حماية حقوق المستهلك والتنمية المستدامة

الكاتب: صلاح هنية

لسان حال الناس اليوم وأمس وغداً: أين حماية حقوق المستهلك في فلسطين؟ لماذا باتت حماية حقوق المستهلك في فلسطين جهداً شعبياً غير مؤطر؟ لماذا لا يشعر المستهلك أن له سنداً حكومياً واضحاً؟
محطاتك اليوم متعددة، والمنطق أن تقف أمامها بمسؤولية تتناسب مع مهمتك ( من هو الذي أقر أن يكون سعر كيلو غرام لحمة العجل 60 شيكلاً؟) ( اشتريت عبر التجارة الإلكترونية وورِطت ورفضوا الاعتراف ) ( طلب تاكسي بدون تشغيل العداد 20 شيكلاً ) ( المنتج فاسد وتاريخ انتاجه سليم ) ( احتلال الرصيف وعدم إتاحته للناس ) ( ارتفاع الأسعار بشكل أعلى من الحد المنطقي).
كل هذه القضايا تتابع ولكنها تتراكم بشكل متسارع باتت بحاجة لتطوير منظومة حماية حقوق المستهلك في فلسطين، وأن لا تبقى مسؤولية جمعية حماية المستهلك القائمة على التطوع وغياب الميزانية وغياب الطاقم الوظيفي المساند، وبقيت كل المسائل عبارة عن وعود لم تتحقق حتى تنظيم هذا القطاع.
تدرك جمعية حماية المستهلك عناصر قوتها وأهمها أنها تمتلك قوة الردع حتى لو لم تستخدمها بل يكفي أن تلوح بها، تعرف أن لديها قاعدة جماهيرية قادرة على التأثير وحضرت بقوة في أكثر من مناسبة لتصويب أوضاع قائمة، ولاحظ المشككون قوة هذه القاعدة وتنوعها من أكاديميين مختصين، وسيدات مؤثرات، وطلبة، ونقابيين، وعمال، وغيرهم وتركوا أثرا واضحا في قضايا مركزية تهم المجتمع سواء الإفراط في استخدام الشيفارو في الخبز، أو المبالغة في أسعار الأدوية في فلسطين مقارنة بأسعارها في دول الجوار، وباتت هناك تجارة موازية من أسواق خارجية، رفع أسعار الدواجن واللحوم بشكل لا يتناسب مع قدرة المستهلك، توحيد الحد الأدنى لأسعار تأمين المركبات والعمال، والمؤسف أنه في ذروة هذه الضغوطات من الجمعية يتحرك عديد الوسطاء لإنهاء التحرك وليس حلها ووضع حد لها، ورغم ذلك حققنا نجاحات في القضايا التي حولت الى قضايا رأي عام للضغط والتأثير.
استطاعت جمعية حماية المستهلك التشبيك مع مجموعات الضغط والمصالح لحماية حقوق المستهلك في ملفات مركزية؛ مثل الاتصالات والبنوك وحقوق المستهلك والدفع المسبق والمبلغ المقطوع الذي يشكل تراكمه مبالغ طائلة.
ماذا تقول مبادئ الامم المتحدة لحماية حقوق المستهلك ...
إن حماية المستهلك تدخل في صميم حقوق الجميع في التنمية المستدامة والشاملة. وتتطلب أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر مشاركةَ مستهلكين يتحلون بالمسؤولية والتمكين من أجل بلوغ غاياتهم. ويتمثل السبيل الوحيد في إطلاق القوة التحويلية الكامنة التي يتمتع بها المستهلكون في التجارة المحلية والدولية في ضمان مستوى رفيع من حماية المستهلك، وكذلك تعزيز الممارسات الجيدة في مجال الأعمال التجارية التي تسعى إلى تحقيق نفس الهدف.
ويهدف منشور تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال حماية المستهلك إلى تزويد صناع السياسات والقائمين على الإنفاذ بأسس للتدبر في الآثار الايجابية التي تنطوي عليها حماية واستدامة. وسيساعد هذا المستهلك في تعزيز تنمية أكثر شمولاً في سبيل تحسين إطار حماية المستهلك، مع القيام في الوقت نفسه بصياغة وتنفيذ استراتيجيات التنمية. وبالمثل، فإنه يركز على الصلة الوثيقة بين خطة التنمية المستدامة عام 2030 ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لحماية المستهلك، خصوصاً الهدف 12 المتعلق بالاستهلاك والإنتاج المستدام، والهدف 3 المتعلق بالصحة وتوصيلها وفق معايير الجودة والرفاهية.
بات ملحاً أن نضع أولويات المستهلك على الطاولة وطرح وعيه بقوة، ولن يكون مادة دسمة لشهوة التسوق ولحملات التسوق، بل سيكون قادراً على التأثير ولن ينتظر اسناداً، بل سيحمل درع جمعيته ويصون حقوقه بها، وسيحول جمعيته الى مؤسسة اهلية قاعدية تضم في صفوفها جيشا من المتطوعين، ينهضون بمبادئ حقوق المستهلك وسيكونون شركاء للإجراءات الحكومية المنتصرة للناس، وللفئات الأقل قدرة، وأن تلك تلك أولوية الحكومة وبوصلة قراراتها، خصوصاً في ضوء الحصار المالي الذي يضعف قدرة الناس على استدامة العيش ويضرب قدراته الشرائية، وهذه الحماية يجب أن تكون شاملة لكل محافظات الوطن، حتى تلك التي هي تحت العدوان في قطاع غزة.