المشروع الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني
الكاتب: د. محمد عودة
من اجل الموضوعية بالضرورة سرد بعض المتغيرات الدولية حتى يتمكن قادة الشعب الفلسطيني من وضع الخطط وتوفير كل عوامل نجاح هذه الخطط خاصة ما يتعلق بالادوات والامكانيات شريطة التمسك بعاملين اساسيين،الثوابت الوطنية وعدالة القضية من جهة والشرعية الدولية من جهة اخرى.
المتغيرات على الصعيد الاسرائيلي:-
لقد اسهم السابع من اكتوبر بتغيير الصورة النمطية لكيان اقنع العالم على مدى سبعة عقود ونيِّف انه ضحية مبرر لها فعل اي شيء لحماية كيانها من خطر محيط معادي تماما وعليه بنى الكيان جيشاً قويا له باع طويل في حماية الكيان عبر زعزعة الكيانات المجاورة .فالجيش الذي لا يقهر والذي تعود على الانتصار في كل حروبه وباوقات قياسية منذ اكثر من اربعماية يوم يحاول تسجيل انتصار جدي على الارض دون جدوى.
الكيان استغل ولا زال السابع من اكتوبر لتمرير برامج استراتيجية وضعها صناع القرار في اسرائيل في ادراج مكاتبهم حتى تحين الفرص،لقد استخدمت اسرائيل هجوم السابع من اكتوبر لدفع السكان في قطاع غزة الى الهجرة سواء بالضغط والاجبار ام بتحويل القطاع الى منطاطق غير صالحة للسكن وبالتالي هجرة ظاهرها طوعي ومحتواها اجباري.
السابع من اكتوبر برهن بما لا يدع مجال للشك ان اسرائيل تخوض الحرب بالنيابة عن قوى الاستعمار بالاخص الولايات المتحدة الامريكية ،فلولا مشاركة امريكا الفاعلة في الحرب سواء من خلال المشاركة على الارض او التزويد بالسلاح الى حماية اسرائيل عبر الحيلولة دون معاقبتها على الجرائم التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي في كل من قطاع غزة والضفة الغربية.
السابع من اكتوبر كشف الادارة الامريكية على حقيقتها (الحزب الديمقراطي)الذي عول عليه الكثيرون بانه اقل عداءا للفلسطينيين فمن المعروف ان عدوان سرائيل التوسعيي يصب بلا ادنى شك في مشروع الولايات المتحدة في حربها ضد الصين وروسيا .الادارة الديمقراطية تغادر البيت الابيض دونما القيام بعمل جاد وقف الابادة الجماعية او حتى حماية المدنيين في فلسطين عبر توفير الغذاء والدواء وتجنيبهم قذائف امريكا الدقيقة والفتاكة.
السابع من اكتوبر وفر الذريعة للكيان لكي يصرح بمخططاته التوسعية بشكل علني ومن على اهم منابر العالم خاصة م تم عرضه من خرائط في الامم المتحدة وباريس اضافة الى التصريحات اليومية لقادة الكيان بضرورة تهجير سكان فلسطين وضم الضفة الغربية واعادة احتلال غزة.
استثمرت اسرائيل السابع من اكتوبر لممارسة الابادة الجماعية بحق اهل قطاع غزة ،اعادة احتلاله والترويج للاستيطان مجددا مضاف اليه السيطرة على مقدرات الشعب الفلسطيني من الغاز الطبيعي والنفط المتوفرين بكثرة في شمال قطاع غزة.
اما على الصعيد الفلسطيني :-
لقد اسهم السابع من اكتوبر في تبيان حقيقة الجيش الاسرائيلي الذي كان متعودا على حسم معاركة نصر اكيد وفي فترة منية قصيرة،حيث ان هذا الجيش لم يسجل انتصارا حقيقيا رغم مرور ما يزيد عن اربعماية يوم على العدوان.فرغم الدمار الهائل في كل المرافق في غزة لا زال هنا اناس صامدون وقاومة تعمل وان بوتيرة اقل.
رغم ان عدد ضحايا الشعب الفلسطيني من المدنيين خاصة الاطفال والنساء يفوق بعشرات المرات عدد قتلى الكيان الاسرائيلي ومع ذلك تعتبر خسار اسرائيل في هذا العدوان الاكبر وعلى كل الصعد ،عدد القتلى ،عدد من اجبروا على ترك مساكنهم،اعداد الهجرة العكسية بما فيها هجرة راس المال والعقول ،الاثر الاقتصادي على الكيان وليس اخرها الاثر النفسي على مكونات المجتمع الاسرائيلي.
ان حجم الضحايا في الجانب الفلسطيني وهمجية العدوان بين عوامل اخرى كثيرة اسهم في اعادة القضية الفلسطينية الى الصدارة وفي كل المحافل اضافة الى انتاج تضامن شعبي غير مسبوق على مستوى العالم.
العدوان كشف لكثير من الحقائق واهمها الصمت المريب للكثير من الدول وعجز المؤسسات الدولية عن القيام بواجبها لوقف العدوان ومنع التطهير العرقي والابادة الجماعية.
اما الان وبعد كل هذا الوقت وفوز ترامب بولاية ثانية بصفته الرئيس السابع والاربعين للولايات المتحدة ومن منطلق معرفتنا بالرجل الذي تلقى في انتخابات 2017 دعم من مريم اديلسون قيمته خمسين مليون دولار مقابل الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل ومباركة ضم مرتفعات الجولان السورية المحتلة .اما في الانتخابات الاخيرة فقد دفعت السيدة اديلسون مبلغ مئة مليون دولار شريطة ان يسمح بضم الضفة الغربية.
نحن نعرف ورغم اختلاف الظروف بين فترتي الرئاسة ان ترامب صاحب مشروع صفقة القرن التي تنسجم ولو جزئيا مع مخطط الجنرالات في غزة ومشروع سموتريش المسمى الحسم في الضفة الغربية ذلك المشروع الذي ينادي به الوزير سموترتش ليل نهار، ربما لا ينجح اي من حكام اسرائيل وامريكا في تمرير مشاريعهم الا ان الاحتمال يبقى واردا وعليه ماذا نحن فاعلون؟
ان على قيادة الشعب الفلسطيني منذ الامس وضع الاستراتيجيات الكفيلة بمنع تحقيق المشروع الصهيو امريكي بل اكثر من ذلك عليها العمل على مراجعة المشروع الوطني الذي فشلنا في انجازة ةتصويب مواطن الخطأ وتطوير المواطن التي نجحنا فيها اضافة الى وضع اسس انجاز المشروع الوطني الفلسطيني ومن اجل ذلك لا بد من توحيد الموقف الفلسطيني عبر توحيد الصف الداخلي بكل مكوناته حول برنامج كفيل و تمتين الجبهة الداخلية عبر محاربة الفساد والترهل والشللية والقبلية اضافة الى خلق اقتصاد مستدام يعتمد على الواردات الوطنية والانتاج المحلي من اجل دعم المواطن وتمكينه من الصمود في ارضه.