أُريدُ أن أبتاعَ لصاً شريفاً يسرق من اللصوص والفاسدين
الكاتب: محمد عودة
اعترف بأنني لست خبيرا في أي شيء ولذلك وبحكم ما اعتقد انه حرص على بلدي وربما يكون حلما فالحلم مشروع والمساهمة ولو عبر آخرين في حماية بلدي والحيلولة دون ان يصيبنا ما أصاب غيرنا من تفكك وانهيار وضياع على يد أصحاب الاجندات الخارجية واللصوص الذين يريدون سلب كل شيء.
فأنا لا أدري ان كان من سوء حظي ام من حسنه انني وبحكم المهمات التي كلفت بها استطعت ان اتجول في فلسطين من نهرها الى بحرها وفي عشرات دول العالم والتقيت خلال التجوال بكل الألوان والاشكال، بالفقير والغني باللص والأمين بالفاسد والزاهد بالعالم والجاهل بالمحظوظ والمنحوس، كنت أتمعن الأشياء وادقق فيها مما لفت انتباه أحدهم فسألني عن ماذا أبحث؟
ترددت كثيرا قبل ان اسمح له بالتمادي في أسئلة فلسفية ليس لديّ أجوبة على معظمها من جهة ولا املك الجرأة الكافية من جهة أخرى للإجابة على بعض الأسئلة التي اعرف اجاباتها لأنني اعتقدت انه مندس وربما يرغب في استدراجي للولوج الى المربع الذي يريد.
بعربية ممزوجة ببعض الكلمات العبرية توشي بان صاحب الكلمات ليس أصلاني ولا يمكن اعتبار العبرية لغته الام، قال انا أبو العريف وبإمكاني ان اساعدك لتصل الى مبتغاك بلا تردد اجبته ان مبتغاي لا يمكن ان يحققه بشر وقعت العبارة على مسامعه كالصاعقة وبادر بالسؤال فسر لي شرح الله صدرك.
لمعت في ذهني فكرة بان نتبادل الأدوار فسألته انا ماذا يمكن أن يقدم لي بحكم انه أبو العرّيف؟ اجابني بلا تردد انه قادر على ان يًتلون بما يتناسب مع رغباتي وطموحاتي وأردف
مستفسراً، ان كنت تبحث عن نبي فانا نبي الله على الأرض وإن كنت تبحث عن لص شريف فانا اتربع على العرش وان كنت تبحث عن لص قميء فانا في المقدمة، اما ان كنت تبحث عن عالم فانا سبقت اينشتاين. اما ان كنت تبحث عن جاهل فانا لست أبا جهل بل انا الجهل ذاته.
استحلفته كيف يمكن ان يكون لصا شريفاً؟ فأجاب بانه في هذه الحالة يسرق فقط من الفاسدين والسارقين، عاودت السؤال كيف ذلك والسرقة سرقة بغض النظر ممن تسرق، فأجاب في هذه الحالة انه بذلك ينتقم لضحايا اللصوص من فئة خمسة نجوم، والذين ينهبون لا لعوز بل للتخريب وهم في الغالب من أصحاب الاجندات الخارجية وان لم يكن كذلك فمشغليهم بالتأكيد أصحاب اجندات هدامة.
أكمل بصيغة التساؤل كيف يمكن فهم ان يسرق أحدهم حواسيب المدارس؟ وهل يتساوى من يسرق حمالة صدر او ملابس داخلية نشرتها عجوز وهي لا تملك غيرها بمن يشتري جيب همر من شركة تبيع السيارات الفارهة بأموال سرقها من قوت الفقراء كهدية لابنته التي بلغت خمسة عشر عاما؟ كيف يمكن ان تساوي بين يتيم يسرق كسرة خبز ليُسكت عصافير معدته بمن يحتكر كل الدقيق سواء من الإنتاج الوطني ام مستورد؟
قاطعته سائلا وهل تعرف كل الفاسدين في بلدنا؟ أجاب دون وجل بأن سيماهم في وجوههم وانه يميزهم عن غيرهم من روائحهم النتنه، عندها لمعت في عقلي فكرةٌ على هيئة سؤال، هل بإمكاني ان ابتاعك ومِمن حتى أتمكن بك ومن خلالك من الوقوف في وجه الفساد واللصوصية؟ فأجاب وكم تدفع في مقابل ان ابيعك نفسي؟ اجبته ان ليس لدي ما ادفعه سوى بسمة اليتيم الذي لن يكون مضطرا لسرقة كسرة خبز في اليوم التالي، سأدفع دعاءٌ من مشرد بلا مأوى أصبح لديه مكان يقيه قيظ الصيف وبرد الشتاء، سأدفع لك من خلال صورة لمجتمع يشبه الى حد ما المجتمع الذي عاشه عمر رضي الله عنه ليس فيه جياع، اما الثمن الأهم الذي سأدفعه لك فهو باقة ورد جوري بلون العلم الفلسطيني اقطفها من اشتال زرعناها على ارصفة بلادي مكان اكوام القمامة التي ستزيحها من شوارع وطني.
قال في صوت مرتعش ومتى نبدأ؟ فقلت ها نحن قد بدأنا على امل ان القاك في المرة القادمة وقد أصبحت عاطلاً عن العمل، واصبحت بلادي نظيفة من الفاسدين والمفسدين واللصوص وأصحاب الاجندات الخارجية.