الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:11 AM
الظهر 11:41 AM
العصر 2:25 PM
المغرب 4:50 PM
العشاء 6:10 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

سوريا بين السيف الصهيوني والحضارية الإسلامية!

الكاتب: بكر أبوبكر

اتجهت الأبصار نحو سوريا لأسباب ثلاثة كبيرة الأول: هو سهولة اندثار نظام الأسد القمعي الإرهابي، وهروب فواعله خلال 12 يومًا فقط، وبعد أكثر من 50 عامًا قضاها النظام الأسدي في رفع شعارات قومية صاخبة، تمازجت مع لغة المقاومة والمعارضة والممانعة لم يطبق منها شيئًا فيما انشغل بإحداث الفتن في  داخل الثورة الفلسطينية وفي لبنان عوضًا عن خوضه حرب شرسه على مواطنيه.

 والثاني هو اندفاع القوات الصهيونية الغازية لاحتلال أجزاء من سوريا معلنة جهرًا أنها عدو سوريا وفلسطين ولبنان، وكامل الأمة.

 وثالثًا بزوغ نجم أحمد الشرع الذي اعتمد فيما سبق اسم أبومحمد الجولاني، وهو الرجل الذي أصبح مفتاح التغيير القادم داخل سوريا، شاء من شاء وأبى من أبى.

نظام الأسد بين التحسّر والفرح

كثرت التحليلات حول سهولة سقوط النظام البائد، فمن قائل أنها مؤامرة مُحاكة بين الدول العظمي حيث سوريا لأمريكا مقابل أوكرانيا لروسيا، ومن قائل أنها حيكت في أقبية المخابرات الإسرائيلية والأمريكية لتدمير نظام "المقاومة والممانعة" الذي كان يعدّ نظام الأسد أحد أعمدته، ولإبعاد إيران عن تهديد الطفل الامريكي المدلّل أو يدها الضاربة وسطوتها العظمى على أمة لا إله الا الله بالمنطقة بما يسمونها "الشرق الأوسط"، أي دولة الكيان الصهيوني، ومنهم من وزّع المسؤولية بين أنظمة عربية (متآمرة) مع تركيا ومع الامريكي الذي يُقحم نفسه بكل ثغرة عربية ويصرّ على استمرار الحرائق بالمنطقة، كما يصرّ على أبدية اليد الحديدية الصهيونية تضرب رقاب الامة.

بغض النظر عن طريقة سقوط النظام فإن النظرات للحدث بأكثريتها اثنتين الأولى وتمثل الأقلية تتحسر على أيام النظام السابق على فرضية (قومية المعركة) أو أنه الممثل للممانعة والمقاومة! أو لأنها تآلفت مع النظام الاستبدادي رغم أن القاعدة البشرية تقول أن من لا خير فيه لأهله لا خير فيه لشعبه ومن لاخير فيه لشعبه لا يمكن أن يحقق نصر الأمة، وهو ما ينطبق على أي نظام ظالم او نظام استبدادي قمعي في كل العصور.

والنظرة الثانية تقرن الثورة الديمقراطية بالثورة ضد (المستعمر/المستخرب) فكليهما ثورتان واجبتان وإن كانت الأولى تأتي في السياق الاشتراكي بالحرب الطبقية، الا أنها في ظل الاستبداد والاستئثار والظلم قد تفهم حرب العدالة والحرية والحق ضد الطغمة الطاغية أيضًا.

الثورة الديمقراطية، والثورة ضد المحتل

وهنا يجوز لنا مشاكلة أدعياء فكرة الثورة والمقاومة وارتباطها بآل الأسد ما هو بعيد عن الحقيقة، فالثورات في سوريا ضد المحتل الفرنسي الغاشم منذ عام 1920م كانت من كافة أشياع الشعب السوري وطوائفه حيث ثورة هنانو وصالح العلي والأطرش وطالب الشرع ويوسف العظمة وغيرها ولا ننسي قيامة عزالدين القسام، قبل انتقاله الى فلسطين. ومن الممكن الإشارة أيضًا للقوميين وتحركات حزب البعث في مراحل متقدمة عندما لبس ثوب الطهر القومي من خلال ميشيل عفلق وأكرم الحوراني وغيرهما.

