خلافة السنوار وتفاقم الازمة
الكاتب: عمر حلمي الغول
مما لا شك فيه، ان استشهاد رئيس حركة حماس، يحيى السنوار يوم الخميس 17 تشرين اول / أكتوبر الحالي كان خسارة كبيرة لحركته وانصارها، وترك فراغا تنظيميا وسياسيا وعسكريا وتحديدا داخل قطاع غزة، مع ان بعض المصادر، ولا أعرف مدى دقتها، لكن دون اهمالها وتجاهلها، أفادت ان زعيم حماس كان يريد مغادرة القطاع الى مصر، وبالتالي يفترض انه أجرى ترتيبات تنظيمية وعسكرية ومالية ولوجستية بين القيادات والكوادر الباقية في قطاع غزة.
لكن لعدم اليقين والتأكد من مصداقية المصدر. لا سيما وان السنوار كان طيلة 377 يوما السابقة من الإبادة الجماعية على استشهاده يتنقل بين خانيونس ورفح، حسب المصادر الإسرائيلية، التي هي أيضا تنقصها الدقة. مع ذلك، فإن وجود أبو إبراهيم في الموقع بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية، أي في تل السلطان يعد امرا طبيعيا، وليس بالضرورة للمغادرة والخروج من القطاع، حتى لو كانت أسرته غادرت الى تركيا أو لبنان او غيرها من الدول سابقا، كما افاد المصدر آنف الذكر، وبالتالي غيابه ترك فراغا، رغم ان شقيقه محمد المعروف، بانه مهندس الانفاق، إذا افترضت وفقا للرواية الإسرائيلية استشهاد محمد الضيف، القائد العسكري للحركة، فإنه الرجل الثاني بعد أبو خالد، وهو ما يعني، عدم وجود فراغ عسكري، غير ان الجوانب التنظيمية والمالية والإدارية اللوجستية، بالضرورة شهدت فراغا، وتحتاج الى ترتيبات لمواصلة القيادة على المستويات المختلفة.
غير أني لا أعتقد، أن حركة حماس ستواجه مشكلة حقيقية في انتخاب رئيسا جديدا للحركة وفق الاليات التنظيمية المتبعة، خاصة وان استشهاد رئيس الحركة السابق يحيى السنوار، ليس الأول الذي يستشهد، ولن يكون الأخير، وبالتالي ستنحصر المنافسة حسبما أتوقع، ويتوقع الكثير من المراقبين والمتابعين لأعضاء المكتب السياسي لحركة حماس بين كل من خليل الحية، نائب رئيس الحركة في قطاع غزة ومسؤول ملف مفاوضات تبادل الاسرى ووقف الحرب القذرة، حيث مازالت الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية ضد أبناء الشعب في القطاع لليوم 380، ولهذا قد تكون الأولوية من نصيب إقليم غزة، وخالد مشعل، رئيس الحركة في الخارج، الذي يتمتع بعلاقات عربية وإسلامية وخاصة في أوساط التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولديه خبرة سياسية أكثر من الاخرين، مما قد يعطيه فرصة في استعادة موقعه السابق كرئيس للحركة. لا سيما وان المرحلة القادمة تحتاج الى رجل علاقات عامة، كما يجري التداول باسم محمد درويش، رئيس مجلس الشورى في الحركة كحل وسط بين خليل وخالد، وبالمحصلة الشخص الذي تتوافق عليه الأقاليم الثلاثة سيتولى رئاسة الحركة، ولن يطول الانتظار حتى يخرج الدخان الأبيض من الدوحة عن اسم الرئيس الجديد.
غير ان غياب السنوار فاقم أزمة الحركة، لأن الراحل كان يمسك بمقاليد الأمور السياسية والتنظيمية والمالية الإدارية والعسكرية، وكون غالبية أعضاء المكتب السياسي موزعين بين الدوحة وانقرة او إسطنبول وبيروت، ولهذا قد ينشب التنافس بين ديوك الحركة على تقاسم الكعكة التي تركها الشهيد السنوار. ولإن طبيعة المرحلة الراهنة واللاحقة تحتاج الى إعادة توزيع المسؤوليات، خاصة وأن التجربة القصيرة التي تولى فيها أبو إبراهيم المسؤوليات كافة، لم تكن ترضِ الغالبية من أعضاء المكتب السياسي، ولا حتى أعضاء مجلس الشورى، ولا قيادات الأقاليم في الضفة والخارج، ولأن شروط اللحظة السياسية والعسكرية والتداعيات التي حملتها تجربة الشهور الماضية من الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني ضاعفت من حالة السخط الشعبي في قطاع غزة على الحركة تحديدا. لأنها لم تأت أوكلها، وعليها علامات استفهام كبيرة، مما سيترك بصمات غير إيجابية، ويزيد من منسوب التناقض بين أقطاب الحركة.
ولهذا قد تتدخل بعض القوى العربية والإسلامية وخاصة قيادة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين على خط ترجيح كفة الرئيس القادم، وعلى كيفية توزيع تركة الراحل السنوار بين قادة الحركة النافذين والمؤثرين في مسيرتها. الا أن المؤكد لن يقبلوا بتكرار نموذج مرحلة الرئيس السابق. لأنها لم تكن تتوافق مع مرجعيات الحركة والتنظيم الدولي للإخوان، وكون الشهيد ابر إبراهيم فرض نفسه بالقوة مستفيدا من هجوم طوفان الأقصى، وكونه كان الممسك على الأرض بتلابيب الحركة. ولكن اعتقد إن اللحظة الراهنة غير ما كانت عليه قبل شهور، وتغيرت المعادلة نسبيا. وقادم الأيام سيميط اللثام عن الكثير من التفاصيل.