الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:48 AM
العصر 2:37 PM
المغرب 5:03 PM
العشاء 6:22 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الصفقة على الأبواب ما لم يخربها نتنياهو‎

الكاتب: هاني المصري

هل ستعقد الصفقة هذه المرة؟ نعم، هناك احتمال كبير. وهل من المؤكد إتمامها؟ لا، لذلك أحذر من الإغراق في التفاؤل والاستعداد لكل الاحتمالات، لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يمكن أن يخربها، فهو لم يستكمل تحقيق أهدافه، ويخشى أن تقود الصفقة الجزئية أو المرحلة الأولى إلى صفقة شاملة ووقف للحرب وانسحاب إسرائيلي، وهذا يفتح الباب لعودة حركة حماس أو استمرارها في حكم غزة، خاصة أن البديل من حماس لم ينضج بعد، فجيش الاحتلال لا يريد احتلال غزة والبقاء فيها لأن الاحتلال مكلف بشريًا واقتصاديًا، والبقاء فيها يتطلب تشكيل حكم عسكري يتولى توزيع المساعدات وتأمين المياه والكهرباء، وعدم قيامه بذلك أدى إلى بقاء حماس موجودة، على الرغم من الضربات القاسية جدًا التي تلقتها.

كما أن تشكيل إدارة محلية في إطار مظلة إقليمية ودولية وأميركية وفق الاقتراح الإماراتي أو المصري أو الأميركي لم ينضج بعد، فالرئيس محمود عباس لم يوافق على كل الصيغ المطروحة بانتظار تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الحكم، ليرى ماذا في جعبته، وهذا قد يعود إلى تفاهم بينه وبين طواقم ترامب، أو عربون محبة لتسهيل تنفيذ توجه جديد عنده يقضي بنسج شراكة فلسطينية أميركية في ولاية ترامب الثانية تختلف عن المقاطعة والعداء التي تميزت بها ولايته الأولى، مع أن من الممكن اختيار سياسة الممانعة التي تتجنب المقاطعة كما تتجنب المشاركة والاندماج حتى تضمن الحصول على الحد الأدنى من الحقوق والمصالح الفلسطينية.

الاتفاق على وقف الحرب أو لا سيحسم هل ستكون هناك صفقة أم لا

النقطة الجوهرية التي يتوقف عليها حدوث الصفقة من عدمه هي الاتفاق على وقف الحرب، فحماس تصر على ضرورة الاتفاق على ذلك في مرحلة من المراحل، والآن تأمل أن يتم ذلك في المرحلة الثانية بعد تعذر الاتفاق عليها في المرحلة الأولى، بينما حكومة نتنياهو تصر على وقف القتال أو تجميد الحرب وترفض وقف الحرب، لأنها تريد أن تبقي باب استئناف الحرب مفتوحًا بعد إتمام المرحلة الأولى، وكذلك بعد إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين. ويمكن إذا توفرت النية لعقد الصفقة الجزئية أن يتضمن الاتفاق صياغات عامة وفضفاضة بشأن وقف الحرب يفسرها كل طرف كما يريد.

وطبعًا إذا تم الاتفاق على وقف الحرب، فالاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية سيكون تحصيلًا حاصلًا، مع أن الحكومة الإسرائيلية ستصر في الحد الأدنى على الاحتفاظ بشريط آمن (منطقة عازلة ومناطق تبقى تحت سيطرتها خصوصًا في الشمال)، إضافة إلى "حقها " في الدخول إلى أي منطقة في حال وجود تهديد أو إذا وجدت ضرورة لذلك.

ومن الأمور التي تدفع الحكومة الإسرائيلية إلى إصرارها على استمرار الحرب أن وقف الحرب من دون انتصار حاسم بالضربة القاضية سيؤدي إلى سقوط الحكومة وسيفتح أبواب جهنم عليها، إذ ستُشكل لجان تحقيق رسمية في الإخفاق التاريخيّ في السابع من أكتوبر، وستتابع القضايا القديمة وسيفتح تحقيق في الفضائح الجديدة التي ارتكبها نتنياهو والإخفاقات المستمرة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. صحيح أن الحكومة الإسرائيلية حققت إنجازات عديدة ومهمة، ولكنها لم تحقق انتصارًا سياسيًا حاسمًا إستراتيجيًا، وهذا يعود إلى الصمود الأسطوري والمقاومة الباسلة وارتكاب أخطاء سياسية وعسكرية إسرائيلية عدة.

