مؤشرات إيجابية لإبرام صفقة
الكاتب: عمر حلمي الغول
على ما يبدو أن سقف التفاؤل بات أعلى من أي مرحلة سابقة، حيث تتكثف الغيوم المحملة بالأمطار والغيث هذه الأيام مع تواتر ما يرشح من معلومات ومصادر عليمة إسرائيلية وأميركية وعربية وفلسطينية بإمكانية إحداث اختراق جدي لوقف الإبادة الجماعية، وإبرام صفقة تبادل الرهائن وأسرى الحرية، ومن التسريبات الإسرائيلية الإيجابية التي نقلتها "هآرتس" والقناة "12" و"معاريف"، أن يوم بعد غد الأربعاء قد يكون أول أيام الهدنة، ما لم يضع نتنياهو عقبات جديدة.
وخلفيات ما تقدم من تفاؤل باقتراب الاتفاق، يعود الى أبرز المعطيات التي حدثت في الأيام والساعات القليلة الماضية، حيث تشير المعلومات الى تجاوز ما يزيد عن نسبة 90% من تجاوز نقاط الخلافات والتباينات بين الطرفين، منها: أولا مضاعفة تدخل الادارتين الاميركيتين الحالية والقادمة لإنجاز صفقة التبادل للرهائن والأسرى، ودخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث وصل قبل 3 أيام ستيف ويتكوف، مستشار الرئيس القادم دونالد ترمب، والتقى كل من محمد بن عبد الرحمن، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري مرتين قبل وبعد اللقاء مع نتنياهو أول أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي، فضلا عن وجود ممثلي إدارة الرئيس جو بايدن في الدوحة؛ ثانيا موافقة نتنياهو على ارسال قادة أجهزة الموساد والشين بيت ومسؤولين آخرين للدوحة ومنحهم تفويضا واسعا، وانخرطوا أمس في المفاوضات مباشرة؛ ثالثا عدم خشية رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم من تفكيك الحكومة، وحتى لو فكر أقرانه في الائتلاف بذلك، فإن تأثيرهم بات ضعيفا، بعد تراجع إتيمار بن غفير عن مواجهة نتنياهو، وبتسلئيل سموتريش يخشى من تراجع شعبيته بسبب دعمه لقانون إعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية، وهو ما سمح لرئيس الوزراء بانتهاج سياسة مرنة أكثر من السابق؛ رابعا الضغوط الشعبية الإسرائيلية المتزايدة من داخل الموالاة والمعارضة ومن قبل ذوي الرهائن الإسرائيليين؛ خامسا اعلان قادة الجيش الإسرائيلي الجاهزية لانسحاب القوات من غالبية القطاع، حيث شرعوا بتفكيك العديد من المواقع العسكرية في محوري صلاح الدين ونتساريم؛ سادسا ارتفاع عدد الخسائر في الأرواح من الوية الجيش العاملة في القطاع ضاعف من الضغوط على المستوى السياسي، وبالمقابل فشل الجيش الإسرائيلي في تصفية اذرع المقاومة كليا، حيث مازالت العديد من الجيوب تنفيذ عمليات قتالية في الشمال والجنوب على حد سواء؛ سابعا تقديم حركة حماس تنازلات كبيرة، إن كان بشأن عدد وأسماء الرهائن الاميركيين والإسرائيليين ال34 الذين سيفرج عنهم، وقبولها بتمرحل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع؛ ثامنا الموافقة الإسرائيلية على عدم ملاحقة قيادات وكوادر حركة حماس في الخارج، ومن سيتم الافراج عنهم وابعادهم لكل من قطر وتركيا ومصر بضمانات تركية وقطرية، وغيرها من التنازلات المتبادلة؛ تاسعا الاتفاق المبدئي لليوم التالي للحرب، بالحؤول دون تولي السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة على قطاع غزة، مع ان السفير الأميركي جاك لو الحالي المنتهية ولايته، وفي لقاء مع موقع "تايمز أوف إسرائيل"، أمس قال "على إسرائيل ابداء بعض الاستعداد للتعامل مع دور للسلطة الفلسطينية في غزة." وهذا الرجل لا ينطق من فراغ، وان كان لم يقل كل الحقيقة، بأن السلة وحكومتها هي من سيتولى المسؤولية الكاملة عن قطاع غزة.
وهذا ما أكده جاك سوليفان، مستشار الامن القومي الأميركي لسي إن إن، بالقول اننا قريبون للغاية من اتفاق في غزة، كما أن والد أحد الرهائن الإسرائيليين الأموات العائد من الدوحة، وبعد لقائه مع مختلف المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين والقطريين، أكد أن الاتفاق بات قريبا، وهناك تقدم حقيقي في المفاوضات، وقبل هذا وذاك، فإن الرسالة التي حملها ويتكوف من الرئيس ترمب واضحة، ضرورة الوصول للاتفاق قبل تأدية قسم اليمين الرئاسي في 20 كانون ثاني/ يناير الحالي وتلازم مع ذلك اتصال نتنياهو مع بايدن أمس الاحد 12 كانون ثاني / يناير الحالي، وأبلغه ان فوض الوفد الإسرائيلي بالمرونة لإبرام الصفقة، وأطلعه على التقدم الذي تحقق.
وعليه فأن المؤشرات جميعها تحمل بشائر بالتقدم لبلوغ التبادل لكافة الرهائن الاميركيين والإسرائيليين، خاصة وان إسرائيل لم تتوانى عن استخدام كافة التكتيكات والأساليب الوحشية لتحقيق أكبر عملية إبادة في التاريخ المعاصر بالنسبة والتناسب مع عدد السكان، ودمر مدن ومخيمات وقرى قطاع غزة بشكل كارثي وهائل، وأيضا تم استنزاف قوة الجيش، والملاحقة لأعداد كبيرة من الضباط والجنود أمام محكمة الجنائية الدولية، ومحاكم الدول المختلفة، كما حصل في سيريلانكا والبرازيل وبلجيكا وتايلاند من قبل منظمة "هند رجب" الحقوقية، وغيرها من منظمات حقوق الانسان. كما ان نتنياهو بات متيقنا، ان ائتلافه باق، ولن تتفكك حكومته. وبالتالي علينا ان نفتح الأفق لعملية تفاؤل أوسع مما كان عليه الوضع في السابق.