التاريخ النضالي ضد  المستخرب/المستعمر/المحتل من كل طوائف المجتمع السوري الذي رفض دولة منفصلة للدروز، ودولة للعلويين وهكذا، وأصر على الوحدوية في نطاق سوريا الكبرى (المملكة السورية الفيصلية) ثم ما أصبح سوريا الحديثة هو ذات الشعب ممثلًا بأحفاد الرواد من الثوار الذين حين لبسوا عباءة النضال والكفاح التي كانت دافئة بكل المكونات الوطنية. وحتى حين اعتمد حسين الشرع (والد أحمد الشرع) الطريق القومي الوحدوي طريقًا بمسار آخر مختلف عن مسار البعص السوري، أو ضمن مسار طالب الشرع الجد للعائلة الذي قاوم الغزو الغربي الاستخرابي/الاستعماري الفرنسي في منطقة الزويّة من حوران والجولان الملاصقة لفلسطين والأردن.

مؤامرة أم غير مؤامرة!؟ لك النظر والتفكير رغم أنني لست مع مثل هذه النظرية، وإنما أفهم التحليل ضمن النظرية الواقعية التي تأخذ الامكانيات والمستجدات والتحالفات والمعسكرات/معي أوضدي بعين الاعتبار، وترى الفرص والهدف او النتيجة بالاعتبار حين التحليل ومحاولة الفهم.  

إن سرعة الدخول الصهيوني الى سوريا حقيقة كاشفة لحسن الحظ! فلم تستطع الحكومة الإسرائيلية التي تمارس الإبادة الجماعية والمذابح والتطهير العرقي في غزة والضفة من فلسطين، لم تستطع أن تتمظهر بصورة الجار البريء أو المسالم أبدًا، وإنما أصرّت على تقديم نفسهًا عدوًا ضمن قاعدة رؤوس النظام الصهيوني أنه لا يعيش الا على حد السيف، وضمن فهم أنه مجبر على حمله في محيط شائك من الأعداء كما هو حال فكر "جابوتنسكي" معلم "نتنياهو" وقبضته الحديدية.

لذا فإننا هنا لا نعتقد أن نتنياهو قد أخطأ (إقليميًا) وإنما أصاب! بل ونقول حسنًا فعل، ليزيل أي أوهام لدى أطراف بالمعارضة السورية اجتهدت في مرحلة من المراحل بمد اليد للإسرائيلي ظانة وفي ظنها هذا كل الإثم أنها تحقق انتصارها على ظلم آل الأسد، وهي تسلم نفسها للضبع.

الفكر الماضوي والعقل الحضاري

سقط النظام بالدعم الشعبي مؤكد، والفرح العارم طال كل فئات الشعب كان جليًا وواضحًا. 

وسقط النظام القديم بانهيار معنويات قوات النظام، وسقط بتقاطعات دولية وإقليمية لاشك كما سقط بدعوات مئات الآلاف من الشهداء أو المعتقلين في سجون الأسدين، وهو سقط نتيجة النموذج الذي حققته قوى المعارضة السورية في مناطقها حيث أسقطت راية التطرف الاسلاموي وألقت جانبًا بمِعول الهدم المرتبط بالفكر السلفي الماضوي الحركي العنيف أو المرتبط بفكر "الاخوان المسلمين" بنموذجه الانقلابي الاقصائي باعتقادي، ولها أي هذه التجربة أن تتكرّر في المدن المختلفة لاسيما ورسائل القائد العام أحمد الشرع لكافة الطوائف (الأكراد، والسنة، والدروز، والمسيحيين، والعلويين، والاسماعيليين، والشيعة الاثني عشرية في بعض القرى...) كانت رسائل طمأنة واضحة المعالم مشيرًا لنموذجه في حكم إدلب شمال سوريا. أو كما عبّر في لقائه قبل دخول دمشق على فضائية (سي أن أن) حيث أظهر الوجه المدني المخالف كليًا لذاك الوجه الذي ارتبط حسب ماذكره بمرحلة هي مرحلة الشباب ذات العوامل المختلفة التي تحكم التشكل والنمو ونضوج الشخصية.

