الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:49 AM
العصر 2:40 PM
المغرب 5:06 PM
العشاء 6:24 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

النصر والهزيمة .... والكارثتان

الكاتب: جهاد حرب

أخيراً توصلت الأطراف إلى هدنة، تم الإعلان عن عنها أول أمس وتبدأ الأحد القادم، في قطاع غزة أو بمعنى آخر وقف قتل الفلسطينيين أو الوقف المؤقت للقتل على مدار المرحلة الأولى التي تمتد لـ 42 يوماً.

هذا الاتفاق لا يعد نصراً وكذلك ليس هزيمة للفلسطينيين؛ فإسرائيل لم تحقق أهدافها السياسية المعلنة وكذلك المقاومة الفلسطينية لم تستطيع كسر قوات الاحتلال. لكن هذه الحرب حلت بكارثة "الكارثة الثانية" على الفلسطينيين في قطاع غزة بحده الأدنى بسبب الدمار الهائل التي أحدثته قوات الاحتلال الإسرائيلي ليس فقط في البنية التحتية لقطاع غزة ومؤسساته بل بمقدرات المواطنين الفلسطينيين "إنجازاتهم الشخصية وعائلتهم وماضيهم وطموحاتهم ومستقبل أطفالهم وهي طالت كل فرد "غزي" دون استثناء" وهي لها تأثيرات طويلة الأمد عليهم وعلى حياتهم. هذا الاتفاق جاء نتيجة لتحمل "الغزيين" معاناة لن يستطيع أحد وصفها على مدار أكثر من خمسة عشر شهراً من النزوح وعذابته، ومن انتظار الموت وصعوباته، ومن وداع أحباء وآلامه، وضياع المال وقلة الحية أمام آلة القتل الإسرائيلية، ناهيك عن ظلم ذوي القربى ومصاصي الدماء قاطعي الطرق ولصوص المساعدات.    

في المقابل هذا الاتفاق يحمل في نصوصه ندية الشعب الفلسطيني ومقاومته الضامنة لإرغام الاحتلال الإسرائيلي على الوفاء بالتزاماته خاصة بعد الموافقة على آلية توزيع إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على الأسابيع الستة المقررة فيه. كما أن هذا الاتفاق يظهر القدرة الفلسطينيين على استمرار المقاومة والصمود والمواجهة.

لكن السؤال بعد حرب الإبادة التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، هل يتمكن الفلسطينيون النجاة من الكارثة الثانية (عدم الاتفاق بين القيادات السياسية الفلسطينية على توحيد الجهود وإنهاء الانقسام لمرحلة القادمة) بالإبقاء على الفرقة والانقسام والشرذمة، وعلى السير بذات الاتجاه لما كان قبل الحرب وأثنائها؟

في ظني أنّ الكارثة الثانية التي تَحِلُ بالشعب الفلسطيني (والمتمثلة بالفرقة والانقسام السياسي) هي الأعمق والأخطر لأنها تُذهب روح الفلسطينيين ومستقبلهم، وتسحق كل تضحية قدمها المواطنون من أجل الوطن، وتُفّقدُ ايمانهم بالوطن وثقتهم بقيادتهم. في كل محنة وكارثة كرر الزعيم الراحل ياسر عرفات بأن الشعب الفلسطيني كطائر الفنيق يخرج من الرماد ليحلق من جديد أي إعادة الانبعاث والنهضة ليشق طريقه نحو الحرية بصمود اسطوري كما فعل في قطاع غزة على مدار أكثر من خمسة شهراً من الموت الذي يلاحق "الغزيين" جميعاً، وبقوة وحدته وصموده. وهو ذاته الشعب الذي قال عنه الزعيم الرحال بأنه يتقدم على قيادته دوماً في المواجهة والصمود والتضحية والمسامحة والوحدة والالتقاء والتقدم والتطوير والقبول بالتنوع العرقي والديني والتعدد في الفكر والتوجهات السياسية والاجتماعية.

هذا الأمر يفرض على جميع القيادات السياسية في الضفة والقطاع المهيمنين على القرار والحكم والسيطرة بمستوياتهم كافة أنْ يضعوا نصب أعينهم، إذا ما راموا أنْ يبقوا قيادة سياسية للشعب الفلسطيني، وأمام مسؤوليتهم (1) مصلحة المواطنين وإنهاء المعاناة التي حاقت بهم أو على الأقل تخفيفها. و(2) الاستعداد للمستقبل في ظل تحولات دراماتيكية في المنطقة والعاصفة العاتية القادمة من واشنطن مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسياسية المتسقة مع اليمين الفاشي في إسرائيل.

إنْ كانتْ الكارثة الأولى تتوقف بانتهاء الحرب، فإنّ الكارثة الثانية لا تنتهي إلا بالاتفاق الفلسطيني الداخلي على استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام والاندماج الوطني من أجل حماية مستقبل الشعب الفلسطيني وتحقيق طموحاته في ممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...