وثيقة كامبل بنرمان تأسيس للنكبة
الكاتب: د. محمد عودة
كما سبق ووعدتكم في مقال سابق بان اتناول بالتفصيل الوثائق والأشخاص الذين ورد ذكرهم في المقال المذكور وكان من بينهم هنري كامبل بنرمان والوثيقة المعروفة بوثيقة كامبل ها انا اتناولها بنوع من التفصيل.
تعد وثيقة هنري كامبل بنرمان احدى اهم الوثائق الصادرة عن الحكومة البريطانية حول منح اليهود وطناً في فلسطين وتنص الوثيقة حسب ما جاء في ملف وثائق فلسطين في جزئه الاول الصادر عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر سنة 1969 صفحة 121- على عقد "مؤتمر لندن الاستعماري" سراً بلندن في الفترة 1905-1907 بدعوة من حزب المحافظين البريطاني.
لقد وجد خبراء الغرب وفقاً لما ورد في الوثيقة أن إنشاء كيان غريب (هو الكيان اليهودي) في غربي البحر المتوسط يعد وسيلة لإيجاد قلعة متقدمة ترعى المصالح الغربية، وتضمن ضعف المنطقة إضافة الى التخلص من اليهود.
شارك في مؤتمر لندن بين 1905و 1907 كبار علماء التاريخ والاجتماع والجغرافيا والزراعة والبترول والاقتصاد، وفي ختام المؤتمر اتفق المجتمعون على رفع توصيات إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بنرمان، حيث أكد المؤتمرون على:
إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم، ويربطهما معاً بالبحر الأبيض المتوسط، بحيث يشكل -في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس- قوة عدوة لشعوب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية وترعى مصالحها وتمنع وحدتها وهو ما حدث ويحدث فعلاً بغض النظر عن صحة الوثيقة أو زيفها. ثمة وثائق تتطابق مع مضمون وثيقة كامبل فعندما التقى مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل برئيس الوزراء البريطاني جوزيف تشمبرلن سنة 1902، قال له هيرتزل إن قاعدتنا يجب أن تكون في فلسطين التي يمكن أن تكون "دولة حاجزة" بحيث تؤمن المصالح البريطانية.
ان عدم الحصول على الوثيقة لا يعني انها غير موجودة حيث كثر انعقاد مؤتمرات استعمارية في تلك الفترة وكان أمراً طبيعيا ومتكررا وهناك وثائق بريطانية تعتبر شواهد على حدوث تلك المؤتمرات غير أن نص وثيقة كامبل بنرمان غير موجود بين تلك الوثائق وان عدم الحصول عليها لا ينفي وجودها حيث ان الوثائق في بريطانيا تقسم الى: -
• قسم يتم نشره، حيث يُنشر معظمه بعد ثلاثين سنة.
• قسم يؤجل إلى خمسين سنة.
• وقسم يؤجل الى خمسة وسبعين أو حتى مئة سنة.
• وقسم يُحفظ دون قرار بنشره وقسم يتم إتلافه
وهذا يعني أن ثمة عملية غربلة متأنية مسبقة تتم للوثائق بحيث تتم مراعاة المصالح العليا للدولة وأسرارها الخطيرة، وانعكاسات نشر الوثائق على الدول والمؤسسات والأفراد، وعلى الحلفاء والأعداء. وهذا قد يسمح باستنتاج أن ثمة وثائق يتم إخفاؤها أو إتلافها إذا كانت -حسبما يرى المعنيون- تضر بمصالح الدولة أو تتسبب في إدانتها.
إن القوى الاستعمارية بشكل عام تملك من الذكاء والخبرة والحذر بحيث لا تضع وثائق كهذه -إن وجدت- بين أيدي الباحثين، بسبب ما تتضمنه من أدلة إدانة قاطعة. وفي بعض الأحيان يكون هذا النوع من التوجهات والتوجيهات والقرارات شفوياً أو غير مكتوب في نصوص موثقة، أو غير قابل للنشر والتداول، كما تفعل دول عديدة في وقتنا المعاصر.
كما أن الوقائع على الأرض تؤكد على محتوى وثيقة كامبل، فقد تمّ إصدار "وعد بلفور وإصرار بريطانيا نمو وتطور المشروع الصهيوني في فلسطين ومن اجل ذلك سحقت ثورات الشعب الفلسطيني طوال ثلاثين عاماً بغية انجاز البنى التحتية للدولة اليهودية.
وفي هذا السياق قدم هيربرت صمويل -اليهودي الصهيوني والوزير في الحكومة البريطانية التي كان يرأسها أسكويث مذكرة سرية للحكومة البريطانية في يناير/كانون الثاني 1915، طالب فيها باحتلال فلسطين وفتح باب الهجرة والاستيطان لليهود ليصبحوا أغلبية السكان، مشيراً إلى المزايا الاستراتيجية للسيطرة على فلسطين.
لم يكن يعلم ان انجاز هذا المشروع الاستعماري اسهل مما تصور وان التواطؤ من ابناء سايكسبيكو وفرساي سيفوق كل خيال.كانت الادوات ارخص مما اعتقد هيبرت صمويل وريسه اسكويث.اما استئصال هذا الورم الكبير فانه يحتاج الى استئصال كل الاورام الصغيرة والتي اسس لها الاستعمار من محيطنا الى خليجنا.اما نحن اصحاب الارض فمطلوب منا ان نعيد رسم خريطتنا بما يضمن اشراك كل ابناء فلسطين في مشروعنا الوطني وبعيدا عن اي املاءات او اجندات خارية.