الهيمنة الامريكية على العقل العربي
الكاتب: بكر أبوبكر
من مجمل الاطلاع على موقف معهد واشنطن الامريكي المؤيد تاريخيًا للإسرائيلي نجد الدعم الكامل للمطامع الصهيونية في فلسطين ولبنان، وفي سوريا (الجولان).
بل ودعمًا واضحًا أعمى لاحتلالها السريع لأجزاء من سوريا مؤخرًا إثر سقوط نظام الأسد، ونجد جملة من التوصيات من باحثي المعهد لتكريس هذا الاحتلال. وجعله وقضايا أخرى مجال مفاوضات للاعتراف مع دولة الكيان، وكل ذلك دون إلغاء "حرية حركتها في سوريا"!؟ و"ضمان احتفاظ "إسرائيل" بقدر كافٍ من حرية العمل للدفاع عن نفسها" كما يقول نصًا "أساف أوريون" من معهد واشنطن! للوضع في سوريا أي كما الحال المزري في فلسطين ثم لبنان.
تلعب مراكز الأبحاث الامريكية المتصهينة دورًا في تبرير العدوانات الصهيونية وقوننتها وشرعنتها ومعاقبة من يرفض هذه العدوانات والمذابح، وفيما لا تلاحظ الآلة الاعلامية الأمريكية الرسمية العدوان والوحشية الصهيونية والحروب التي تشنها والإبادة الجماعية فإنها تخترع مصطلحات ومفاهيم تبغي من خلالها تفتيت نسيج المنطقة مثل إصرارها (مؤخرًا) على تسمية أجزاء من سوريا مجتمعات أو "سكان محليين" (كما يحصل في فلسطين منذ زمن طويل) وكأنه لا بلد لهم، ومنفصلون عن البلد وفيما تفرضه من اتهامات للدين الإسلامي حصريًا! ذاته بالإرهاب (أنظر الإرهاب البوذي في دولة ميانمار ضد المسلمين إن شئت تسميته دينيًا، والإرهاب المسيحي في كينيا، بل وفي أمريكا ذاتها، وكذلك الهندوسي بالهند، ومثله القومي...الخ)، وهو ما لم تتخلى عنه بل وتقسيمه الى إرهاب لهذه الطائفة أو تلك في منطقتنا الحضارية مما ترونه مدرجًا في تقارير مراكز الأبحاث والكتاب الأمريكيين ومن تساوق معهم من عرب وعجم. وهم الى ذلك لا يلقون بالاً للإرهاب الصهيوني (سواء أسميته دينيًا او علمانيًا أو قوميًا لاقيمة لذلك. فهو بالنسبة للعالم الحر قتل ومذابح وإرهاب ومؤخرًا ثبت عالميًا أنه أبارتهايد وفصل عنصري من جهة، وهو جرائم حرب وإبادة بشرية عزّ نظيرها منذ حرب الاوربيين الثانية المسماة العالمية).
إن مسلسل القتل والإرهاب الصهيوني هو المسلسل الذي لا يتوقف في فلسطين منذ اكثر من75 عامًا، والاحتلال والقتل والأبارتهايد الذي أثبتته مشاهد المذابح اليومية (في قطاع غزة على الأقل) لم تبرع به حتى الآلة النازية أو الفاشية أو الستالينية أو الامريكية المؤسسة في زمانها.
بالشأن السوري وتحليلات معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الموالي للإسرائيلي المحتل يستغل الامريكي قوات الاكراد السوريين للّي عنق المسائل وإظهار أنهم معها يقاومون "داعش" ويدعون "للعلمانية"، فيما الحقيقة أن الأمريكي يركب مركب أكراد سوريا لتحقيق بغية هيمنة الصهيوني على المنطقة (كما من المحتمل أن يفعل مع مكونات أخرى) فلا بأس لديه من استخدام ورقتهم ضد النظام الحالي الى أن ينصاع ليس لمفاهيم العلمانية الفوضوية وحقوق الانسان ضد الطبيعة، التي لا يعرفها-والدليل فلسطين بغزتها وضفتها، ولبنان ومناطق أخرى بالعالم-وإنما لهيمنة وسرقة الأمريكي والصهيوني لكل المنطقة، ومقدراتها عوضًا عن احتلالها جغرافيًا، فإن لم يكن فهو الاحتلال الاقتصادي والهيمنة وبالتخويف والترويع والاسقاط النفسي وتدمير العقل ليسقط في بئر خيانة مباديء الأمة العربية الاسلامية المسيحيةالمشرقية المتميزة عن الغربية غريبة القيم عنّا.
تجوب المفاهيم المربكة للقاريء العربي العالم وتعود لتصبح مفتاحه هو-العربي والمسلم والمسيحي المشرقي- للفهم دونًا عن ضرورة رفضه لكل هذه المفاهيم والتي نراها جلية في أوراق كُتّاب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى (وغيره من الاعلام المتصهين) وما هو الا سليل حقدهم على أي بادرة نهضوية بالمنطقة، ومنها على الشعب السوري ذاته، ودعواتهم لإذلاله او إذلال دولته أي كانت لتظل راكعة للأجنبي الى الأبد وكما تفعل مع العرب الآخرين. (22/12/2024م)