جنين بين بندقيتين ودمشق بين مسجدين – حدود العقل وحدود التوراة
الكاتب: د. ناصر اللحام
يحاول الاحتلال إخضاع مخيم جنين منذ خمس سنوات، وشن عدة حملات عسكرية على اهله في محاولة لكسر إرادة المخيم، تارة من خلال عملية اسمها "كاسر الأمواج" وتارة "حديقة المنزل" وتارة "جز العشب" . وفي طريقه لتحطيم المخيم وهدم منازله وقصفه وتجريف شوارعه لم يتردد في اطلاق النار وتصفية الجنود وضباط الامن الفلسطينيين وهم على باب مقراتهم فاختلط دم المقاومين بدم الضباط ورجال الامن على بوابات جنين .
وكتب الإسرائيليون ان السلطة الفلسطينية ضعيفة ولا تملك القوة ولا الذخيرة لضبط الأوضاع فهي لا تملك جيشا ولا طائرات ولا مسيرات ولا قوات كوماندوس، كان ذلك لتبرير تنصلها من الاتفاقيات الأمنية وفتح النار على كل فلسطيني يتحرك.
ولأجل الوصول الى نتيجة إيجابية علينا التفريق بين امرين خطيرين: بين الكتائب والمقاومة وبين الخارجين عن القانون، فهذا امر وذاك امر اخر تماما .
وعلينا ان نفرق بين موظفين السلطة ورجال الامن الفلسطينيين الذين انضموا لصفوف الشرطة والامن ودرسوا خمس سنوات في الجامعات ودفع أهلهم ما يملكون لأجل تعليمهم والافتخار بهم رغم ان الراتب عدة مئات من الدولارات ولا يتحصلون عليه، وبين من يتآمر على المقاومة لصالح الاحتلال . فهذا امر وذاك امر آخر تماما .
في كل مرحلة عشتها منذ الانتفاضة الأولى وحتى الآن هناك من يحاول ان يستجير بالكتائب ليغطي على جرائمه. وهناك فئة تحاول ان تستجير بالسلطة لتغطي على مواقفها .
ولأجل ان نحترم عقولنا ، وندافع عن بلدنا وعن صمود الضفة الغربية كلها وندافع عن مستقبل أطفالنا، نقول (ان من يقتل فلسطينيا ومن ينهب ومن يفسد في الأرض يجب ان يخضع للقانون ويقدم لمحاكمة عادلة ويدافع عن نفسه ويحاكم محاكمة عادلة فيحصل على عقوبته او على براءته من الاتهامات والادعاءات).
وان من يتطاول على منازل الشهداء والأطفال اليتامى وشرف مخيم جنين العظيم يجب ان يحاكم ويتحمل مسؤولية اعماله .
وفي دمشق الحبيبة على بعد 350 كم من جنين، تتعلق أفئدة الفلسطينيين بمستقبل الشعب السوري الشقيق، وانا مقتنع بوحدة حال العرب وبوحدة مصيرهم. ومقتنع أيضا ان هناك من لا ينام الليل وهو يرسم مخططات شيطانية للنيل من الامة العربية ومن العواصم .
وجهة نظري الشخصية ان نتخلص من الأفكار المسبقة في محاكمة احداث التاريخ، فهذا يضعف حدود العقل ويربك النفس ويغيّب الصواب. ومن يحمل فكرة مسبقة عن نظام الأسد ويريد الدفاع عنها عنادا ولو كفرا، سيجد نفسه بعيدا عن الواقع .
ومن بدأ بمحاكمة الحكم الجديد في سوريا بأفكار مسبقة ووضع نفسه قيّما أخلاقيا وسياسيا على الشعب السوري وانه يعرف مصلحتهم اكثر منهم، فهو سياسي نزق ومزعج ومخطئ تماما . بل عليه ان يتريث ليرى ماذا يقول الشعب السوري عن ثورته وعن حكمه الجديد وان لا يباشر بتوزيع شهادات الوطنية والولاء على مزاجه .
بالمناسبة ان أمريكا راعية الاستعمار في هذا العالم تحاكم سوريا بناء على ظنونها وافكارها المسبقة، فهي تقيس مدى صلاحية الحكم الرشيد في سوريا بناء على مصلحتها ومصلحة إسرائيل .
وإسرائيل أيضا بدأت تتحدث عن حدودها التوراتية، وهو امر لا يقلقني ابدا، فبعد 34 عاما من المتابعة للشأن الإسرائيلي استطيع ان اكتب وانا مطمئن ان حدود التوراة لم تصلح لحكم تل ابيب نفسها فكيف يمكن ان تحكم سيناء المصرية والشام ولبنان والأردن والسعودية .
انها احدى أكاذيب نتانياهو وقد شربها الناخب الإسرائيلي، لان جماعة التوراة ذاتهم في إسرائيل يرفضون التجنيد في جيش إسرائيل واعلنوا انهم يفضلون الهجرة عن إسرائيل على ان ينضموا لهذا الجيش !!!
فاذا كان أصحاب التوراة يرفضون هذه الجيش !! فكيف لجيش الاحتلال ان يروّج لحدود التوراة ؟