برسم العالم: فيتو ضد وقف الحرب
الكاتب: عمر حلمي الغول
الإدارة الأميركية التي اخذت شمسها نحو المغيب برئاسة البطة العرجاء، جو بايدن، لم تحاول في ايامها الأخيرة من مسيرتها السوداء أن تكفر عن بعض ذنوبها وجرائم حربها وابادتها للشعب العربي الفلسطيني، فغرقت في تيه صحراء الموت والفاجعة، وتوسيع دائرة الحروب في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وأوكرانيا، ومنح حلفائها في تل ابيب وكييف الضوء الأخضر تحت قياداتها المباشرة وامدادهم بالمال والسلاح لإدامة وتوسيع اشعال النيران في أقاليم القارات المختلفة كما ذكر ابن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي، ان الإدارة الراحلة تعمل عن سابق تصميم وإصرار على تأجيج الحروب لتلقي بها في وجه الإدارة القادمة، التي دعا رئيسها ال47 الى ايقافها قبل وصوله لسدة البيت الأبيض. للمرة الرابعة تستخدم الإدارة المتهالكة حق النقض / الفيتو ضد مشروع قرار في مجلس الامن الدولي أمس الأربعاء 20 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، رغم تصويت جميع أعضاء مجلس الامن ال14 من الدول الدائمة وغير الدائمة في تحدي واضح للإرادة الدولية، وفي إصرار واضح على استباحة الهيئات والمنابر الأممية كافة، إمعانا في الايغال والابادة الوحشية، دون وازع أخلاقي وقيمي وقانوني وسياسي، انسجاما مع مركباتها الصهيونية والمعادية للسلام والتعايش والتسامح وحرية وكرامة الشعوب عموما والشعب العربي الفلسطيني خصوصا المنكوب بالاستعمار الإسرائيلي فوق النازي. وادعى مندوب الإدارة الأميركية في مجلس الامن رفضه للقرار الاممي بذريعة انها "لن تؤيد قرارا لوقف إطلاق النار في غزة دون الافراج عن الرهائن." مع ان مشروع القرار يطالب بإطلاق سراح المحتجزين وتبادل الأسرى الفلسطينيين، مما كشف الكذبة الكبيرة والمفضوحة، التي لم تعد تنطلي على أحد في العالم. لا سيما وأن بايدن وادارته المسكونة بالحرب والإرهاب ماطلت وسوفت طيلة الشهور الماضية، التي تجاوزت ال13 شهرا، و412 يوما من الإبادة الجماعية، رغم صدور قرار أممي من مجلس الامن ذاته في 10 حزيران / يونيو الماضي تحت الرقم 2735 بهدف إعطاء دولة إسرائيلية اللقيطة وحكومة بنيامين نتنياهو الأكثر نازية المساحة الزمنية التي تحتاجها لمواصلة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لعلها تتمكن من تحقيق بعض أهدافها الإضافية، التي فشلت حتى الان في تحقيق أي منها، سوى الإبادة والتدمير غير المسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأميركي والإنساني المعاصر. ولمزيد من الأكاذيب والتلفيقات والذرائع، أضاف ممثل واشنطن قائلا "وقف غير مشروط لوقف إطلاق النار يعني الاعتراف ببقاء حماس في غزة." وهو وادارته يعلمون أن حرب الأرض المحروقة ضد الشعب الفلسطيني عموما واطفاله ونسائه وشيوخه والاباء خصوصا، وليست ضد حركة حماس، أو ضد فصائل العمل الفلسطينية المختلفة، وكذبة بقاء هذا الفصيل او ذاك، هي كذبة مردودة عليهم في البيت الأبيض. لأن من سلم حماس الحكم في قطاع غزة، هم إسرائيل والولايات المتحدة وادواتهم في الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط لفصل القطاع عن الضفة، وتصفية الكيانية الفلسطينية، التي تدعي الإدارة، انها تريد عودة السلطة الوطنية لتولي مسؤولياتها في محافظات الجنوب. وردا على ادعاءات ممثل الولايات المتحدة في مجلس الامن، قال مندوب الجزائر، إن مشروع القرار مثَّل الحد الأدنى الذي كان من المفترض ان يوحدنا (في مجلس الأمن)، مضيفا "دعونا دائما الى إنفاذ قرارات مجلس الأمن ومعاقبة من يتحدى المجتمع الدولي." وتابع "قدمنا تنازلات هائلة خلال المفاوضات لاعتماد القرار، ولكن عضوا واحدا عرقل كل ذلك"، وهو الإدارة الأميركية، وخلص الى ان "إسرائيل قتلت من الصحفيين الفلسطينيين أكثر ممن قتلوا في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام.. وقتلت إسرائيل في غزة ما يزيد عن 1000 من العاملين في المجال الصحي." ونحو 300 من العاملين في المجال الإنساني الاممي، وتناسى المندوب الجزائري ان يُذكر بعدد عشرات الألوف من الأطفال والنساء والدمار الهائل وحروب التجويع والامراض والاوبئة بالتلازم مع الإبادة بأسلحة الدمار الشامل الأميركية والغربية الاوروبية. مجددا يطرح الفيتو الأميركي الجديد على العالم المنحاز لوقف الحرب، ماذا بعد؟ وما العمل لوقف المحرقة والابادة الجماعية؟ وأين هي الدول دائمة العضوية وغير الدائمة من مسؤولياتها مما يجري؟ هل يجب ان تبقى البشرية جمعاء رهينة دولة أداة فوق النازية ولقيطة تقودها الولايات المتحدة مكتوفة الايدي، أم يجب ان تلجأ لاستخدام القرارات الأممية التي تؤهلها لكبح جماح الموت والابادة والتدمير؟ أجزم ان دول المجموعة الأممية تستطيع ولوج طرق قانونية ووفق قرارات واليات عمل الهيئات الأممية وخاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، من استخدامها لعزل واشنطن وتل ابيب، فهل يفعلون ويتماهون مع روح السلام وقرارات الشرعية الدولية لصيانة السلم والأمن العالميين؟ السؤال برسم العالم كله.