الحصار والدمار والأوضاع الإنسانية المتفاقمة
الكاتب: سري القدوة
رغم مرور 100 يوم على عدوان الاحتلال الإسرائيلي على محافظة شمال قطاع غزة، يصر آلاف المواطنين على التمسك بمنازلهم، متشبثين بما تبقى من حياتهم اليومية، رغم الدمار الواسع، والحصار الخانق الذي قطع عنهم سبل الحصول على الطعام والماء في ظل حرب الإبادة الجماعية لليوم الـ 465 على القطاع، وعلى مدى الأشهر الماضية، استخدم جيش الاحتلال جميع الوسائل الإجرامية والوحشية لإجبار السكان على النزوح القسري، إلا أن الآلاف رفضوا الانصياع وواجهوا خطر الموت والجوع في منازلهم ومراكز الإيواء المستمرة حتى الآن .
وفي غضون ذلك تشهد المنطقة عمليات قصف مستمرة تستهدف أي حركة، ما يجعل الخروج من المنازل مخاطرة قاتلة، بحسب شهود عيان لوكالات الإنباء، وقد أظهرت إحصاءات جديدة، أن عمليات الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها جيش الاحتلال في شمال القطاع منذ 100 يوم، أسفرت عن استشهاد وفقدان 5 آلاف مواطن وإصابة 9,500، و2600 معتقل، وان الدمار الذي طال المنازل والمستشفيات والمرافق العامة والبنية التحتية يفضح جليا نية الاحتلال الإسرائيلي القضاء على مقومات الحياة في قطاع غزة بشكل متعمد وممنهج، متسببا بأزمة إنسانية عميقة تفاقم من معاناة الشعب الفلسطيني .
وقد كشفت شهادات للسكان نشرت مؤخرا عن استمرار تدمير المنطقة، إذ تحرق المنازل وتجرف الأراضي بشكل منهجي، ولا يزال الآلاف يعيشون في بيت لاهيا، وبيت حانون، وأجزاء من مخيم جباليا، وسط ظروف مأساوية حيث يعيش من تبقى من السكان في تلك المناطق "أوضاعا كارثية" بلا أي مقومات للحياة، ورغم ذلك يصرون على البقاء ورفض النزوح بل يصرون على الصمود في شمال غزة وأنهم اختاروا البقاء حتى النهاية أو مواجهة الموت، في ظل محاولات الاحتلال معاقبتهم بكل الوسائل برغم أن الطعام والماء غير متوفرين منذ أسابيع، ويعيشون بصعوبة بالغة على ما يمكنهم توفيره وأن كثيرين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم البحث عن الغذاء والماء، نتيجة استهداف جيش الاحتلال لأي حركة .
ويشاهد يوميا عمليات حرق ونسف المنازل والممتلكات بالكامل، بينما تعجز فرق الإنقاذ على التدخل وأن مئات المواطنين ما زالوا محاصرين داخل منازلهم، وبعضهم استشهد دون أن يتمكن أحد من انتشال جثثهم بسبب صعوبة التحرك وأن الشوارع مليئة بجثث الشهداء التي نهشتها الكلاب والقطط، دون أن تنتشل حتى الآن رغم مرور أسابيع على استهدافهم .
وتعمل حكومة الاحتلال على تعميق إبادة وتهجير الشعب الفلسطيني، وتغيير الواقع السياسي والقانوني والتاريخي القائم في الضفة وقطاع غزة بما فيها القدس، بما يخدم خارطة مصالح إسرائيل الاستعمارية العنصرية ولذلك يحاول الاحتلال الإسرائيلي تفريغ شمال غزة لتحويله إلى مستوطنة، لكن هذا الحلم سيبقى بعيد المنال مع استمرار الصمود والبقاء من قبل أبناء الشعب الفلسطيني في تلك المناطق .
ومنذ الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر 2024 أطلق جيش الاحتلال عملية عسكرية تصعيدية في شمال قطاع غزة، مطبقا حصاره الخانق عليه، إذ يمنع دخول الطعام والماء والدواء، بهدف تحويله إلى منطقة عازلة وتهجير سكانه تحت وطأة قصف دموي وحصار مشدد، لتطبيق "خطة الجنرالات" والهادفة إلى تحويل (محافظتي غزة والشمال)، إلى منطقة عسكرية مغلقة .
الشعب الفلسطيني مصر على صموده وبقاءه في أرضه ولن ولم يرحل، فلسطين وطننا وأرض آبائنا وأجدادنا وستبقى لنا، وسيواصل شعبنا كفاحه المشروع من أجل الاستقلال، وإن كان لأحد أن يرحل فهم المحتلون .