واشنطن دفعت تكاليف الإبادة
الكاتب: عمر حلمي الغول
من الضروري بين الفينة والأخرى فضح وتعرية الولايات المتحدة الأميركية، وتسليط الضوء على عمق تورطها في الموقف المعادي للقضية الفلسطينية، ومصالح وأهداف الشعب الفلسطيني عموما، وبعد 7 تشرين اول / أكتوبر 2023 خصوصا، ومدى انغماسها وضلوعها حتى النخاع بإبادة الشعب الفلسطيني، وقيادتها دفة الموت والفاجعة والكارثة والنكبة الفلسطينية الأكثر هولا ووحشية في التاريخ المعاصر، والتي فاقت في فظائعها وسرياليتها الهمجية ما شهدته الحربين العالميتين الأولى والثانية، لتذكير الذات والاشقاء العرب والشعوب والدول الإسلامية والعالم عموما بما ارتكبته، وترتكبه الإدارات الأميركية المتعاقبة من جرائم حرب يندى لها جبين البشرية.
في هذه الزاوية سأعطي مساحة أساسية لما قدمته إدارة جو بايدن من أموال لدعم النفقات العسكرية لدولة إسرائيل اللقيطة واستنادا الى ما كشفه معهد "واتسون" لدى جامعة "بروان" الأميركية يوم الاثنين 28 تشرين / اول أكتوبر الماضي، نتاج بحث أجراه حول هذا الملف، الذي أكد فيه، أن نسبة 70% من النفقات العسكرية الإسرائيلية من أموال الخزانة الأميركية على الإبادة الجماعية في فلسطين عموما، وقطاع غزة خصوصا حتى شهر أيلول / سبتمبر الماضي، أي قبل انطواء صفحة العام الأول من حرب الأرض المحروقة على الشعب الفلسطيني لتحقيق مآربها ومصالح الغرب الامبريالي عموما، وغايات واهداف الائتلاف الإسرائيلي فوق النازي الحاكم.
وأشار البحث الى أن "مجمل التمويل الأميركي للمجهود الحربي الإسرائيلي، بلغ أكثر من 22 مليارا و760 مليون دولار أميركي". وشمل ذلك نحو 17,9 مليار دولار، وافقت عليه الحكومة الأميركية، أرسلتها كمساعدات أمنية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وأماكن أخرى من 7 تشرين اول / أكتوبر، وحتى نهاية شهر أيلول / سبتمبر الماضي، وكلفة العمليات العسكرية التي نفذها الجيش الأميركي، بينها إرسال مقاتلات ومدمرات وحاملات طائرات الى المنطقة، ونشر منظومات دفاع جوي في إسرائيل. وهو مبلغ يفوق كثيرا ما تم تقديمه في أي سنة أخرى منذ بدأت الولايات المتحدة الأميركية منح إسرائيل المساعدات العسكرية لإسرائيل من عام 1959.
ويصف التقرير، ان هذا ليس سوى مبلغ جزئي من الدعم الأميركي المقدم خلال هذه الحرب الوحشية. كما تشكل العمليات العسكرية الأميركية ذات الصلة في المنطقة الأوسع نطاقا منذ بدأت الإبادة الجماعية جزءً من الصورة الكاملة، وعلى وجه الخصوص، وسعت البحرية الأميركية بشكل غير مسبوق من عملياتها الدفاعية والهجومية ضد المسلحين الحوثيين في اليمن، وقد تصاعدت الاعمال العدائية لتصبح الحملة العسكرية الأكثر استدامة التي تشنها القوات الأميركية منذ الحرب الجوية ضد ما يسمى تنظيم "داعش" في العراق وسوريا ما بين 2016 / 2019. وقد كلفت العمليات العسكرية الأميركية، بما في ذلك اليمن، الحكومة الأميركية 4,86 مليار دولار (مدرجة في الرقم الإجمالي من التقرير البالغ 22,76 مليار دولار).
وللعلم فإن الحرب الجوية على "داعش" كانت لذر الرماد في العيون العربية والإسلامية والاميركية والعالمية، لأن من أسس ودعم "داعش" وغيرها من المجموعات الإرهابية بمختلف مسمياتها وفي مقدمتها تنظيم "القاعدة" الأخواني باسم الدين الإسلامي لتنفيذ وتكريس أهدافها في السيطرة على الدول العربية، وتمزيق وحدة أراضيها وشعوبها وفق ما ذكرت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية في إدارة باراك اوباما الأسبق في مذكراتها، وبالتالي حربها المذكورة آنفا، انما هي حرب وهمية، ولا يجوز الربط بينها، وبين ما جرى ويجري ضد الشعب العربي الفلسطيني.
ومن خلال ما تضمنه تقرير معهد "داتسون"، فإن حجم المساعدات والمشاركة الفعلية للقوات الأميركية واساطيلها البحرية وغيرها من المساعدات لإسرائيل في مجالات الحياة المختلفة السياسية والديبلوماسية والإعلامية، يؤكد أنها، هي أولا وعاشرا، إدارة بايدن من قاد دفة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وهذا ما أكده الرئيس بايدن مباشرة في الأيام الأولى منها، عندما زار دولة إسرائيل الخارجة على القانون في 18 تشرين / اول / أكتوبر 2023. وكان هذا التغول الأميركي والاصطفاف المكشوف والمفضوح في قيادة دفة الإبادة الجماعية أحد عناوين سقوط مرشحة الرئاسة الأميركية الديمقراطية كمالا هاريس في الانتخابات الأخيرة.