دونالد ترامب "سيطيّر" نتنياهو من السلطة في أول فرصة
الكاتب: عيران ياشيف
لدى الأميركيين تعبير هو High maintenance person، يصفون فيه شخصاً يتطلب صيانة عالية. أعتقد أن هذا هو السبب الذي من أجله سيطرد ترامب نتنياهو من الحكم، عاجلاً أم آجلاً. وسيتصرف ترامب بهذه الطريقة لسببين يعتمدان على اعتبارات اقتصادية:
الأول، هو أن ترامب يرى في نتنياهو شخصاً يتطلب "صيانة عالية". لقد حصلت إسرائيل من بلده على نحو 18 مليار دولار كمساعدة عسكرية في السنة الماضية. وترامب يفكر ويقول إنه لا يريد توظيف أموال أميركية، لا في أوكرانيا، ولا في إسرائيل. والاستمرار في دفع الأموال في الشرق الأوسط ليس مطروحاً على جدول أعماله. أمّا السبب الثاني، فهو أن ترامب يرغب، بشدة، في التوصل إلى اتفاق مع السعودية يجعله ثرياً، هو وعائلته، مثلما حدث في اتفاقات أبراهام. الشرط السعودي لمثل هذا الاتفاق هو دولة فلسطينية، لكن نتنياهو وشركاءه من اليمين أقسموا على معارضة إقامة دولة فلسطينية. والسعوديون سيطالبون برأس نتنياهو.
هل لدى ترامب أيّ التزامات إزاء نتنياهو؟ الجواب هو "كلا". لقد حقد ترامب على نتنياهو بسبب علاقته بجو بايدن. والآن، بعد أن تحرر من اعتبارات الانتخابات، لم يعد هناك أيّ أهمية للوعود الانتخابية. وفي جميع الأحوال، لن يُنتخب ترامب لولاية ثالثة. علاوةً على ذلك، يقلل ترامب، ظاهرياً، من إظهار عدائه وعداء عائلته للسامية، لكن سياسة والده في تأجير الشقق في نيويورك كانت طافحة بالعداء لليهود.
كيف "سيطيّر" ترامب نتنياهو؟ في تقديري، هناك طريقتان: الأولى، أن يرسل رسالة إلى الأحزاب في إسرائيل، وعلى رأسها الأحزاب الحريدية، مفادها أن نتنياهو "أنهى مسيرته المهنية"، وهم سيفهون ذلك بسرعة كبيرة. والطريقة الثانية، استخدام الضغوط المالية، العصا والجزرة، على نتنياهو والليكود، وعلى قوى أُخرى.
وسيكون لمثل هذه الخطوة تداعيات مختلفة. من جهة، ستقدم مساعدة كبيرة للديمقراطية الإسرائيلية وأمن إسرائيل. نتنياهو هو المسؤول المباشر عن أكبر أزمة في تاريخ إسرائيل، وسيذكره التاريخ بأنه من أكثر الذين خربوا الشعب اليهودي من الداخل...
لم يكن نتنياهو زعيماً جيداً قط. لقد كان السياسي الذي نجح أكثر من الجميع في البقاء في منصبه لأنه اعتاد توزيع الوعود، ونسب الفضل لنفسه من دون أيّ علاقة بالواقع (على سبيل المثال، ازدهار قطاع الهاي-تك لم يكن بفضله، لكنه تباهى به) ونظراً إلى نجاحه في التهرب من تحمُّل المسؤولية عن الإخفاقات، حتى قبل 7 أكتوبر (فقد كان هو المسؤول عن التحريض الذي أدى إلى اغتيال رابين). وبمرور السنوات، ازدادت تطلعاته الاستبدادية، وأصبحت الفضائح والافتراءات أشد شراسةً، وإزداد التأثير السيئ لعائلته والمقربين منه. وأصبحت نرجسيته مرَضية.
من ناحية أُخرى، إيران وأذرعها منتبهون لتراجع التأييد الأميركي لإسرائيل، ومجيء زعيم أميركي، هو صديق فلاديمير بوتين، يساعد إيران.
سيواجه الذين سيخلفون نتنياهو ظروفاً جيو - سياسية صعبة. لقد سبق أن تسبّب ترامب بضرر استراتيجي عندما ألغى الاتفاق النووي مع إيران. ويمكن أن تكون الأضرار المستقبلية أخطر كثيراً.
المصدر: هآرتس
المؤلف: عيران ياشيف