فعلى سبيل المثال، لو وافقت حكومة نتنياهو على فتح أفق سياسي وعودة السلطة إلى القطاع لكان هناك بديل جاهز لحكم حماس، ولو شنت، كما كتب حاييم رامون الحرب البرية من الشمال والجنوب في الوقت نفسه لكانت النتائج أفضل بكثير، ولو أخذت بنصائح الجنرالات الأميركيين (خصوصًا تشارلز براون كبير الجنرالات) الذين نصحوا نظراءهم الإسرائيليين بالبقاء في المناطق التي يحتلونها لتطهيرها بالكامل، لأن تكتيك الاحتلال والانسحاب المتكرر مكّن مقاتلي حماس وبقية الفصائل من العودة وتنظيم صفوفهم من جديد، فضلًا عن أن عدم تشكيل حكم عسكري يتولى أمر توزيع المساعدات والماء والكهرباء وغيرها، الأمر الذي مكّن سلطة حماس من الاستمرار في هذا العمل، والتحكم في قدر من المساعدات والاستفادة منه لبقاء نفوذها على السكان.

وإذا توفرت النية لوقف الحرب يمكن أن تستخدم إسرائيل والولايات المتحدة حاجة القطاع إلى المساعدات الإنسانية وإعادة البناء والإعمار ووجود قوات عربية ودولية، منها قوات أميركية، لفرض عدم بقاء حماس في الحكم، وترتيب إدارة انتقالية توافق عليها إسرائيل، التي تريد إدارة بلا حماس أو عباس لضمان استمرار الفصل بين الضفة والقطاع واستمرار الانقسام؛ أي لا تريد بقاء سلطة حماس ولا عودة السلطة، لذا تم اختراع اللجنة الإدارية أو الإدارة المحلية أو المفوضية الحكومية الانتقالية إلى حين إعادة تجديد السلطة وإصلاحها.

هل يطرح ترامب مقاربة تتضمن دولة فلسطينية أم لا؟

إذا تبنت إدارة ترامب مقاربة عودة السلطة إلى القطاع بالترافق مع فتح أفق سياسي يتضمن إقامة دولة فلسطينية لإقناع الرياض بالتطبيع مع إسرائيل، وهذا سيناريو مطروح لأنه من الصعب أن تطبع الرياض مقابل وقف الحرب فقط، خصوصًا إذا ترافق ذلك مع ضم الضفة أو أجزاء كبيرة منها، فهذا إن حدث سيصطدم برفض الحكومة الإسرائيلية الحالية، ما يطرح ضرورة العمل لإسقاطها والذهاب إلى انتخابات مبكرة، أو إعادة تركيبها، حيث يخرج منها الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ويدخل يائير لابيد أو بيني غانتس أو كلاهما.

وهنا لا بد من التساؤل عن مضمون الاتفاق الذي عقده نتنياهو مع بن غفير وسموتريتش مقابل عدم انسحابهما من الحكومة، والاكتفاء بمعارضته، إذا تم إبرام الصفقة، وهل يتضمن موافقته على ضم الضفة أو أجزاء منها فقط، حيث يكون التراجع في غزة مقابل التقدم في الضفة، وهل هذا الاتفاق تم برعاية وموافقة ترامب أو على أمل الحصول على هذه الموافقة.

هل تقبل حكومة نتنياهو بقاء حماس في الحكم؟

في هذا السياق، يمكن أن تقبل حكومة نتنياهو مضطرة ببقاء حكم حماس الذي سيكون ضعيفًا ومكشوفًا ومعرضًا للاعتداءات المستمرة والمقاطع عربيًا ودوليًا، وهو ليس أفضل السيناريوهات لها ولكنه أفضل من غيره، فلديها خشية من أن تضطر إلى عودة السلطة الموحدة ولو بعد حين، ما يفتح الباب لوحدة الضفة والقطاع ولإطلاق عملية سياسية يمكن أن تتضمن قيام دولة فلسطينية وفق المواصفات الترامبية، وربما أقل أو أكثر مما جاء في صفقة ترامب، وهذا على سوئه للفلسطينيين مرفوض من اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يعتبر قيام دولة فلسطينية خطرًا وجوديًا.

