غزة بين قاتل وداعم ومتفرج
الكاتب: خالد بن حمد المالك
يواصل العدو الإسرائيلي حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، يقتل يومياً العشرات وأحياناً المئات، وشهية نتنياهو في صعود لقتل المزيد من الأبرياء، دون حساب للقوانين والأعراف الدولية، فإسرائيل خارج القوانين، متمردة على الأعراف الدولية، منذ ولدت كدولة وإلى اليوم.
* *
والعالم بين مؤيِّد لجرائم إسرائيل، أو متفرِّج لأن ما يجري لا يعنيه، أو من لا حيلة له ليفعل شيئاً أمام مجرم قاتل، وظل التعامل الدولي مع هذه الحرب لا يتجاوز الاجتماعات المفرَّغة من أي نتائج، أو إدانة لا قيمة لها في موازين حرب كهذه الحرب الإسرائيلية القذرة.
* *
أمريكا والدول الأوروبية لا يعنيها في جرائم إسرائيل إلا إيقاف القتال للإفراج عن الرهائن لدى حماس، وليس إيقاف الحرب نهائياً، أي أن الهدف ليس الوصول إلى حل ينهي الحرب، وإنما توقفها على شكل هدنة لتسهيل الإفراج عن الرهائن، ومن ثم تواصل إسرائيل حربها الوحشية دون حساب لوجود رهائنها قد يتعرضون للقتل فيما لو لم تحسب حساباً لحياتهم.
* *
والموقف الإسرائيلي من قتل الأبرياء لم يتغيَّر، ومحاصرتهم ضد وصول الدواء والغذاء لهم هو نهج تقف وراءه سياسة إسرائيلية عنصرية بغيضة وغير إنسانية، ألم يقل أكثر من وزير في حكومة نتنياهو إن على إسرائيل أن تفرغ قطاع غزة من الفلسطينيين، وتعيد احتلالها، وتشجع الاستيطان فيها؟!
* *
إن مستقبل قطاع غزة، ومثلها الضفة الغربية، مستقبل لم يعد غامضاً، أو مجهولاً، أو غير معروف لدى من يتابع مسار الاستعمار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فها هي حكومة العدو الإسرائيلي تعلن على الملأ أنها ستضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، لتكون جزءاً من الدولة اليهودية مع تسلّم الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب.
* *
وها هو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يحضّر لترك منصبه إذا ما تم ضم الضفة الغربية لإسرائيل بإعلانه بأنه في حال شغر منصبه، فإن رئيس المجلس التشريعي هو من سوف يتولى السلطة التي لن يكون لها أي وجود مع قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية إلى الكيان الإسرائيلي المحتل.
* *
لقد توقف الحديث (المخدر!) عن خيار الدولتين، والقول بأن السلام لن يتحقق دون بناء دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، بعد أن أنجزت إسرائيل المهمة بدعم أمريكي أوروبي في القضاء على ما تعتقد أنه مطلب فلسطيني عربي إسلامي بقيام الدولة الفلسطينية المنشودة.
* *
لكن غاب عن أمريكا والغرب، أن شعب فلسطين يقيم في أرضه، ويتمسك بها، وأنه بصموده وثباته لن تهزمه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية المدججة بالسلاح الأمريكي المتطور الفتَّاك، والدليل أن تل أبيب على مدى ثمانين عاماً لم تستطع كسر إرادة الفلسطينيين، وإصرارهم على استعادة أراضيهم.
* *
صحيح أن موازين القوة العسكرية تميل كثيراً للكفة الإسرائيلية من الميزان، ولكنها لم تتمكَّن إلى اليوم، ولن تتمكَّن في المستقبل في إنهاء هذا الصراع الدموي بين أهل الأرض الحقيقيين وأولئك المحتلين.
* *
وآن الوقت لفض هذا النزاع التاريخي غير الإنساني بالتوجه إلى طاولة الحوار، وإلزام إسرائيل بحضورها، وبالوصول إلى ما ينصف الشعب الفلسطيني، ويحقق أحلامه وحقوقه في دولة على ما بقي من أراضيه على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.