الشرق الأوسط المجنون.. لا ينقصه مجانين من أمريكا
الكاتب: د. ناصر اللحام
حين أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 2018 بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، لم تكن إسرائيل تطلب ذلك أساسا ولا حتى اليمين المتطرف فيها. ولكن سفير أمريكا في تل ابيب فريدمان العنصري كريه الذكر ومستشار ترامب وصهره كوشنير خدعا الرئيس الأمريكي وقالا له : إن العرب والمسلمين لن يفعلوا شيئا ولن تسقط السماء على الأرض لو قمنا بضم الجولان السوري المحتل وقمنا بضم المستوطنات في الضفة الغربية واذا نقلنا السفارة . وهذا الكلام كان في البث المباشر لنقل الحدث .
وفي نهاية 2023 بعد أكتوبر وما حدث، قال ترامب: لو انا رئيس أمريكا ما كان 7 أكتوبر يحدث أصلا !!.
ولا احد من مستشاريه قال له انه هو شخصيا كان السبب في 7 أكتوبر، وان قراره نقل السفارة من تل ابيب الى القدس ودخول المتطرفين اليهود لاقتحام المسجد الأقصى كان السبب الأول والمباشر في قيام حماس بتنفيذ عملية ( طوفان الأقصى ) .
وحين سقط ترامب في الانتخابات السابقة ، كان نتانياهو اول زعيم في العالم هنأ جو بادين رئيسا لأمريكا وكتبت الصحافة العبرية ( صار ترامب من الماضي والان علينا ان نراهن على الحصان الفائز ) . وقبل ان يعود ترامب رئيسا قالت تل ابيب ( صار بايدين من الماضي ونراهن الان على ترامب وليس على الحصان الخاسر ) .
عاد ترامب رئيسا .. وامامه احتمالين فقط:
- ان يكرر أخطاء انحيازه الكامل لليمين الإسرائيلي العنصري المتطرف ويحقق لهم تدمير اخر فرصة في السلام وفي إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين ، وهذا وارد .
- ان لا يكرر أخطاء المرة الأولى وألا يسمح ل " مجانين أمريكا " بتهييج مجانين تل ابيب اكثر ، وان يسجل صفحة في التاريخ ويتخلد اسمه . فهو رجل كبير في العمر ولن يمكث طويلا على وجه الأرض .
ماذا يكتب التاريخ عن القادة؟.
يكتب التاريخ اقل من سطر واحد واحيانا مجرد كلمة واحدة بجانب اسم كل قائد وكل رئيس ( ابراهام لينكولن محرر العبودية – رونالد ريغان الحرب الباردة – جوزيف ستالين الجدار الحديدي– تشاوتشيكو مالك رومانيا – ميخائيل غورباتشوف انهيار الاتحاد السوفييتي – جواهر نهرو استقلال الهند – غاندي – بن غوريون – اسحق رابين – عرفات مؤسس فتح – السادات الحرب والسلام – جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس – معمر القذافي ... ).
كل رجل يرحل عن هذه الدنيا وجدنا كلمة واحدة بجانب اسمه .. ولا يزال عدة قادة لم يكتب التاريخ بعد بجانب أسمائهم بعد ، ومنهم رونالد ترامب وبنيامين نتانياهو ومحمود عباس ومحمد بن سلمان وعبد الفتاح السيسي.
النوايا لوحدها لا تكفي ابدا .. جمال عبد الناصر حاول بكل قوة مصر ان ينتصر في حرب واحدة ولكن السادات هو الذي انتصر في الحرب ، وعرفات عمل طوال حياته ليكتب بجانب اسمه انه حرر القدس ولكن كتبوا يجانب اسمه " اتفاقيات أوسلو " .
نتانياهو حلم حياته ان يكتب بجانب اسمه ان قام بتطبيع السعودية للاعتراف المجاني بإسرائيل ودخول الإسرائيليين الى مكة والرياض . ولكنه يريد هذا التطبيع مجانا ودون ان يقدم للسعودية او العرب او المسلمين أي شيء !! وقد وصلت به الوقاحة حين قام بالتطبيع مع المغرب ومع الامارات والبحرين والسودان انه قال علنا (انا لا اريد سوى التطبيع مع السعودية) ولكن التاريخ على ما يبدو سوف يكتب بجانب اسم نتانياهو " السابع من أكتوبر " .
رونالد ترامب لا يريد قطعا ان يكتب التاريخ بجانب اسمه انه طلب من الرعاع اقتحام مبنى الكونغرس او انه محارب شركة هاواوي ، أو انه دمر الشرق الأوسط وتسبب في عداء وكراهية لليهود ولأمريكا لمئات السنين القادمة .
هذه ليست فرصة الشعب الفلسطيني الأخيرة، بل انها فرصة عمر ترامب ليفعل شيء له قيمة في هذا الشرق الأوسط المجنون الذي لا ينقصه مجانين واشنطن.