كما قد يقود استعداد ترامب لإعادة طرح صفقته التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية بالاسم ومن دون مقومات الدول، ومع اقتطاع 30% من مساحة الضفة وضمها إلى إسرائيل ومعها جزء من القطاع، إلى قبول أو تكيّف من القيادة الرسمية الفلسطينية التي تعتقد أن الزمن الآن مختلف عن فترة رئاسة ترامب الأولى، وأن الأفضل قبول أي صفقة يطرحها ترامب مع محاولة تحسينها، وهذا أفضل من لا شيء، وقد يشجع السعودية وعددًا من الدول العربية والإسلامية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ودمجها في المنطقة، لتكون خطوة كبرى على طريق إقامة الشرق الأوسط الجديد الجاري العمل من أجله منذ عشرات السنين.

حسنًا فعلت حماس بموافقتها مبكرًا بعد السابع من أكتوبر على تشكيل حكومة وفاق وطني بمرجعية وطنية من دون أن تشارك فيها؛ لسحب الذرائع من أيدي الأميركيين والإسرائيليين والدول المانحة العربية والأوروبية وغيرها، ولكن عليها ألا تتعامل مع هذه المسألة بشكل شكلي وتعطي الأولوية لعودتها إلى الحكم في أول فرصة سانحة، لأن أي عودة أو دور مباشر سريع سيعطي ذريعة للحكومة الإسرائيلية الحالية وشركائها وأي حكومة قادمة لمواصلة مخطط حرب الإبادة والتهجير والضم، والسعي إلى تصفية القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها. كما سيوفر ذلك ذريعة للدول المانحة لعدم تمويل الإغاثة وإعادة البناء والإعمار. 

صحيح أن إسرائيل ستمضي في مخططاتها في كل الظروف والأحوال إذا لم تردع، ولكن هناك فرق بين أن تفعل ذلك بمعدلات كبيرة جدًا أو بمعدلات عادية، فهناك فرق بين توسع الاستيطان وبين التهجير والضم، وهذا يؤثر فيه الموقف الفلسطيني ومدى وحدته وقوته وفعاليته وحكمته.

لو توفرت خطة متفق عليها فلسطينيًا عنوانها منظمة التحرير وبرنامج القواسم المشتركة والسلطة الواحدة والشراكة الحقيقية، من خلال حكومة وفاق وطني مشكلة من الكفاءات، وتشكيل وفد فلسطيني موحد للتفاوض باسم منظمة التحرير بشأن كل شيء، بما في ذلك صفقة التبادل، لتم قطع الطريق على مختلف السيناريوهات المعادية والمرفوضة فلسطينيًا التي تعد لليوم التالي، وتنتقص من وحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، وتمس بالحقوق، وتعيد عهد الانتداب والوصاية والبدائل.

ولكن كما يقال لو تفتح عمل الشيطان وبدلًا من الاتفاق وترتيب البيت الفلسطيني بعد الإبادة الجماعية وإجراء تغيير بنيوي وسياسي شامل، بقي القديم على قدمه وتعمق الانقسام، وقد يتحول إلى بداية اقتتال كما يدل ما يحدث في جنين، إذا لم يتم وأد الفتنة، فالأمر يهدد بالانتشار ويلحق خسارة كبيرة بالقضية والشعب والأرض والحركة الوطنية.

لقد وضح نائب ترامب جي دي فانس ماذا يقصد رئيسه بفتح أبواب جهنم على المنطقة إذا لم يتم إتمام الصفقة بحلول يوم تنصيبه، وذلك بأن حماس ستدفع ثمنًا باهظًا، وأن شروط الصفقة لها ستكون أصعب بكثير، وأن الإدارة الأميركية قد تعطي تفويضًا كاملًا للحكومة الإسرائيلية لتصفية ما تبقى من كتائب لحماس وقيادتها، وستفرض عقوبات شديدة للغاية على الأفراد الداعمين للجماعات "الإرهابية" في المنطقة.

هذا يوضح أن لا مجال للرهان على ترامب الجديد وما سيعرضه، فهو سيكون في كل الأحوال سيئًا للفلسطينيين، والسؤال إلى أي حد وكيف يمكن إحباطه أو تقليل أضراره أو تحسينه؟

نحن بحاجة إلى تغيير قواعد اللعبة، وربما اللاعبين كذلك حتى نبقى ضمن اللاعبين ولسنا الملعب فقط.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...