حصاد العام 2024
الكاتب: عمر حلمي الغول
شهد العام 2024 احداثا جسام، وتحولات هامة على الصعد الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية، شكلت انعطافات جيوسياسية، وللاختصار لتضمين معظم حصاد العام، سأورد بسرعة أبرز ما اعتقد أحداثا مهمة، فلسطينيا شهدت الساحة الفلسطينية تطورات هامة، سأوردها بالترابط، وليس حسب حدوثها الزمني:
أولا قبل أن أورد أبرز الأحداث التي حصلت العام الماضي (2024)، أود التأكيد على حدث هام جدا، عنوانه صمود اسطوري للشعب العربي الفلسطيني عموما في ترابه الوطني وخاصة في قطاع غزة، رغم وجع الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية، والجوع والفاقة، والنزوح، والامراض والاوبئة، وفقدان ابسط مقومات الحياة، والحصار ومنع ادخال المساعدات الإنسانية، وإخراج المستشفيات والمراكز الصحية في معظمها، وحرق العديد منها، والاعتقال السادي واللا انساني للألاف من أبناء الشعب في عموم الوطن وغيرها من جرائم الإبادة الوحشية، وتدمير مئات الاف من الوحدات السكانية، حتى بات القطاع عبارة عن اطلال، بلا طرق وصرف صحي وكهرباء وماء وغذاء.
ثانيا اغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري من قبل إسرائيل في 2 كانون ثاني / يناير في غارة جوية في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت. ثم تلاه اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة الإيرانية في 31 تموز / يوليو في مقر اقامته في طهران بتفجير عبوة في غرفة نومه، وعلى أثر ذلك تم انتخاب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة. الذي استشهد بعد شهرين ونصف فقط، تحديا في 16 تشرين اول / أكتوبر الماضي في مدينة رفح اثناء اشتباك مع القوات الإسرائيلية الغازية للقطاع، وتلازم مع ذلك أيضا استشهاد محمد الضيف واعداد كبيرة من كوادر وعناصر حركة حماس في قطاع غزة، مما ترك بصمات عميقة على قوة ومكانة الحركة في الشارع الغزي. فضلا عن انفضاض القاعدة الجماهيرية من حولها، وأحدث ارباكا في صفوفها القيادية وخاصة ذراعها العسكري "كتائب القسام"، حيث لم تتمكن حتى الان من انتخاب رئيس جديد لها، وعوضا عن ذلك شكلت قيادة من خمسة أعضاء مكتب سياسي.
رابعا قيام المجموعات المنفلتة في اشعال جبهة مضادة للنظام السياسي الفلسطيني والشرعية الوطنية في محافظة جنين وخاصة مخيمها البطل، وبهدف سحب البساط من تحت اقدامها، وتهديد السلم الأهلي وخطف النظام والقانون بيد تلك المجموعات العبثية والمارقة لخدمة اجندات فئوية وإقليمية، وتقديم الذرائع للائتلاف النازي الحاكم في إسرائيل لتوسيع دائرة الإبادة الجماعية على محافظات الضفة عموما، والتي لم تتوقف قبل 7 تشرين اول / أكتوبر 2023 ومازالت بأشكال وأساليب مختلفة، في الوقت الذي يفترض العمل بين الكل الفلسطيني على تعزيز الوحدة الوطنية والعمل تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد.
رابعا عربيا: تمثلا في حدثين بارزين ومهمين، الأول اغتيال العديد من الصف الأول والثاني والثالث في حزب الله اللبناني أبرزهم حسن نصر الله الأمين العام للحزب، وخليفته هاشم صفي الدين، وفؤاد شكر الرجل الثالث وإبراهيم عقيل قائد قوة الرضوان ومعه 15 من اركان القوة، وقبله استشهاد وجرح 4000 الاف من كوادر الحزب في تفجير البيجرز في زمن قياسي لا يتجاوز الدقائق، وتوج ذلك باجتياح الجنوب اللبناني في مطلع تشرين اول / أكتوبر الماضي، الذي أدى لإخراج الحزب من الحرب، وسقوط شعار "وحدة الساحات"، والقبول باتفاق لصالح إسرائيل.
