدّ الجسور بعد انقطاع، غير أنّ ذلك لا ينفي حتميّة التدقيق في ما يريد ويستطيع الرئيس فعله وما لا يريد ولا يستطيع، ذلك أنّ الوعود الانتخابية لا تعني قرارات، والأقوال من خارج البيت الأبيض لا تلزم قائلها حين يصبح في داخله.

المؤشّرات الإيجابية التي أنتجت تفاؤلاً فلسطينياً تجاه الرئيس ترامب، أوّلها ما فعله لفرض رغبته على نتنياهو لوقف الحرب على غزة، وموافقته على تنفيذ الخطّة الأميركية التي وضعتها إدارة بايدن ولم تستطع تنفيذها.

وثانيها عزمه على أن تكون السعودية محطّته الأولى في زياراته الخارجية واستدعاؤه نتنياهو ليكون أوّل زائر للبيت الأبيض، وإرساله مبعوثه ستيف ويتكوف لزيارة الرياض، التي رتّبت لقاءً له مع مبعوث عبّاس، وهو ما أوحى بأنّ الأمر تجاوز حكاية غزة ليبدأ حديث عمّا هو أبعد وأوسع، أي تسوية أو عدّة تسويات تكون القضية الفلسطينية من ضمنها، تضاف إلى ذلك تصريحات متكرّرة للرئيس ترامب بإنهاء الحروب في العالم كلّه.

يندرج كلّ ذلك تحت بند التوقّعات أو المؤشّرات الإيجابية، التي تشجّع على التفاؤل بولاية ترامب الثانية، وبالمقابل هنالك مؤشّرات قويّة تدعو إلى القلق ظهرت في مرحلة تشكيل إدارته، ولا سيما اختياره مَن لهم صلة مباشرة بتنفيذ سياساته الخارجية، وتحديداً في مجال إسرائيل والفلسطينيين.

إنّ من اختارهم بدوا كما لو أنّهم أعضاء في الأحزاب الصهيونية المتطرّفة، أو سيؤدّون مستلزمات صفقة القرن. وإذا ما تمّ تجاوز هذا المؤشّر المقلق، بذريعة أنّ هؤلاء موظّفون لا أكثر، فهنالك مؤشّر آخر هو رؤيته لليوم التالي بعد حرب غزة التي تبدأ بتهجير مليون ونصف مليون غزّيّ إلى مصر والأردن. واللافت أنّه يتجاهل الرفض القاطع من قبل المصريين والأردنيين، ويصرّ على أنّ فكرته قابلة للتنفيذ.

ترامب الذي وعد بإنهاء الحروب في العالم، ومنها حروب الشرق الأوسط، يقترح من خلال حكاية التهجير الجماعي التي يتبنّاها توليد قضايا جديدة في المنطقة بدل حلّ القضيّة الأساس، وذلك بفعل رؤيته الفوقية التي يضع فيها مصلحة إسرائيل فوق مصالح الآخرين، بحيث يحوّل بلدانهم إلى أماكن لمخيّمات جديدة، وللمفارقة أنّ هذه الدول على علاقات تحالفيّة مع أميركا!

في بلادنا مثلٌ شعبيّ فيه قدرٌ من البلاغة في الاستدلال على السياسات يقول إنّ “الرسالة تُقرأ من عنوانها”، ورسالة ترامب من الأسبوع الأوّل لولايته الثانية أشاعت قلقاً بل خوفاً من رؤيته للسلام الذي وعد به. وإذا كان العنوان هو تهجير مليون ونصف مليون من أهل غزّة، باعتباره حلّاً يريح إسرائيل، فماذا عن مصالح الأردن ومصر، وأمنهما الاجتماعي والسياسي؟ ثمّ ماذا عن المصالح الحقيقية لأهل غزّة الذين يقترح عليهم ترامب لجوءً من داخل بلدهم إلى لجوء جديد خارج البلد؟ وماذا عن الضفّة التي ملأها قلق من ممالأة ترامب لسموتريتش وبن غفير، وهي صلب القضيّة والمستقبل الفلسطيني؟

المؤشّرات الإيجابية التي استُخلصت من الوعود الانتخابية وفرض الهدن المتقطّعة والتبادل المحدود جرى محوها بجرّة قلم، كما يقال، من خلال قرارات الأسبوع الأوّل لترامب في الموقع، فلنرَ ما سيفعل في الأسابيع المقبلة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...