الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:48 AM
العصر 2:37 PM
المغرب 5:02 PM
العشاء 6:21 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الامة قد تقاضي ابن خلدون

الكاتب: د. محمد عودة

ستقاضيه لأنه لم تكن ضمن قواعدها وقواميسها بعد حكم الخلفاء من الراشدين الى العثمانيين اية ضوابط وكنا على السليقة(السبهللة) كانت رياح الاستعمار تأخذنا اين تريد.

لم نكن نعرف نحن العرب انه عندما تكثر الجباية تقترب الدول من النهاية، وعند اقتراب الانهيار يكثر المنجمون، والمتسولون و المنافقون ،كما يكثر الكتبة والقوالون وقارعوا الطبول والمتفيهقون ( مدّعي المعرفة) وقارئو الكف والطالع والمنجمون والمادحون والهجّاؤون والانتهازيون ثم تظهر العجائب وتعم الاشاعة ويتحول الصديق الى عدو والعدو الى صديق ويعلو صوت الباطل ويخفت صوت الحق ،وتظهر على السطح وجوه مريبة ويصبح الانتماء الى العشيرة هو الاقوى والانتماء للوطن يصبح دربا من الهذيان، يتقاذف اهل البيت التهم بالعمالة والخيانة وتسري الشائعات وتحاك الدسائس والمؤامرات.

بدأ العرب يدركون ان الدول تنهار وتتلاشى بسبب طريقة ادارتها بعد قراءة مقدمة كتابه الذي الفه سنة 1377 والمسمى كتاب العبر (كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).

يقول الفصل السابع والعشرين من مقدمته إبن خلدون ان العرب لا يستطيعون الحكم والمُلك إلا بصبغة دينية، من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين.. والسبب أنهم أصعب الأمم انقياداً بسبب الغلظة والأنفة وبعد الهمة والمنافسة في الزعامة وقلما تجتمع أهواؤهم. فإذا كان الحكم بالدين أو الولاية ذهب عنهم خلق الكبر والمنافسة فسهل انقيادهم واجتماعهم... فإذا كان فيهم النبي أو الولي الذي يدعوهم للقيام بأمر الله ويذهب عنهم مذمومات الأخلاق ويؤلف كلمتهم لإظهار الحق يتم اجتماعهم ويحصل لهم الغلبة والملك.

ثم يأخذنا الى تعريف الدول وتيه شيخوختها وانهيارها حيث يقول ان الدولة تعتبر الامتداد المكاني والزماني لحكم فئة ما، وتقوم الفئة على الدين أو الولاء أو الفكر المشترك أو القومية أو ما إلى ذلك من مشتركات تصلح انطلاقا لبناء الدول واستمرارها.

يقول إن كل دولة تنتقل بين خمسة أطوار هي: الظفر، والانفراد بالمجد، ثم الفراغ والدعة، ثم طور القنوع والمسالمة، ثم الإسراف والتبذير.

وتربط أطوار الدولة الخمسة بثلاثة أجيال فقط، فالجيل الأول يقوم بعملية البناء والعناية، والجيل الثاني يسير على خطا الجيل الأول من التقليد وعدم الحيد، أما الجيل الأخير فيمكن تسميته بالجيل الهادم.

وكما تكون الفئة مسؤولة عن القيام والديمومة، فإنها أيضا السبب الأبرز للسقوط والانحدار، ويعزو الضعف والسقوط إلى عدة عوامل أهمها الترف والانغماس في الملذات.

وعودة على الاجيال الثلاثة فإن الجيل الأخير أو الثالث الذي تسقط في عهده الدول وتنهار الحضارات، هو الجيل/النخبة الحاكمة التي تحرص في سلوكها السياسي والأخلاقي على الطمع والترف، وينتقل الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية التي تقلّدوها منذ زمن التأسيس إلى شعور آخر، إلى "نخبة" تدوس الجميع من أجل مصالحها الخاصة وترفها الزائد ورفاهيتها وحدها دون غيرها.

ويقول عن هؤلاء: "ينسون عهد البداوة والخشونة كأن لم تكن، ويفقدون حلاوة العز والعصبية بما هم فيه من ملكة القهر، ويبلغ فيهم الترف غايته بما تقلبوا فيه من النعيم وطيب العيش، فيصيرون عالة على الدولة، ورغم ذلك فإنهم

يحاولون إظهار القوة من خلال احتكار السلاح والجيش، وذلك لقمع الناس إذا أرادوا الثورة ومواجهة استئثار هذه النخبة الحاكمة للسلطة والثروة"، ويتابع: "يلبسون على الناس في الشارة والزي وركوب الخيل وحُسن الثقافة، يموهون بها، وهم في الأكثر أجبن من النساء على ظهورها".

ولا تجد هذه النخبة المترفة، المثقلة بالمال والدعة والقوة المسلحة، أمام الجماهير المطالبة بحقوقها إذا خرجوا ناقمين على هذا الظلم والاستئثار، إلا طلب الدعم من القوى الخارجية التي بدورها تجد في مثل هذه الأنظمة مصلحة سياسية في استمرارها وبقائها وقهرها لشعوبها. فيحتاج صاحب الدولة حينئذ إلى استكثار

كما يؤكد ابن خلدون أن الاستبداد هو السبب الثاني الذي يؤدي للسقوط.

خاصة عندما يبدأ الحاكم في جدع أنوف عشيرته فإذا تخلص الحاكم من أعوانه المقربين لن يشعر بالأمن بل على العكس، سرعان ما ينتابه القلق والخوف على مستقبل حكمه، واستمرار عرشه، ولا يجد أمام هذه المعضلة إلا قطع رؤوس مخالفيه، والحط من مكانتهم، والاستهزاء بهم، وإقصائهم بكل وسيلة ليبقى وحده دون منازع.

ستقاضي ابن خلدون لأنه نبهها لأشياء كثيرة عليها ان تتلافاها وليس هذا فحسب بل على الامة ان تثبت عكس ما تنبأ به كي لا تصبح هذه النبوءة حقيقة وحيدة ودامغة. ستقاضيه لأنه تنبأ قبل ليلى عبد اللطيف وميشيل حايك وبابا فانغا، على الامة ان تفيق من سباتها قبل فوات الاوان وان يكون حكم الاوطان على قاعدة المبادئ والاخلاق والقيم. اشهد أنك كنت ترى ما هو ابعد مما نرى يا ابن خلدون.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...