نبض الحياة: استقلال فلسطين من رحم الإبادة
الكاتب: عمر حلمي الغول
مرت أمس الجمعة 15 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي الذكرى ال36 لإعلان الاستقلال، وهي الذكرى الثانية التي تحل على الشعب العربي الفلسطيني في زمن الإبادة الجماعية الصهيو أميركية، بعد مرور 407 أيام من الكارثة والنكبة الجديدة والموت والفاجعة غير المسبوقة طيلة عقود الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث قدم الشعب تضحيات هائلة بلغت نحو 44 الفا من الشهداء وما يزيد على 103 الاف من الجرحى، غير المفقودين والدمار المروع والامراض والتجويع والاوبئة والتهجير القسري الداخلي في حدود قطاع غزة.
ومع ذلك، ورغم الالام والموت المعلن، وعدم تمكن العالم عن وقف حرب الأرض المحروقة حتى الان، بسبب هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على مقاليد الأمور حتى اللحظة الراهنة في المنابر والهيئات الأممية بدءً من مجلس الامن الى الجمعية العامة للأمم المتحدة الى آخر مؤسسة دولية، لكن تشبث الشعب بأرض الوطن والمشروع والاهداف الوطنية، واصراره على الدفاع عن حقه في الحياة والاستقلال وتقرير المصير والعودة للديار التي طردوا منها، رغما عنهم وتحت تهديد وترويع المجازر الصهيونية الوحشية، ورغم تكالب القوى الدولية وبعض العربية على الحقوق السياسية والقانونية والإنسانية الفلسطينية، الا ان الاستقلال للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية آت قريبا لا محالة.
لأن تعاظم الدعم الدولي شعوبا ودولا والمحاكم الأممية العدل والجنائية الدوليتين للشعب الفلسطيني وحقه في الحياة والكرامة والاستقلال والعودة، وعدم توانى الغالبية العظمى من دول العالم وشعوبها عن رفع صوتها والتصويت لصالح القرارات الأممية ذات الصلة بحقوقه ومصالحه الوطنية، ومنها قرارا اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء 13 تشرين / ثاني / نوفمبر الحالي، من خلال اللجنة المعنية بحقوق الانسان والشؤون الإنسانية يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على ارض دولته المستقلة، وحقه في الحرية والاستقلال وانهاء الاحتلال الإسرائيلي دون تأخير، وشدد القرار على ان هذ الحق غير قابل للتصرف او التفاوض، ولا يخضع لأي شروط بما فيها ما يسمى "التدابير الأمنية" التي تروج لها إسرائيل. واهمية القرار في اشارته الى رأي محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي، داعيا إلى إنهائه فورا باعتباره عائقا أمام تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير واستقلال دولته. وصوت لصالح القرار 170 دولة، منها أستراليا وجميع دول الاتحاد الأوروبي، إضافة الى غالبية دول اميركا اللاتينية وآسيا وافريقيا. وعارضته 7 دول منها إسرائيل والولايات المتحدة وكندا والارجنتين وبارغواي وميكرونيزيا ونيرو وبالاو. وتلازم مع القرار الاممي الهام قطع تركيا علاقاتها بدولة إسرائيل الخارجة على القانون، وسبقها انعقاد القمة العربية الإسلامية في الرياض في 11 تشين ثاني / نوفمبر قبل 5 أيام، التي أكدت على الحقوق الفلسطينية من خلال بيانها الختامي، الذي تضمن ما يزيد عن 30 بندا من مجموع بنوده، وغيرها من القرارات العربية والإسلامية والاممية.
ما ذكر أعلاه، يؤكد ان العالم وشعوبه، التي مازالت مظاهراتها المؤيدة للشعب الفلسطيني متواصلة وتتخذ اشكالا متعددة للتعبير عن رفضها الإبادة الجماعية، وتطالب بوقف الحرب فورا ودون قيد او شرط، ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية وخاصة في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وتفضح حكوماتها المتواطئة مع دولة الإبادة الإسرائيلية، يعكس حجم الانزياح المتدحرج لصالح الحق الفلسطيني، ويزيد من عمق ازمة واشنطن وتل ابيب.
ومما لا شك فيه، ان هذا الزخم العالمي سيتمكن لاحقا، وفي المستقبل المنظور من كبح النزعات الأميركية، ووضع حد لبلطجتها وغطرستها واستباحتها للمنابر الأممية، وأيضا على الاشقاء العرب والدول الإسلامية مجتمعة من اقران ما تضمنه بيانها الختامي بالفعل، من خلال استخدام أوراق القوة المتوفرة بأيديهم، لأن قيمة أي بيان بمدى ترجمته فعليا على الأرض من خلال استخدام المصالح المتبادلة كورقة ضغط حقيقية.
كما ذكرت آنفا، اعتقد جازما ان استقلال دولة فلسطين قادم لا محالة، وهذا ليس قولا عاطفيا، ولا إسقاطا رغبويا، ولا هو ثرثرة إنشائية، انما ترسم ملامحه العوامل الذاتية والموضوعية ووقائع وصيرورة الصراع، وعمق أزمات العدو الصهيوني والأميركي ومن يدور في فلكهم. لأن الإبادة الجماعية على الشعبين الفلسطيني واللبناني فقأت العيون كافة، وكل يوم تتسع وتتعاظم عملية التضامن العالمي مع الشعبين الشقيقين، والرياح جميعها تدفع بعربة الاستقلال الفلسطيني قدما للامام.