في سياق إظهار الوجه الاسلامي الحضاري المنفتح لربما يستطيع النظام إبرازه إن فهم أن الحضارية بالمنطقة هي هي الحضارية العربية الاسلامية بالاسهامات المسيحية المشرقية وبكل المكونات العربية والكوردية، ولربما يظهر شكل جديد لفهم الاختلاف أو التميز الاسلامي كما هو الحال في النظام في ماليزيا او أندونيسيا على سبيل المثال.

نعم نخاف على سوريا ولا يهمنا النظام إلا أن يكون لكل السوريين بكل فئاتهم قاطبة، ويهمنا احترام شعبنا الفلسطيني في سوريا كما كان الحال منذ النكبة عام 1948م، ويهمنا الحضارية الجامعة، ولربما تبرز قوى الشر من حيث تدري أو لا تدري لأن دولة مستقرة كل الاستقرار على حدود الإسرائيلي المحتل حامل السيف الأبدي هو طامة كبرى للحكم الصهيوني الذي لا يواسيه ولا يفرحه الا رؤية كل الأمة متفتتة ومتحاربة سواء على قاعدة طائفية أو قومية أوحزبية سلطوية، إو ذاتية رغبوية ذات نزق قيادي أوغيرها.

أحمد الشرع  

أحمد الشرع (مواليد 1982م بالسعودية) من عائلة ذات عمق قومي منفتح يُشار في كثير المصادر الى أنها قومية ناصرية ارتباطًا بفكر أبيه حسين طالب الشرع (مواليد 1944م)، وتارة ما يشار الى أنها قومية بعثية عراقية وليست بعثية سورية، وفي جميع الاحوال من الواضح أن حسين الشرع من بلدة فيق بالجولان، من المطالبين بالدولة المدنية الديمقراطية التعددية لكل المواطنين، وهو ضد التنظيمات الإسلاموية المتطرفة خاصة والاضطهاد الذي عاناه في فترات الحكم السوري المختلفة متنقلا بين الأردن ومصر والسعودية والعراق.

إن كان تأثير الوالد او الجد على ابنه فإنه جاء في مسار قيم الثورية أو النضالية، وإن اختلفت الوسيلة أو اختلف طبيعة الفكر من القومي الحضاري، الى الإسلاموي المتطرف ثم لاحقًا في عهد بزّة الدولة وفيما يظهر -حتى الآن- الاسلامي الحضاري.

مما لا شك فيه وحسب عديد المصادر أن غزوة نيويورك في 11/9/2001 وأيضًا الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وما كان من احتلال أمريكا للعراق عام 2003م كان علامة فارقة في تاريخ التطرف الاسلاموي كما الحال في نشأة أحمد الشرع (أبومحمد الجولاني) الذي سارع للعراق ليحارب ضد الغزو الامريكي.

التاريخ الأمريكي الأسوَد، والجولاني

ولنا هنا أن نشير للتاريخ الامريكي الأسود منذ العام 1979 حين تحالف الخليج مع الامريكي ليرد الغزوة الشيوعية في أفغانستان، فجند وأعدّ ودرّب ودعم ما فرّخ لاحقًا عدوًا استنسخه الاستعماري/المستخرب الامريكي، كما أعاد صناعته بالعراق حين احتلالها خاصة في سجن بوكا بالبصرة الذي صنع ابراهيم عواد السامرائي (ابوبكر البغدادي) ثم تفرعاته المدعومة خليجيًا، وما حصل لاحقًا من احتضان الأقليات بشكل سلبي مثل الأكراد على درب قوى الاستعمار القديمة التي نخرت جسد الدولة العثمانية بدعم الأقليات المختلفة بالمنطقة العربية والاسلامية.

