ماذا لو استمرت الحرب بعد الانتخابات الامريكية ..
سوف يلقى جميع الاسرى الإسرائيليين حتفهم بقذائف وصواريخ أمريكية تسقط على غزة ، وتتحول حرب غزة ولبنان الى حرب استنزاف ومقاومة جيوب (اضرب واهرب) وتتكرر تجربة الفيتكونغ الفيتنامية مع الجيش الأمريكي قبل ستين عاما، بحيث لا يصبح للوقت أهمية ولا احد ينتظر اختراقا من الوسطاء "الفاشلين" وتصبح الغاية الوحيدة للمقاومة في غزة قتل الجنود واصطيادهم واستنزاف جيشهم. ولن يسيطروا على متر واحد في غزة ويتبدد وهم الاستيطان في كل مكان من غزة الى حدود لبنان الى الضفة لان كل المناطق سوف تشبه غزة تلقائيا ، وهذا ما حدث في الانتفاضة الأولى حين قمع الاحتلال بقوة مبالغ فيها انتفاضة مخيم جباليا عام 1989 فصارت كل البلاد تشبه جباليا .
تضمحل شريحة المثقفين الليبراليين الفلسطينيين والعرب الذين يدعون الى التفاهم والى المفاوضات ولا يبقى امامهم سوى خيارين اما الهجرة او الجلوس في منازلهم بصمت وخوف. وهذا سيكون اول مسمار في نعش الأنظمة العربية التي سوف تدرك في العام الثاني للحرب ان ما حدث في غزة سوف يقوّض استقرار حكمهم وتعود الانقلابات العسكرية الى العالم العربي بشكل اقوى من افريقيا .
ويهاجر المزيد من الإسرائيليين الى غير رجعة لان إسرائيل تكون قد انتقلت من مشروع استعماري استثماري ناجح الى منطقة نزاع دموي وقاتل. وتصبح إسرائيل عبئا على أمريكا والغرب وليس درعا للدفاع عنهم .
ربما تغيب الصفوف القيادية الأولى من التنظيمات وتستطيع إسرائيل اغتيال المزيد منهم لكن يتولى الامر بعدهم جيل لا يعرف الا القتال ولا يفهم الا لغة البقاء من اجل الانتقام .
تضعف السلطة الوطنية الفلسطينية لدرجة تستحق الشفقة، ويبدو دورها الخدماتي باهت وفقير الى ابعد حد فيؤثر ذلك على أجهزة الامن الفلسطينية التي ستتحول رويدا رويدا الى عبء على السلطة وميزانيتها المنهوبة من المستوطنين، لان الاحتلال يستخف بها ويعتقل ضباطها ويسجنهم .
تقوى الخلايا المنفردة التي تنمو تلقائيا في كل حي وفي كل شارع، ولا يكون لها تنظيمات تقودها. فتصبح عملياتها صادمة و"انتحارية " جريئة من دون أي اعتبار لأية معايير سياسية نمطية .
اذا نجح نتانياهو في تفكيك الجناح العسكري لحركة حماس كما فعل شارون مع الجهاز العسكري مع فتح قبل 20 عاما ، فان الجيل الجديد من المقاومة الإسلامية سوف ينفخ الجمر تحت الرماد حتى يتقد ، وتصبح خلايا القسام أكثر حدة واكثر تجرؤا واكثر انتقاما .
لا يمكن الحديث عن تقليص دور التنظيمات في المجتمع الفلسطيني وعلى رأسها فتح وحماس وباقي التنظيمات الوطنية والإسلامية الا بوجود برلمان فلسطيني فاعل وهذا ما نجح به عرفات في 1996 . وان الجنود الإسرائيليين الذين فجروا مبنى البرلمان الفلسطيني في غزة والتقطوا الصور التذكارية بداخله قبل تفجيره ، لم يكونوا يعلمون انهم وقّعوا على شهادة تمديد تاريخي لعمل التنظيمات لثلاثين عاما قادمة . فالمجتمع لا يسير من دون قيادات وطالما ان البرلمان الفلسطيني لا يعمل وليس له حصانة اهم من حصانة الكنيست ، ويقوم بن غفير يوميا باعتقال نواب البرلمان الفلسطيني فان التنظيمات سوف تترسخ بشكل اقوى واشد واخطر.
سوف تصبح الأهداف الامريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية والإيطالية وحتى التشيك هدفا مشروعا لجميع حركات التحرير العربي واجنحتها العسكرية. ويبدأ عصر جديد من عصور (غزغزة العالم العربي ) فكل العواصم غزة وكل الأعداء إسرائيل وكل قادة الغرب نتانياهو.
يطيب لغلاة اليمين الإسرائيلي ولا اعرف لماذا يطيب لكثير من المثقفين العرب الحديث المبالغ فيه عن تهجير الفلسطينيين. ولو افترضنا ان حكومة نتانياهو قتلت وهجرت مليون فلسطيني فان الأمور ستعود الى المربع الأول ، الى الستينيات من العقد الماضي . وكل مهاجر طرد من منزله وغادر الوطن سوف يجمع النقود دولارا فوق دولار ليشتري مسيرة ويضرب بها تل ابيب ولو كان في مكة او كان في المنامة او في صعيد مصر او السودان ، وهذا سوف يجدد الصراع لأربعة أجيال قادمة.
العام الأول من الحرب كانت امنية كل فلسطيني ان تتوقف هذه الحرب . وفي العام الثاني للحرب سوف يصبح وقف الحرب مطلبا لكل الملوك والامراء وزعماء الاستعمار وقادة المخابرات في البيت الأبيض وفي عواصم الغرب كله.