قوة البيان تتعزز في ترجمته
الكاتب: عمر حلمي الغول
دعت جمهورية مصر العربية أمس السبت الأول من شباط / فبراير الحالي عددا من الدول العربية للقاء في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية للتباحث في الوضع الفلسطيني بعد ابرام اتفاقية الهدن الثلاث وتبادل الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، التي تمت الاحد 19 كانون ثاني / يناير الماضي، وللتكامل فيما بينها في مواجهة دعوات الرئيس ترمب لتهجير الفلسطينيين القسري من قطاع غزة لكل من مصر والأردن، وللضغط على القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية لإلزام إسرائيل باستحقاقات خيار حل الدولتين على خطوط الرابع من حزيران / يونيو 1967.
ومما لا شك فيه، ان البيان الصادرة عن الاجتماع الوزاري السداسي (مصر، السعودية، الأردن، الامارات المتحدة، وقطر، فلسطين) بالإضافة لأمين عام جامعة الدول العربية، كان إيجابيا، وتضمن مجموعة من المحددات السياسية واللوجستية الأساسية، منها: أولا الترحيب بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الرهائن والأسرى، وتثمين مواقف كل من مصر وقطر والولايات المتحدة، وخاصة دور إدارة ترمب الجديدة. وأشار البيان لحرص الدول العربية للتعاون مع إدارة الرئيس ال47 لتحقيق السلام العادل والشامل على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس استقلال دولة فلسطين الناجز على خطوط يونيو 1967؛ ثانيا ضمان تنفيذ الاتفاق بكامل مراحله، وصولا للتهدئة الكاملة، واستدامة وقف إطلاق النار، بالتلازم مع ادخال المساعدات الإنسانية بكافة مشتقاتها الى محافظات قطاع غزة كافة، وإزالة جميع العقبات أمام دخول المساعدات الإنسانية والايوائية؛ ثالثا التأكيد على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، والرفض التام لأية محاولات لتقسيمه؛ رابعا العمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في القطاع، باعتباره جزءا من الأرض الفلسطينية المحتلة الى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، كونها صاحبة الولاية السياسية والقانونية على أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967؛ خامسا التأكيد على الدور المحوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه وغير القابل للاستبدال لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين "الاونروا"، والرفض القاطع لأية محاولات لتجاوزها او تحجيم دورها؛ سادسا التأكيد على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الاعمار في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، خاصة في ضوء ما أظهره الشعب الفلسطيني من صمود وتشبث كامل بأرض وطنه، وبما يسهم في تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين، ومعالجة تداعيات النزوح الداخلي؛ سابعا الاعراب عن استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقا للقانون الدولي. وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد، وهدم المنازل، أو ضم الأراضي، أو عن طريق إخلاء تلك الأراضي من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من ارضهم بأي صورة من الصور، أو تحت أي ظروف ومبررات؛ ثامنا الترحيب باعتزام جمهورية مصر العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة؛ تاسعا مناشدة المجتمع الدولي، لا سيما القوى الدولية والإقليمية، ومجلس الامن من اجل التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، وتجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني، وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. ودعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، والمقرر عقده في حزيران / يونيو 2025.
حرصت على إعادة ذكر بنود البيان الوزاري العربي الإيجابي، لإبراز أهمية النقاط التي تضمنها، وتسليط الضوء عليها. بيد أن أهمية البيان لا تكمن في صدوره، انما في ترجمته على الأرض، ومدى قدرة الاشقاء العرب على تحقيق وتجسيد ما دعوا اليه، وأجزم ان لدى الاشقاء جميعا الامكانية السياسية والديبلوماسية والاقتصادية المالية والأمنية على رؤيته النور، في حال توفرت الإرادة الفردية والجماعية. لا سيما وان لديهم أوراق قوة هامة واستراتيجية تؤهلهم من خلالها للضغط على إسرائيل والإدارة الأميركية. فضلا عن أن المجتمع الدولي على الصعيدين الرسمي والشعبي يدعم بغالبيته العظمى ما تبناه البيان من مواقف إيجابية، وقطع الطريق على خيار ساكن البيت الأبيض بتهجير الفلسطينيين من ارض وطنهم الام فلسطين، وتكريس استقلال دولة فلسطين على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشرقية، ومطالبة بعض الدول العربية والإقليمية الاسلامية بالكف عن العبث في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وإلزام حركة حماس بإنهاء انقلابها على الشرعية الوطنية، والانضواء تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، وافساح المجال أمام الحكومة الفلسطينية بتولي مهامها السياسية والقانونية على القطاع باعتباره جزءا من الوطن الفلسطيني الواحد.
ولا مجال لسياسة الانتظار، أو التراخي عن تنفيذ بنود البيان المتعددة. لأنها مترابطة في سلسلة من الحلقات التي تصب في خدمة الهدف الاستراتيجي باستقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وآمل ان يكون نصيب البيان أفضل من الكم الكبير من البيانات المتعددة ليجد طريقه الى النور.