ذكرى الثورة ال60
الكاتب: عمر حلمي الغول
بعد غد الأربعاء تحل الذكرى ال60 للثورة الفلسطينية المعاصرة، واطلاق الرصاصة الأولى التي اشعلت السهل الفلسطيني بعد مخاض عسير تلا نكبة العام 1948، التي شكلت رافعة استراتيجية لنضال الشعب العربي الفلسطيني الذي سعى معسكر الأعداء الصهيو أميركي والغربي عموما لطمس قضيته السياسية، وحقه في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، رغم ان قرار التقسيم الدولي 181ينص على إقامة الدولتين الفلسطينية العربية والإسرائيلية، والقرار الدولي 194 الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي طردوا منها، ومع ان وزير دولة إسرائيل الطارئة واللقيطة موشيه شاريت وقع على وثيقة أممية تعهد فيها بتنفيذ القرارين مقابل الاعتراف بدولته من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن لم يتم ترجمة التعهد حتى اليوم، ولا يبدو ان هناك في الأفق ما يوحي ان إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية معنيتان بوجود الدولة الفلسطينية من حيث المبدأ.
وهذا ما تدلل عليه قرارات وقوانين الكنيست والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والابادة الجماعية الأكثر وحشية في العصر الحديث على الشعب الفلسطيني، التي مضى عليها 15 شهرا كاملة حتى اليوم. بيد ان قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عموما وحركة فتح صاحبة الريادة في إطلاق الرصاصة الأولى لن تستسلم، ولن ترفع الراية البيضاء، وستواصل النضال دفاعا عن المشروع الوطني والثوابت الوطنية كلها دون استثناء حتى انتزاع استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم وديارهم التي طردوا منها.
وتحل الذكرى ال60 في ظل احداث داخلية وخارجية جسام تعصف بالقضية والكيانية الفلسطينية، حيث تتكالب القوى المعادية بكل مكوناتها الدولية والإقليمية والمحلية على ما تبقى من إنجازات الثورة والمنظمة والدولة الفلسطينية، واذا كان العامل الموضوعي يشكل تحد جاثم ومهدد للوجود الفلسطيني متمثلا بحرب الأرض المحروقة والابادة الجماعية بأبعادها المتعددة بالتهجير القسري والتطهير العرقي والعنصرية المتوجة بأبشع عناوين واشكال النازية الصهيو أميركية، والتي أودت بحياة ما يزيد عن 160 الفا من الشهداء والجرحى والتدمير الهائل وغير المسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حتى باتت محافظات الجنوب الغزية عبارة عن اطلال، الا ان هناك خطرا جاثما آخر لا يقل خطورة عن ذلك عنوانه الفلتان الأمني وفوضى السلاح باسم "المقاومة" في محافظات الشمال الفلسطينية وتحديدا محافظة جنين ومخيمها البطل المتواصل منذ ما يزيد على الاسبوعين، واودى بحياة الأبرياء ومن منتسبي الأجهزة الأمنية، الذي يستهدف النظام السياسي ومنظمة التحرير وتمثيلها الشرعي الوحيد للشعب، والسلم الأهلي ووحدة النسيج الوطني والاجتماعي.
وإذا كان العدو الصهيو أميركي لم يخف مشروعه الاستعماري العدائي للشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد ونظامه السياسي ووجوده الراسخ على ترابه الوطني مفهوما ومعلوما لدى القيادة والشعب، الا ان وجود قوى الثورة المضادة داخل النسيج الاجتماعي الفلسطيني، ليس مفهوما، ولا مبررا ولا يقبله عقل سليم ووطني. لأنه يشكل تهديدا حقيقيا لوحدة الأرض والشعب والقضية والاهداف الوطنية، الامر الذي يتطلب من قوى الشعب وقطاعاته المختلفة وخاصة فصائله وقواه الوطنية رص الصفوف، والعمل كجسم واحد ضد هذا الخطر لحماية ما تبقى من إنجازات، ودرأ الاخطار استنادا الى برنامج منظمة التحرير الفلسطينية.
من يريد المقاومة، ويرفع شعارها عليه أولا وثانيا ... وعاشرا العمل على تعزيز الوحدة الوطنية، وتكريس دور ومكانة النظام السياسي الفلسطيني، وتعزيز المقاومة الشعبية بكل اشكالها وفق خطة وطنية شاملة وقيادة واحدة واليات عمل مركزية وفرعية لتتكامل الجهود لتعزيز تجذر الشعب على ارض الوطن، ونزع فتيل الفلتان وفوضى السلاح غير المشروع، الذي يقدم الذرائع المجانية للعدو الصهيوني لارتكاب المزيد من الإبادة الجماعية في الضفة الفلسطينية، ولقطع الطريق على مخططه الاجرامي، والعمل على وقف الإبادة الجماعية على أبناء الشعب في قطاع غزة، وتأمين ادخال المساعدات الإنسانية بكافة مستوياتها، وتأمين الحماية الدولية للشعب، وتمكين منظمة التحرير ومؤسسات الدولة وحكومتها الشرعية في الولاية الكاملة على القطاع بسرعة، وصولا للمؤتمر الدولي لتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
في ذكرى الثورة ال60 تفرض الضرورة الوطنية على الكل الفلسطيني احياء المناسبة تحت راية الوحدة الوطنية ومنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد، وتفويت الفرصة على الأعداء في الداخل والخارج، وكل عام والثورة الفلسطينية بخير والشعب الفلسطيني واحدا موحدا على الثوابت والاهداف الوطنية.