قراءة لمآلات الحرب على كل جبهاتها
الكاتب: نبيل عمرو
لم تنتهِ بعد حرب الشرق الأوسط متعددة الساحات والتسميات.. طوفان الأقصى والسيوف الحديدية والاسناد إلخ....
لذا لن تكون قراءة النتائج التي أسفرت عنها نهائية حاسمة، بل هي قراءة دلالات ومؤشرات.
لأبدأ بنقطة الانطلاق الأولى.. طوفان الأقصى والرد الإسرائيلي عليه، بالسيوف الحديدية.
كان اليوم الأول، السابع من أكتوبر مختلفاً عن اليوم الذي نحن فيه الآن، وكانت الأهداف مختلفةً عن المطالبات التي نشأت بفعل مجريات الحرب، ووقائعها وتطورات الميدان عسكرياً في حالتي الهجوم والدفاع.
اليوم الأول كان يوم الذهاب إلى الحدود القصوى في الأهداف، إنقاذ القدس والأقصى الذي سميّت انطلاقة الحرب باسمهما، أمّا اليوم فقد تغيرت المطالبات ويمكن تحديدها بالسعي الحثيث إلى وقفٍ مؤقتٍ لإطلاق النار وتبادل للأسرى والمحتجزين، بصورة متدرجة بحيث يفرج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين، مقابل الافراج عن أعداد من المعتقلين الفلسطينيين أبعد بكثير أن يكون تبييضاَ للسجون كما أعلن في البدايات، والخلاصة المرئية حتى الآن...
انتهاء حكم حماس في غزة، وانتهاء العمل العسكري ضد إسرائيل انطلاقاً من أراضيها مستقبلاً، والعودة إلى حصارٍ إسرائيلي أكثر إحكاماً من كل ما سبقه.
الثمرة سقطت في الحضن الإسرائيلي الأمريكي المشترك.
لبنان.. استجابة لطوفان الأقصى نهضت منه جبهة الاسناد الأولى التي امتدت إلى إيران مروراً بسوريا والعراق واليمن، كانت البدايات واعدةً ليس فقط على نطاق محدود كتخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي على غزة، بل وصلت بعض الأدبيات إلى التبشير بتحرير الجليل، وإعادة لاجئي الـ 48 إلى ديارهم التي أخرجوا منها.
جدية الموقف والمحاولة تُحترم من خلال احترامنا البديهي للشهداء اللبنانيين الذين قضوا في حرب الاسناد، غير أن ذلك لا يعفينا من إحصاء الخسائر الحقيقية وقراءة المآلات.
لبنان كله وليس الجنوب، ولا حزب الله من سقط كثمرة في الحضن الأمريكي الإسرائيلي.
الخلاصة أمريكا هي الوصي الأمني المعترف به دولياً وفق التطبيقات التي اعتمدت للقرار 1701، وإسرائيل هي من يقمع ما تسميه بالخروقات سواء انسحبت أو بقيت، فطيرانها يعمل بلا معوقات في أي مكان تراه مناسباً.
سوريا... بصرف النظر عن التحليلات المتعددة، المنسجمة أو المتباينة حول الذي حدث وأدى إلى سقوط النظام والبلد، إلا أن ما آلت إليه الحالة هي سقوط الحلقة الأهم في معسكر الممانعة، ووحدة الساحات، في القبضة الأمريكية الغربية الإسرائيلية، ولك أن تضيف تركيا إلى القائمة.
سوريا حتى وإن كان دورها غير مباشر في الحرب الراهنة، إلا أنها الحلقة الأهم ليس فقط في سلسلة الممانعة ووحدة الساحات، بل في تقرير مصير المنطقة، وها نحن نرى حجيجاً أمريكياً غربياً لدمشق، ونرى دعماً إعلامياً وسياسياً أمريكياً يصل حد التبني لنواة النظام الجديد في سوريا، كمقدمة لتدخلٍ أوسع نطاقاً في ترتيب الوضع السوري، ليكون أكثر انسجاماً بل وتجانساً مع الوضع العربي الرسمي الذي يتعاطى مع أمريكا في ترتيبات الشرق الأوسط إن لم نقل الجديد فالمختلف.
سوريا ليست جنوب لبنان ولا غزة، ولا حتى لبنان وفلسطين كليهما، إنها في ميزان الثقل والتأثير السالب والموجب، ومهما كان النظام الذي يحكمها فهي الأكبر والأقوى.
أين هي الآن ومن الذي يقود ترتيبات حاضرها ومستقبلها؟
أمّا إيران... قائدة المحور، وصاحبة الأذرع التي بدت في وقتٍ مضى وانقضى، كما لو أنها أخطبوطية، تطبق على عنق المنطقة على نحوٍ أنذر بجعل نفوذ الدولة الفارسية هو الأقوى على الساحة الشرق أوسطية، إيران التي كانت هكذا خسرت كل ما تقدم، ولا نعرف بالضبط هل لديها بدائل قوة غير التي خسرتها؟
حتى الآن بقي اليمن الحوثي... فهل يكفي؟