الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:10 AM
الظهر 11:52 AM
العصر 2:49 PM
المغرب 5:16 PM
العشاء 6:34 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

مفاوضات صفقة تبادل الأسرى هل هي مستدامة؟

الكاتب: د. دلال صائب عريقات

صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الأخيرة تمثل محطة إنسانية هامة في تاريخ القضية، وفي ظل جريمة الإبادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث أنها تُعيد الأنظار لملف الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية. إنها لحظة استثنائية تعيد الأمل لأسر كثيرة، وتعكس أهمية الكرامة الإنسانية وسط واقع مليء بالمآسي والانتهاكات. كما تعيد ملف الأسرى لأعلى سلم الأولويات الوطنية.

لكن رغم أهمية الصفقة من منظور إنساني، يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن لهذه الخطوة أن تسهم في إيجاد حل مستدام، أو أن تضمن عدم قيام دولة الاحتلال باجتياح غزة، تماماً كما فعلت خمس مرات خلال الأعوام السابقة؟ 

مفاوضات تبادل الأسرى، بطبيعتها، تُدار في إطار إنساني بحت، وقد تتضمن أبعادًا أمنية محدودة، لكنها غالبًا ما تكون منفصلة عن السياق السياسي الأشمل، الذي يهدد استدامة أية تهدئة أو تقدم في مسار السلام.

التجربة التاريخية تُظهر أمثلة مشابهة، أبرزها صفقات حزب الله اللبناني مع إسرائيل، حيث لعبت أطراف وسيطة مثل ألمانيا دورًا حاسمًا في إدارة المفاوضات. مثل هذه الصفقات تعتمد على "الدبلوماسية القسرية"، وتبتعد عن الملفات السياسية الكبرى، مما يجعلها حلولًا مؤقتة لا تتعامل مع جذور المشكلة.

الصفقة الأخيرة تأتي في ظل سياق سياسي خطير. من الواضح أن حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل استغلت هذه اللحظة للحصول على تحفيزات وضمانات تُمكّنها من تسريع مشاريع الضم والاستيطان، إضافة للاجتياحات وخنق المواطنين، تحت الذريعة الدائمة، "القضاء على الإرهاب"، تُستخدم لتبرير سياسات عقاب جماعي تصل إلى مستوى جريمة حرب، حيث يُعاقب شعب بأكمله على ذنب لم يرتكبه. هذه السياسات لا تهدف فقط إلى التضييق على الفلسطينيين في حياتهم اليومية، بل تعمل على خنقهم اقتصاديًا واجتماعيًا، وصولًا إلى التهجير القسري. منذ الإعلان عن دخول الاتفاق حيز التنفيذ، فرض جيش الاحتلال إغلاقاً محكماً على كافة المدن والقرى الفلسطينية، وبدأت حكومة اليمين المتطرف عملية عسكرية استهدفت المخيمات والمدن والبنية التحتية والمستشفيات والشوارع تحت ذرائع القضاء على الإرهاب! هذا ما حذرنا منه منذ بدء جريمة الإبادة. جذر عدم الاستقرار لا يتمحور في إيران أو أذرعها، الجذر هو الاحتلال العسكري الإسرائيلي. التطورات القانونية في محكمة العدل الدولية تعيدنا لأهمية التذكير بأن دولة الاحتلال تحاكم في النظام الدولي لتورطها بجريمة إبادة ضد الشعب الفلسطيني، كما ان رئيس الوزراء مطلوب للعدالة كمجرم حرب. هذه الحقائق هي انعكاس لحساسية الواقع الذي نشهده في ظل الأبارتهايد والحكم العسكري الذي ينفذ الاعدامات الميدانية والاعتقالات اليومية، والآن يترجم خطط الضم والاستيطان علنياً. ومن ناحية الجغرافيا السياسية لم يترك أية بقعة متواصلة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.   

في هذا السياق، كان من الضروري أن تتضمن الصفقة الأخيرة بنودًا تضمن وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل شامل، ليس فقط في قطاع غزة، بل في كافة الأراضي الفلسطينية. ما نشهده اليوم من إغلاقات وحواجز وعمليات عسكرية في الضفة الغربية هو نتيجة مباشرة لغياب مثل هذه البنود، مما يعكس محدودية التأثير الإيجابي للصفقة على حياة الفلسطينيين ككل.

إن أهمية الصفقة الإنسانية في تحرير الأسرى لا تعني التغاضي عن الحاجة إلى إطار سياسي أوسع يضمن استدامة مثل هذه الاتفاقات. استغلال إسرائيل للملفات الإنسانية كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية يجعل من الضروري فتح نقاش دولي جاد حول المساءلة القانونية ومواجهة مشاريع الضم والاستيطان.

صفقات تبادل الأسرى تقدم بصيص أمل في لحظات قاتمة، لكنها وحدها ليست كافية. الطريق إلى العدالة والسلام يبدأ بمعالجة جذور الصراع المتمثل في الاحتلال ووقف السياسات العدوانية التي تهدد وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

نتمنى أن تستدام الصفقة. الباب مفتوح للمفاوضين وبدخول دونالد ترامب للمشهد وحديثه المتكرر عن السلام بأن يفرض للمرحلة القادمة تصوراً استراتيجياً لا يقلل من أهمية المسار السياسي لضمانة الاستدامة، واذا ما تضمنت إطار سياسياً شمولياً ودامجاً، وركزت على المسار الاقتصادي/ الأمني سنعود لجولات من الهجمات الإسرائيلية المتكررة لجيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...