في العراق حيث ذهب الشاب العشريني المفعم بالحيوية أحمد الشرع (أبومحمد الجولاني) محملًا برفضوية العقل الشاب وتوثبه لانقاذ أمته قاتل الأمريكان في ثوب التطرف الاسلاموي وفي سجن بوكا الذي احتضن (ابوبكر البغدادي) تعرف على أفكار وأيديولوجيات وقيادات التطرف السلفي الحركي التي أضحت لاحقًا "داعش" (تنظيم الدولة الاسلامية في العراق) ثم (تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام).

من الواضح لي أن الشرع كان نزّاعا للاستقلالية، وأنه خاض صراعًا بعد خروجه من السجن العراقي (عام 2008م) وعودته للشام مع محتضنيه فكريًا أو تنظيميًا أي من تنظيم "القاعدة" لأيمن الظواهري وتنظيم "داعش" للسامرائي، فكان له تنظيمه الخاص الذي كان تميزه بالابتعاد عن كثير من الممارسات العنيف للتنظيمين المذكورين، وما عبرعنه برفضه الاندماج الكلي مع أحدهما رغم فكرة "البيعة" الاسلامية التي تم محاججته فيها آنذاك.

في مرحلة متقدمة وبعد انطلاق الثورة السورية المدنية من كل الطوائف عام 2011 كان التغيير السوري الكبير سواء من خلال النظام الذي استنهض قوى التطرف بالمعتقلات فاطلقها، ليبرر قسوته واستمرار نظامه، أو ما أحدث الانقلاب بالتدخلات الاقليمية والعالمية وتقاتلها على جسد سوريا والشعب السوري ليقف "تنظيم النصرة" للجولاني بعيدًا عن الثوب العراقي العنيف، ويتخصص فقط بالشان السوري وشيئا فشيئًا ينفصل به أحمد الشرع الى رحابة المدنية أوالحضارية الاسلامية المنفتحة في سياق الدولة (دولة إدلب) التي خالطها باعتقادي في تركيا المجاورة، والتي لا تخفي احتضانها لعديد التنظيمات ومنها "هيئة تحرير الشام" وريثة "النصرة". 

أمل جديد أم هزيمة داخلية؟

اليوم يطل أحمد الشرع بمظهر جديد فلا عمامة ولا سراويل، وإنما بدلة وربطة عنق، ولا مصطلحات عقدية دينية، وإنما مصطلحات مدنية حضرية بسيطة. ولا تعصب ولا طائفية وإنما رسائل وحقائق وحدوية تُعلي من شان الوطن على حساب التنظيم، ولا سلاح غير سلاح الدولة فقط، وبقيم ومباديء تُعلي من حساب الاستقرار على حساب الغنيمة لأمراء الحرب،أو هكذا يبدو حتى الآن.

لغته الجديدة والمتطورة تفترض تكامل النسيج الوطني بكل طوائفه الدينية وبكورده وعربه وهو مما قد يجعل من المتفائلين ألا يقارنوا بين الحال القادم في سوريا، وتجارب اليمن والسودان وليبيا الفاشلة والمريرة، مفترضين الاطمئنان لأقوال وأفعال العهد الجديد وأنه سيتم تقديم نموذج جيد. 

أما المتشائمين فلهم أسبابهم الكثيرة مما يؤخذ بعين الاعتبار ومئات المشاكل القادمة ومن حيث أن "معظم النار من مستصغر الشرر" كما تقول العرب، بينما اللاعبين في المياه العكرة يعدّ أولهم هو الإسرائيلي فإنه يحتل ويعربد، ثم يطبل ويزمر يوميًا لحرب سوريا الأهلية-كما يفعل بالضفة الغربية تمامًا- والذي يحرّض الأمريكان لتأليب الاكراد السوريين ضد الحكم الجديد. 

ولا أرى بالجماهير العربية وبمنظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية الا أن تكون عامل جذب للحكم الجديد نحو ملعب منهج وفكر الشعوب والأمة الأساس المتحلق نحو الارتباط الحضاري الجامع هذا من الناحية الفكرية، والمترابط نضاليًا في مواجهة الإسرائيلي المحتل، والذي يتم تأهيله حاليًا بكل قوة ليدوس على رقاب وشنبات كل قادة الأمة، وإن غدًا لناظره قريب.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...