القائد و"حصرية" المقاومة!
الكاتب: بكر أبوبكر
ما كانت المقاومة والثورة والكفاح بأي شكل كانت حصرًا على أحد قط، مهما عملت أدوات النفخ والتضخيم والتهييج الدعائي المُسيّس المشبوهة تفرّق الشعب المناضل وتحرف البوصلة الى الداخل الوطني في فتنة مقصودة وأدوات دعائية/إعلامية تضليلية، ولاجدال في اليوم الأول كيوم مشهود حيث المباغتة الصاعقة للإسرائيلي المحتل الذي جنّ جنونه، وحيث تفاجأ العالم فهذا خارج النقاش.
كل الشعب الفلسطيني مجاهد ومقاوم ومرابط منذ أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم وسام الرباط، ومنذ وطأت أقدام الغزاة المختلفين هذه الأرض، ومنذ تحالف الاستخراب/الاستعمار البريطاني الامريكي والصهيوني لاقتطاع هذه الأرض من جسد الأمة. فلا مزاودة من شخص أو فصيل أيّ كان على مقاومة وجهادية وثورة العربي الفلسطيني بجميع الأشكال.
النقاش على مدار العام هو بالقدرة القيادية اللاحقة على استثمار وإدارة اليوم المشهود خاصة بعد مذبحة المعمداني وتكالب الأمم علينا، وفي قمتها أمريكا ودول الاستخراب/الاستعمار القديم، بلا قوة مكافئة عسكرية أو لوجستية تتناقص يوميًا، وبلا ظهير ولاسند عربي ولاخارجي للعربي الفلسطيني (ثم اللبناني لاحقًا).
القائد هنا ليس المبادر فقط، وليس شجاع الميدان فقط، وليس المتمسك بإهدافه فقط والتي قد تتحول بعد فترة الى أحلام ثم أوهام. وليس الذي أحسن التخطيط فقط دون مخارج وبدائل.
القائد هو الذي يعرف كيف ومتى يتخذ القرار والذي منه الإقدام والتواصل أو التراجع والاحجام، أو التوصل لاستراحة المحارب وإحسان النظر نحو مآلات الأمور.
إن القائد الحكيم يمتلك خطة ب وج ود في ظل الفهم العميق للمتغيرات الساحقة ما يجعله يعيد النظر والحسابات بعد أن ينقد إدارته، ويراجع ذاته بقسوة وقد يغيّر الاتجاه، ويمدّ اليد لغيره.
القائد هو من يضع مصلحة مُجمل القضية، ومصلحة كلّ شعبه (التابع للأونروا، أو غير التابع لها!) مٌقدمًا على فصيله المتهالك وعلى ذاته، وبالتالي يُحسن التحليل والقيادة والقرار والا ستصبح الخسائر(الاستراتيجية) أشدُ وأعظم من أي هدف أو مبادرة أوشجاعة، ولربما حين اختلال الميزان عنده دلالة فقدان للعقل أو تيه أوإنقصال عن الواقع .
(نحن لا غاية لنا في فلسطين! فهي لا تساوي مسواكًا!) كما قال الزهار في يوم كرب كئيب! مشيرًا الى أنها لا تظهر أصلًا بالخريطة!؟ بل الغاية امتلاك العالم "استاذية العالم" هذا من جهة، ومن جهة ثانية الثورة أوالكفاح ليس ضرب الرأس بالحائط، ولا تقديس أداة محددة كما يقدس متطرفو الاسلامويين قادتهم على حساب نزع الدين والكفاح عن الناس واقتصارها عليهم فقط.
في نزعة التهييج والتحشيد والتضليل والتفخيم التي تقوم بها محطات الاسلامويين الخدّاعة، وخاصة قناة الفتنة الشهيرة تعطي الإسرائيلي كل المبرّر لقتل الشعب الفلسطيني بتضخيم قدرات الفصيل المتهالكة. وتمنع الفصيل من التوقف للتدبّر والتفكّر؟! كيف ذلك وأنت البطل والعظيم والثائر الوحيد، استمر! فتضرب القناة عصفورين بحجر تظهر وكأنها تدعم "المقاومة"! وهي بالحقيقة تنصب لها الفخ، وتعطيها لقمة سائغة للإسرائيلي على حساب دمار البلاد والعباد، وهذه "مهمتها" منذ وطأت أقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي "بيرز" القناة، ومنذ أفغانستان فالعراق وهلم جرا.
المحور الخارجي لم ولن يكون يومًا يسعى من أجلنا قط، وبالطبع الطرف العربي المتخاذل الآخر أشد سوءًا، مما هو واضح اليوم.
ببساطة واضحة نقول أن الكل الفلسطيني ثائر ومقاوم ومكافح بأشكال متعددة من القلم الى حمل العلم، في تحدي العدوان واحتضان القسم. ومن الجرّاح الى معلّم الاجيال، ومن الطفل الى الشاب الى الشيخ الهَرِم. مِن ذاك الذي الذي زرع البرسيم أو البرتقال أوالأزهار الى راسم السياسات، ومن العزف على أنغام الدبكة الى التعطش لرد المستعمرين الأوباش عن قصف عمر أشجارنا وأبطالنا، وأطفالنا بحقد ولا ندم .
كما لايقبل الفلسطينيون –وكلهم صامدون ومناضلون الا من أبَى-افتراض اقتصار الثورة أوالمقاومة أو الكفاح على الراحل الخالد ياسر عرفات، أو جورج حبش، أو وديع حداد، أو أحمد ياسين أو أبوجهاد أو صلاح خلف أو خالد الحسن... مثلا فهي ليست لغيره أو غيرهم حصريًا.
يقول دوستويفسكي: "الأشياء البسيطة لا ُتفهم أبدًا إلا في النهاية، بعد أن يكون المرء قد جرّب جميع التعقيدات وجميع الحماقات".
إن الشعب العظيم الذي كان فيه القسام والسعدي وعبدالرحيم الحاج محمد، ومحمود أبوبكر (والدي) وبهجت ابوغربية، وجمجوم والزير، والحسيني والعشرات من قادة النضال والآلاف من المجاهدين، يرفض احتكار الفكرة-كما هو شأو التنظيمات الفكرانية (الايديولوجية) الاحتكارية والاقصائية للغير- كما يرفض احتكار الاسلام فكلنا مسلمون واسلاميون. والحصري هو الكاذب على نفسه دون المسلمين كما حال حصرية الثورة أو المقاومة او الكفاح في شخص أو فصيل أوأسلوب محدّد، ودون فهم المراحل والجولات، ما يعدُ غباءً سياسيًا مطبقًا.
إن المقاومة والثورة والكفاح حين المواجهة جولة تتبعها جولات، وليست معارك صفرية اوإهلاكية للحرث والنسل، أوتدميرية للقوة المتاحة لاسيما وانعدام خطوط الإمداد سواء العسكرية اوالمادية او السياسية أو النفسية أو غيرها، وما فترات الهدوء ما بين الجولات الواجبة الا استراحة المحارب اللازمة لاعادة تجميع القوى وإراحة الناس، لأن الحرب الشعبية طويلة النفس لاتقوم بالناس الهالكة أو جثث الناس، وإنما مع الناس ومن هنا فالجولات وبنظر المتغيرات هو حقيقة النظر بعيون مفتوحة نحو النصر.
الشعب الفلسطيني هو البطل وهو المناضل وأي فصيل وعلى راسها حركة "فتح"، أو الشعبية او "حماس" او "الديمقراطية" ليس لأي منها منفردة أو مجتمعة الا ان تضع شعبها على رأسها وتفديه بروحها، والا ستخسر.