الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:46 AM
العصر 2:33 PM
المغرب 4:58 PM
العشاء 6:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

تزوير الحقائق سمة إسرائيلية

الكاتب: عمر حلمي الغول

الكذب والافتراء وقلب الحقائق والتزوير مرادفات للدلالة على قلب المعطيات والوقائع وتشويهها، أو إنكار حقيقة ما إن كانت من فرد إنسان، او مؤسسة، أو حزب وحركة سياسية، أو دولة أو ائتلافا بغض النظر عن مستواه، إن كان في نطاق دولة أو مجموعة دول لحرف بوصلة المشهد، أو الجريمة، أو الصراع الداخلي أو الخارجي لخدمة المصالح الذاتوية. وهناك فرق وبون شاسع بين الكذب الأبيض والأسود، فالأول شكل من اشكال المداعبة أو الاعتذار الضمني عن خطأ غير مقصود. لكن الشكل الثاني فهو ناتج عن عمل مقصود، ويهدف لتبرير مكيدة، او جرم والتغطية على فعل شائن ولأغراض هدامة تتناقض مع الاخلاق والقيم والقوانين الإنسانية، وفي استهداف للآخر فردا او جماعة او شعبا.
وإذا أخذنا الحركة الصهيونية ودولتها اللقيطة إسرائيل، ومن خلفها الغرب الرأسمالي، نلحظ انهم كل على حدا، أو كقوى مجتمعة ارتكزوا منذ النشأة الأولى على قلب الحقائق، وتزويرها، فالرأسمالية مثلا قامت على كذبة كبيرة عنوانها الحرية والديمقراطية، والهدف استغلال الانسان للإنسان، والحركة الصهيونية ودولة المشروع الصهيوني قامت على كذبة أعمق وأكثر وحشية وفق شعاراتها الناظمة اللا إنسانية والنازية المستهدفة الشعب العربي الفلسطيني خصوصا وشعوب الامة العربية وأبرزها "ارض بلا شعب، لشعب بلا أرض" و"أرض الميعاد" وغيرها، والتي نظمت مركبات وأساليب عملها كافة لتحقيق هدفها الاجلائي الاحلالي الاستعماري.
ومن نماذجها الجديدة الجزئية التي تعكس مخططاتها الاجرامية والابادية، وبالمقابل تحسين أو تلميع "صورتها" اللا إنسانية تقرير كشفت عنه صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية أمس الاثنين 30 كانون اول / ديسمبر الحالي موجه للأمم المتحدة حول مزاعم "مأساة الرهائن" الإسرائيليين في قطاع غزة، والذي يعتبر بمثابة فضيحة سياسية، حيث كشفت الصحيفة ذاتها، ان التقرير الذي أُعد بنسختين عبرية وانكليزية، وتضمن فوارق واسعة بينهما، فجاءت النسخة العبرية من 8 صفحات مليئة بالتفاصيل الكاذبة، والمشوهة للحقائق، منها حول النظام الغذائي الهزيل، الذي كان يقدم للأسرى الإسرائيليين، والاغتصاب، وإساءة المعاملة وغيرها من الافتراءات، وأورد التقرير 3 نماذج طفل، فتاة وامرأة "تحملوا تبعات نفسية وجسدية جراء الاحتجاز." فالفتاة خرجت بصداع مزمن ووزن منخفض، والمرأة تدهورت حالتها النفسية والصحية بعد الافراج عنها.
في حين ان التقرير بالغة الإنكليزية كان مختصرا وجاء في 6 صفحات، وحذف منه الوصف الذي تضمنه التقرير باللغة العبرية، ولم يورد فيه عن ممارسات العنف الجسدي والجنسي ضد الأطفال، وجاء الكلام عاما، وغيرها، بالإضافة لعدم وجود حمامات مما اضطرهم الى قضاء حاجتهم على أنفسهم، وتركوا في الظلام مقيدين، وعذبوا بالحرق بمكواة ساخنة، وهذا ما نفته النساء المفرج عنهن، ممن تجرأن على التصريح وتقديم شهادات للصحافة ووسائل الاعلام ومنظمات حقوق الانسان، بل أكدن ان المعاملة كانت إنسانية، ودون أية قيود، حتى ان بعضهن أعلن، انهن كن يسيرن بحرية في أوساط الناس وفي الأسواق.
وبعدما كشفت الأكاذيب والفوارق بين التقريرين، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، أن التقرير النهائي لم يقدم بعد الى الأمم المتحدة، معتبرة ان الفروقات نتيجة "خطأ برئ"، سيتم تصحيحه. والاسئلة التي تطرح نفسها على وزارة الصحة وأركان الدولة الإسرائيلية، كم مرة يقدم التقرير للهيئات الدولية؟ وهل يمكن لمن كتب التقرير، وهو يسعى لتشويه وقلب الحقائق الوقوع في مثل هذه الفوارق الواسعة، أم انه الكذب وتزوير الحقائق سمة أساسية للدولة الإسرائيلية، التي قامت وتقوم حتى الان على الخرافة والاساطير والخزعبلات اللاهوتية والوضعية؟
ولماذا يتناسى الإسرائيليون القتلة ومجرمو الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين، الذين تجاوز عددهم 160 الفا، وهو ما يعادل نحو 10% من أبناء قطاع غزة المليونين و300 الف انسان؟ ولماذا تجاهلوا عدد المعتقلين من أبناء الشعب الفلسطيني من الضفة والقطاع بعد 7 تشرين أول / أكتوبر 2023 الذي يزيد على 20 الفا من الأبرياء الفلسطينيين، وهذا باعتراف المؤسسات الإسرائيلية، التي تحدثت عن اكتظاظ السجون والمعتقلات الإسرائيلية؟ ولماذا لم يتضمن التقرير تصريحات ايتمار بن غفير وزير ما يسمى الامن القومي عن الانتهاك الصارخ، الذي طالب ومازال يطالب بإعدام الاسرى الفلسطينيين، وتقليص الغذاء المقدم لهم حتى يموتوا جوعا؟ وكيف يتناسى التقرير عن سادية التعذيب ووحشيته في معسكر سديه تيمان وغيره من باستيلات إسرائيل؟ وعلى أي أساس لم يذكروا عدد الشهداء من المعتقلين، الذين استشهدوا تحت التعذيب، وعن الاغتصاب للفتيات البكر والنساء والأطفال والرجال وتقييدهم من الارجل والايدي وغيرها من الأساليب الجهنمية، التي تفوقت فيها فنون انتهاكات النازيين الصهاينة على افران المحارق الهتلرية؟
باختصار شديد، هذا التقرير بنسختيه الإنكليزية والعبرية نموذج صغير يفضح ويعري حقيقة الدولة اللقيطة الإسرائيلية، ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية وكل من دافع ويدافع عنها، وعن ابادتها الجماعية، وحتى لو جاءت التقارير متطابقة، فإنها لا تسقط ولا تلغي حقيقة الدولة العبرية المارقة والخارجة على القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ولن تبرأها كل عمليات التلفيق وتزوير الحقائق، فالشواهد الماثلة للعيان اماطت اللثام عن وجهها القبيح والاجرامي الابادوي.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...