الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:48 AM
العصر 2:37 PM
المغرب 5:03 PM
العشاء 6:22 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

دلالات تغيير المنهاج السوري

الكاتب: عمر حلمي الغول

بعد سقوط نظام بشار الأسد قبل أكثر شهر في الثامن من كانون اول / ديسمبر الماضي، وتولي هيئة تحرير الشام بقيادة احمد الشرع (أبو محمد الجولاني) مقاليد الأمور في سوريا بدعم كلي من الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية والجمهورية التركية، في استحضار واضح لنسخة تولي حركة طالبان الحكم وفق السمات والخصائص السورية، برزت في الأوساط والنخب السورية تحفظات وخشية من منظومة الحكم الاسلاموية التكفيرية، الا ان الشرع الذي تلفع بالنموذج التركي بمعايير محددة، حرص على طمأنة الشارع السوري بخطاب متوازن، وادعى رفضه لمنطق الثارات وتصفية الحسابات مع فلول النظام السابق، وحرصه على احترام الأقليات واتباع الديانات الأخرى والطوائف والمذاهب المختلفة، وعدم التدخل في ما يلبس الرجال والنساء، واحترام خصوصياتهم الاجتماعية، وعقد مؤتمر وطني جامع لكل الوان الطيف السياسي والديني، بحيث يكون بمثابة جمعية وطنية تضع أسس جديدة لمنظومة النظام الجديد، واجراء انتخابات بعد 4 سنوات، ثم اجلها الى أجل غير مسمى، وشكل حكومة انتقالية مؤقتة حتى شهر أذار / مارس 2025، وجلها من مكونات حكومته في ادلب، أي من مجموعته الاسلاموية، وعدم تغيير المنهاج التربوي في المستويات العلمية المختلفة، باستثناء حذف ما يتعلق بعائلة الأسد التي حكمت 54 عاما البلاد، وبعض التواريخ التي لا تستقيم مع مراحل التاريخ، التي اسقطها النظام السابق، وغيرها من المعايير المطمئنة للشارع السوري.
ومع ذلك، شككت القوى والنخب الوطنية والاثنية واتباع الديانات والطوائف والمذاهب في مصداقية ما أعلنه الشرع، رغم ان غالبية قطاعات الشعب العربي السوري رحبت بسقوط وزوال حكم آل الأسد، واعتبرت ذلك بحد ذاته انتصارا لذاتها، وليس ترحيبا بالنظام الجديد.
وإذا توقفنا أمام المنهاج التربوي بشكل خاص، نلاحظ ان نظام الاخوان المسلمين بنسخته السورية وعنوانه هيئة تحرير الشام، لم يلتزم بما أعلنه الشرع مع توليه الحكم، لكن وزير تربيته نذير القادري منذ اللحظة الأولى لتوليه مهامه تبنى خطابا دينيا إسلاميا، حيث أكد أن التغيير في المنهاج سيقتصر على مادة التربية الإسلامية، لكن لقائه على "قناة العربية" أكد حدوث تعديلات على العديد من المواد، ولم يتوقف تغييره للمنهاج عند حدود التربية الإسلامية، بل قفز عن الخطاب الجامع والمتوازن، وابتعد عن القيم التربوية الوطنية، وأسس التعليم العملية، ونكث بالتعهد بعدم تغيير المنهاج التربوي، من خلال حذف معلومات علمية كنظرية التطور وغيرها من النظريات، وحسبه "بطلان" هذه النظريات، دون ان يحدد معايير بطلانها، ولم يتوقف الامر عند ذلك، حتى صور الشخصيات التاريخية وصور التماثيل تم حذفها .. وغيرها من مرتكزات العلم والتاريخ العربي والعالمي تم التلاعب به من قبل اللجنة المختصة، التي شكلها.
ورغم ان التغيير أمسى بين يدي الطلاب، وموجود في المواد العلمية والتاريخية المختلفة، الا انه حاول الالتفاف والتلاعب على ما جرى في مقابلته مع "العربية"، قائلا ان "ما قمنا به هو تعديل طفيف، وليس تغييرا جذريا للمناهج". وتجنب وصف إزالة النظريات العلمية والمعلومات والصور كجزء من التعديلات، مفترضا أنها تغييرا "يخدم ثورتنا" وفق رؤيته، مع العلم ان ما حصل ليس ثورة، ولا انقلابا عسكريا، انما صفقة بين قوى معادية لسوريا، هدفت لتغيير النظام المتهالك الى نظام أكثر بؤسا، وأداة لخدمة مصالح العدو الصهيو أميركي واتباعهم في الإقليم.
هذا النموذج من التغيير يعكس توجه النظام السياسي بقيادة الجولاني ومجموعته، الذين باركتهم اميركا وإسرائيل، وقال أحد المسؤولين الاميركيين، لا يهمنا طبيعة النظام إن كان علمانيا أم اسلاميا، كل ما يهمنا هو التطبيع مع إسرائيل، وتوقيع اتفاقية "سلام" معها وحماية مصالح الولايات المتحدة الاميركية. أي ان النظام أخذ الضوء الأخضر للعبث بالمنهاج التربوي، وبقيم المجتمع العربي السوري، وتهديد مستقبل الأجيال الجديدة من أبناء الشعب السوري العلمي من خلال عملية التشويه والتلاعب بصحيح التاريخ والعلوم، والذي سينعكس على المجتمع السوري كله، من خلال التأصيل لتمزيق وحدة الوطن والمجتمع، الامر الذي يتطلب من القوى الوطنية والديمقراطية التصدي للانتهاكات الخطيرة التي يمارسها النظام في المنهاج وغير المنهاج، والعمل على إعادة الاعتبار لنظام المواطنة، وركائز القيم السورية الوطنية والقومية والإنسانية الديمقراطية، وسيادة النظام والقانون، والعمل الحثيث على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية سريعة، وتغيير الدستور بما يتناسب مع مصالح الشعب وتطوره الحضاري لبناء دولة المواطنة بعيدا عن الفتن والتشوهات الناجمة عن سياسات المجموعة الحاكمة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...