الثاني سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون اول / ديسمبر الماضي بطريقة دراماتيكية، وهروبه الى موسكو مع عائلته، وتدمير الجيش السوري واسلحته الاستراتيجية من قبل إسرائيل اللقيطة، واحتلال 440 كيلومتر من الأراضي السورية وسيطرة إسرائيل على قمم جبل الشيخ ال3، حتى باتت الدولة العبرية تقف على أبواب العاصمة السورية دمشق، بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" بقيادة احمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، مما أدى الى تفكك ما يسمى محور المقاومة او الممانعة. ولهذا السقوط المذل للنظام السوري تداعيات جيوسياسية على الوطن العربي عموما والدول المحيطة بفلسطين وسوريا خصوصا ولصالح العدو النازي الإسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة، والذي سيساهم في إعادة هيكلة الشرق الأوسط في حال بقي الوضع على ما هو عليه.
خامسا إقليميا: منها، تحطم طائرة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي في 19 أيار / مايو الماضي، وانتخاب رئيس جديد هو مسعود بزشكيان. والموجهات الاستعراضية الإيرانية مع إسرائيل في 13 نيسان / ابريل و2 تشرين اول / أكتوبر الماضيين، والرد الإسرائيلي على ذلك بتدمير قواعد الصواريخ ومخازن الأسلحة الإيرانية، مما دعا المرشد على خامئني والقيادة الإيرانية للانسحاب من المعركة، والتخلي عن "وحدة الساحات"، وترك الحلفاء اللبنانيين والفلسطينيين وغيرهم يحصدون الحصرم،
ومع ذلك، فإن تصفية الحسابات بين إيران وإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة لم تنتهِ، خاصة وان الرئيس الأميركي ال47 لديه حساب مع جمهورية ولاية الفقيه، سيعمل على تصفيته بعد جلوسه على كرسي الحكم في 20 كانون ثاني / يناير بعد أيام قليلة.
سادسا دوليا: انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي في 21 تموز / يوليو، وترشيح كمالا هاريس نائبته لخوض الانتخابات، وهزيمتها النكراء، وهزيمة الحزب الديمقراطي بطريقة فجعت الديمقراطيين جميعا.
وبالمقابل فاز الرئيس دونالد ترامب بولاية ثانية في 5 تشرين ثاني / نوفمبر الماضي، وكان فوزه ساحقا وغير مسبوق حيث حصد معه فوز حزبه الجمهوري على الأغلبية في المجلسين الكونغرس والشيوخ، وبات طليق اليد قبل دخول البيت الأبيض في 20 كانون ثاني / يناير الحالي.
وفاة الرئيس جيمي كارتر الأسبق عن 100 عام في 29 كانون اول / ديسمبر الماضي، والذي يعتبر من "دعاة السلام" والحاصل على جائزة نوبل 2002 للسلام بفضل نشاطه المتميز في مجال حقوق الانسان بعد تركه موقع الرئاسة
سابعا أيضا دوليا: فوز حزب العمال البريطاني بالانتخابات في 4 تموز / يوليو الماضي بأغلبية كبيرة في مجلس المحافظين/ البرلمان والعودة لكرسي الحكم بعد 14 عاما في المعارضة، وسقوط ريشي سوناك رئيس الوزراء وحزب المحافظين.
ثامنا دوليا: انتخابات فرنسا في جولتين 30 حزيران / يونيو و7 تموز / يوليو وفوز اليمين ب31 %، مما دعا الرئيس ماكرون للاعتراف بخطئه بإجراء الانتخابات المبكرة، ودعاه للتحالف مع اليسار والوسط لتشكيل حكومته غير مستقرة، التي سقطت في اول اختبار في 4 كانون اول / ديسمبر الماضي، وعاد وشكل حكومة ثانية، يبدو انها غير مستقرة.
ومن الاحداث الطبيعية الفيضانات في الامارات العربية المتحدة في 16 نيسان / ابريل الماضي نتيجة الامطار غير المسبوقة، التي أدت لخسائر فادحة نتاج غرق عشرات الاف من السيارات والمتاجر والبيوت والممتلكات الأخرى.
فيضانات اسبانيا في 29 تشرين اول / أكتوبر الماضي نتاج الامطار الغزيرة في عدة مناطق جنوب شرق اسبانيا تحديدا في بلنسية، ومنطقة قشتالة والمنشف ومنطقة الاندلس، وتسبب بمقتل ما لا يقل عن 95 شخصا وأضرار جسيمة في الممتلكات.
هذه الاحداث الأبرز التي حصدها العام الماضي، وسيكون لها تأثيرات هامة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية في العام الحالي 2025.