سيف الحق بالكلمة والميدان والعلم
الكاتب: بكر أبوبكر
إن كل من يواجه الظلم والطغيان بكل الوسائل المتاحة أو الممكنة أو المختارة شملته الآية الكريمة عندما أذن الله للذين يقاتَلون ويُخرَجون من ديارهم بالمجابهة والله على نصرهم لقدير، وما أبشع من الاستعمار (الاستخراب) والاحتلال من ظلم، يشتمل على خراب الديار وقتل الأهل وتشريدهم وضياع الذكريات وسلب الارض؟!
قال المولى عز وجل (أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) (الحج:39). هي أول آية كريمة نزلت بالإذن بالقتال، وبمنطق "التهيؤ للدفاع عن أنفسهم"
ووراء سبب نزول هذه الآية الإشارة الهامة لنقاط خمسة هي كالتالي
أولًا: حق الدفاع عن النفس والشعب والديار. وهو ما كفلته لاحقًا كل الشرائع الدولية بما فيها الصادرة عن الامم المتحدة وحق الشعوب بتقرير المصير.
وثانيًا: ضرورة الاستعداد المسبق والتهيؤ، وفيه تهيؤ نفسي ذاتي للثوار ومثيله داخل المجتمع والجماهير.
وثالثًا: امتلاك وسائل صدّ العدوان سواء المادية الكفاحية او النفسية والاعلامية والتدريب المسبق عليها إضافة الى الوسائل المجتمعية الحاضنة وكسبها وحمايتها، وبما تشتمل عليه هذه الوسائل حديثًا من الاعتراف والحماية، والدعم من قبل المحيط بحالتنا العربية ومن ورائها الدولية.
ورابعًا: فكرة الإذن بالقتال (الجهاد، النضال، الثورة، المقاومة..بمصطلحاتنا الحديثة) التي تنتقل من الإذن القرآني العام بضرورته بكل زمان ومكان وبذات الحالة، الى الإذن المرتبط بقرار الأمة (او الشعب بالحالة الوطنية) عبر قائدها، ما يعني حُسن التخطيط واجتراح البدائل وإيجاد المخارج.
وخامسًا: امكانية النصر من الله تعالى بلا سلاح ولا دماء ولا قتال ما يعني أولوية فكرة السعي للسلام على الإقدام على الحرب هذا عامة، حيث القول المولى (وإن الله على نصرهم لقدير) (الحج:39) أي هو "قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال" حسب ابن كثير في تفسيره مضيفًا "ولكن هو يريد من عباده أن يبلوا جهدهم في طاعته".
أصدرت الأمم المتحدة في 15/ كانون الأول/1970، قرارها الذي أكدتْ فيهِ على حق الشعوب في تقرير مصيرها وضرورة الإسراع في منح الاستقلال للشعوب والبلاد المُستعمرة وعلى"شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية المُعترف بحقها في تقرير المصير لكي تستعيد ذلك الحق بأية وسيلة في متناولها". ونلاحظ في هذا القرار أن الجمعية لم تكتفِ فقط بإقرار المصير ومطالبتهِ للشعوب، بل أكدتْ أيضا على شرعية النضال والكفاح والاستقلال للشعوب الخاضعة لسيطرة الاستعمار بأية وسيلة للوصول إلى حقهم، كما يحصل الآن في فلسطين التي تناضل ضد المستعمر(المستخرِب المحتل) لتحرير دولة فلسطين القائمة ولكنها تحت الاحتلال.
كما ورّد هذا التأكيد في قرار آخر طلب من جميع الدول الأعضاء الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها وتقديم الدعم المادي والمعنوي وكافة أنواع المساعدات للشعوب التي تناضل من أجل هذا الهدف.
وفي حالة فلسطين الخاصة كان القرار الأممي بتاريخ 8/12/1970 حيث الاعتراف لشعب فلسطين بحق تقرير المصير ومما كان نصه: "تعترف لشعب فلسطين بالتساوي في الحقوق وبحق تقرير المصير، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وتعلن أن الاحترام التام لحقوق شعب فلسطين غير القابلة للتصرف، هو عنصر لا غنى عنه في إقامة سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط." وبالقرار عام 1974 حيث جاء "وتعترف (الامم المتحدة) كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه". ثم ما كان بالعام 1975 من إنشاء "لجنةَ الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف" وصولًا لدولة فلسطين عضوًا مراقبًا بالامم المتحدة عام 2012، ثم بقرارالجمعية العامة للأُمَم المتحدة في يوم 10 مايو 2024 بأحقية انضمام فلسطين بصفتها دولة في الأمم المتحدة.
خلاصة القول في هذه النقطة أن الشريعة الإلهية العادلة، والتي تبعتها الشرائع الأممية قالت بضرورة استلال سيف الحق بكافة الأشكال لرد العدوان، وحق الثورة والكفاح ضد المحتل الاجنبي وتخصيصًا أمميًا أيضًا لقضية فلسطين وصولًا لتحرير دولة فلسطين، وما يجب السعي لتحقيقة بإيمان لاينثني، وبإرادة موحدة مثابرة، وعزيمة لا تلين ونصر من الله ويقين.