القائد الفذ والصُدف المتكررة
الكاتب: د. محمد عودة
عندما تتكر الصدف فان عبارة محاسن الصدف التي يستخدمها العرب والتي تَميز الفنان المصري عبدالفتاح القصري باستخدامها وعلى طريقته الخاصة في الكثير من الافلام المصرية،فمن الطبيعي ان يستخدم الفنانون عبارات مجازية ولكنه ليس من الطبيعي ان تتحول الصدفة لميزة من مزايا القادة.
كثيرا ما اتيحت لي الفرص بان امر ولو مسرعاً من امام كليات القانون والسياسة في بلدي مما يؤهلني للإفتاء بما يخص هذين الحقلين، واكبر دليل على ذلك ما سيرد في هذا المقال لاحقا حول محاسن الصُدف.
اعتقد جازما ان الانسان يمكن ان يجد نفسه بالصدفة في مكان او نشاط ينسجم مع توجهاته ورغباته وبالتالي لا يجد حرجا في البقاء وربما المشاركة فيما يدور هناك.اما ان كانت الصدفة غير ذلك فاعتقد ان صاحب المباديء في هذه الحالة يعتذر ويغادر المكان او النشاط ولا يحتاج الى تبرير في هكذا موقف.
فمن الطبيعي ان يجد الانسان نفسه في اوقات واماكن مختلفة عرضة لهكذا صدفة ،وبناء عليه فان ردة الفعل بالضرورة ان تنسجم مع ما ورد في الفقرة السابقة، فإن كانت الصدفة لا تتناقض مع توجهات وقيم ومباديء الإنسان فهو ملزم بإستثمارها خاصة ان كان صاحب قضية ،أما إن كانت الصدفة لا تنسجم مع قيم هذا النسان وتخدم اجندات خصومه فالضرورة تحتم ان تكون ردة الفعل الإنسحاب دون البحث عن مبررات.
لكنه ليس من الطبيعي ان يقوم قائد فصيل فلسطيني بالمشاركة في ورشة مع قاتل اطفال ونساء وشيوخ شعبه ثم يقول ان ذلك صدفة فالعذر هنا اقبح من الذنب وليس هذا فحسب بل يتعدى التبرير في عذره غير المنطقي الى الاستخفاف وربما الاستحمار،ومع ذلك ربما نقبل اعتذاره ولكن ليس من منطلق القناعة بمصوغات العذر وانما من منطلق ان الاعتذار يعتبر توبة نصوح.
اذا افترضنا ان هذا القائد او ذاك دُعي الى ندوة على عجل ولم يتسنى له الإطلاع على البرنامج ولا على المشاركين ( طبعا هذا غير مسموح في علم الوطنية والسياسة) فيمكن ان نستوعب انه من خلال المشاركة بطرح قضية شعبه والدفاع عنها وتعرية عدوه في ندوة وجد نفسه فيها بالصدفة وقد نجد نحن العامة تبريراً له.
اما أن يذهب هذا القائد الفذ الذي يدعي انه من انصار محور المقاومة الى بيت رئيس جهاز مخابرات عدوة ويقول انها صدفة فالاستحمار فيه بينونة كبرى وليس بحاجة الى دليل ومياه نهر الاردن لن تُطهره.
اننا امام حدث لا يمكن السكوت عليه خاصة وان القائد الوطني الفذ الذي ذهب صدفة الى بيت عدوه لا يتورع عن مناصرة المسلحين الذين يطلقون النار على مؤسسات فلسطين والدفاع عنهم بصفتهم مقاومة وهو يعرف اكثر من غيرة ان السلاح المقاوم ليس للاستعراض ولا لفَرض الخاوات .
إن الصدف المتكررة مضاف اليها تبني هذا القائد الذي يفترض انه من قيادة الصف الاول ضمن اطر الممثل الشرعي والوحيد لشعب الفلسطيني لما تقوم به عصابات تَدّعي المقاومة وهي تخدم أجندات خارجية موصولا مع صُدفه المتكررة لا يمكن أن يفهم إلا في اطار العمل عن قصد ضد الممثل لشرعي و الوحيد متساوقا سواء بقصد ام بغيرة مع المشروع الصهيوني الغربي القاضي بتقويض السلطة وطمس القضية والهوية وتغيير ممثل الشعب الفلسطيني بما ينسجم مع المخططات الامريكية في خدمة اليمين الصهيوني.
لا استبعد ان يكون صاحب الصُدف من بين الشخصيات التي التقاها تور وينسلاند مبعوث الامم المتحدة خلال الاعوام السابقة وبالتنسيق مع الادارة المدنية لايجاد قيادة بديلة للشعب الفلسطيني تقبل ببقاء الاحتلال وتحويل دورها الى دور خدمي محض.
وبناء عى كل ما سلف فإن القيادة وخاصة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دولة فلسطين مطالبين بوضع حد لمن تهدم معاوله صرح الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من الداخل، كما ان الرفاق في المبادرة مطالبين وبسرعة قصوى محاسبة من يخرج على صفهم الا اذا كانت الصدف هذه بقرار وموافقة قيادة المبادرة ،حينها ستكون القيادة بمحاسبة الفصيل نفسه.